خبر : دايتون وآفاق المرحلة القادمة ... د.ذوالفقار سويرجو

الأحد 20 سبتمبر 2009 02:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دايتون وآفاق المرحلة القادمة ... د.ذوالفقار سويرجو



  بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 93 وما تلاها من اتفاقات أمنية... توقع الكثيرون من رواد السياسة الأجانب والعرب والفلسطينيون والإسرائيليون ببداية مرحلة جديدة ستشكل حجر الأساس للوصول للحل النهائي للصراع العربي الصهيوني على أساس حل الدولتين وإعلان إنهاء الصراع ولكن الأمور لم تستوي مع هذه الرؤية المتفائلة خاصة بعد مرور أكثر 16 عاماً على توقيع هذه الاتفاقيات وذلك لأسباب عديدة وكثيرة سنعرج عليها من خلال هذا المقال.وهنا جدير بالذكر التذكير بمقولة لأوريي سافير ( كبير المفاوضين الإسرائيليين في اتفاقيات أوسلو) " بأن أوسلو كانت نقطة البداية وليست نقطة النهاية ولولا مقتل " رابين" ونجاح " نتنياهو" في انتخابات 96 لكان الحل النهائي على الأبواب هذه الأيام والكلام هنا " لسافيد ( انتهى).وهنا نؤكد على أن هذه الاتفاقيات ارتبطت ارتباطاً تاريخياً بأشخاص وبأسماء منفردة لم تستند إلى إعادة الحقوق لأصحابها حتى تكتب لها الحياة ...... ولكن رغم كل ذلك لا نستطيع الحديث عن أي اتفاقيات أو تفاهمات أو مؤتمرات عُقدت بعد أسلو بمعزل عنها فجميع هذه الاتفاقيات هي ملحقات لأوسلو أو لا شئ.نخص بالذكر خارطة الطريق وشروطها الأمنية والتي تلزم السلطة بمحاربة الإرهاب أي المقاومة وجمع الأسلحة واعتقال المناضلين وعدم المشاركة في أي مواجهات مع الإسرائيليين حتى المستوطنين منهم.وهنا ظهرت مهمة " دايتون" الشهير في كيفية تطبيق بنود خارطة الطريق ومواجهة الحالة الفلسطينية بأيادٍ فلسطينية ( من دهنه وقليله) ......ويجدر الذكر أيضاً على أن الرجل حقق نجاحاً كبيراً في تحييد السلطة وإنشاء أجهزة أمنية جديدة حسب اتفاقيات أوسلو تكون مهمتها حفظ أمن الإسرائيليين أينما وجدوا حتى ولو في نص رام الله، وتم دفع الملايين من الدولارات من الميزانية الأمريكية لتحقيق ذلك والتي ستنتهي بـ 100 مليون دولار في عام 2010 لاستكمال المهمة، أي مهمة " دايتون" والتي نجحت بالمعنى النسبي في تفكيك الخلايا والمنظمات المعادية لأوسلو عسكرياً واعتقال المئات من رجال المقاومة تارة بحجة الالتزام بتعليمات " دايتون"، أي بخطة خارطة الطريق، وتارة بحجة عدم تكرار تجربة غزة.... ولكن رغم كل ما سبق ما زالت هذه السياسات وهذه الاتفاقيات والتفاهمات مرتبطة بأسماء بحد عينها وهي تكبر وتصغر وتضمحل ارتباطاً بحضور هذه الأسماء وغيابها، وهنا يجدر الذكر بأن " رابين" انتهى " ونتنياهو" عاد من جديد في 2009، والرئيس محمود عباس موجود ولكنه يعاني من مشكلة ازدواجية السلطة في غزة والضفة، أو ما يسمى " بالانقسام الفلسطيني" ولكن صعود " أوباما" إلى السلطة في الولايات المتحدة أضاف زخماً جديداً للسلطة ورئيسها..... خاصة أنه معروف بتوجهاته السياسية واهتماماته بالملف الخارجي خاصة القضية الفلسطينية، ولكن رغم كل ذلك حدث الصدام بالمعطيات الجديدة في الساحة السياسية أولها تمسك نتنياهو بسياسة الأمن الاقتصادي وإيلاء هذه المهمة القسط الأكبر من اهتماماته على حساب المسائل السياسية ورفضه التام لأي تجميد، أو ووقف ولو مؤقت للاستيطان لأسباب مواقفه الشخصية وطبيعة تركيبة حكومته المتطرفة. وهذا يضع " دايتون" وملايينه على الرف لحين ممارسة ضغوط أكبر من قبل الإدارة الأمريكية.أما ثانياً: وهي المحاولات الحثيثة التي تقوم بها مصر وأطراف فلسطينية عديدة من أجل تشكيل حكومة وطنية تشارك بها حماس، وهذا يتطلب وقف جميع إجراءات " دايتون" في حق المقاومة وأبناء حماس وهذا بالطبع مرفوض أمريكياً وإسرائيلياً، ويبقى حال الانقسام قائمة مما يزيد من ضعف السيد الرئيس كممثل للشعب الفلسطيني ويضع الكثير من العقبات في طريقه.أما النقطة الثالثة: وهي الانتخابات الفلسطينية المستقبلية والتي قد تفاجئ الجميع بنجاح حماس في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.. وانتهاء مرحلة محمود عباس وصعود أسماء جديدة.. مما سيضع " دايتون" وخطته في مزبلة التاريخ..... وتكون نهاية حقيقية لاتفاقيات أوسلو وتوابعها ومغادرة " دايتون" للمسرح السياسي الفلسطيني، ويصبح لزاماً على جميع الأطراف التعامل مع حركة حماس ومحاولة احتواءها قبل الانتخابات وبعد الانتخابات، خاصة وأن هناك شهية مفتوحة لدى قادة حماس لفتح خطوط سرية وعلنية مع الأمريكيين، ومحالات الحركة الالتفاف على برنامجها السياسي بالإعلان بالقبول بالبرنامج المرحلي لـ م.ت.ف وهو الدولة على حدود 67 والتمسك بقرار 194 فيما يتعلق بحق العودة وهنا يصبح التفاوض مع حما س أكثر سهولة بهدف الوصول لحل الدولتين ولكن على أساس اتفاقيات جديدة لا علاقة لها بنصوص أوسلو ولكنها ستكون نصوص مُعدلة لهذه الاتفاقيات.. لن يكون لـ " دايتون" دوراً فيها.. وهنا قد تعود جميع الأطراف للحديث عن الحلول والدولة والحدود المؤقتة التي تحمل في طياتها مخاطر أكثر ضرراً بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني وستشطب وإلى الأبد 100 عاماً من النضال لنعود لسياسة تأجيل الصراع وترك الأمور على ما هي عليه تتراوح بين تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين، وتحسين وضعهم الإنساني دون الخوض في القضايا الرئيسية وهي ( القدس واللاجئين والحدود والمياه..) وكل ما سبق بالطبع يخدم خطة " نتنياهو" ( الأمن الاقتصادي).لا يمكن اعتبار كافة التحركات السياسية التي تطفو على السطح هذه الأيام إلا بالتحركات الفاشلة والتي لا تمتلك أي آفاق حقيقية لإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني والوصول إلى حل الدولتين العقيم.. خاصة وأن كل هذه التحركات مرتبطة ارتباطاً عضوياً بأوسلو و" دايتون" ولن ينتج عنها سوى ضياع الوقت وزيادة معاناة الفلسطينيين وترسيخ سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية.وهنا يظهر السؤال : ما العمل وما المطلوب من القيادات الفلسطينية والعربية لمواجهة المرحلة القادمة.أولاً: إعلان انتهاء اتفاقيات " أوسلو" وما ترتب عليها وعدم القبول بها كمرجعية لأي اتفاقيات قادمة.ثانياً: سحب المبادرة العربية وعدم الترويج لها خاصة أنها تتساوق مع " أوسلو" في قضم الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وتشطب حق العودة، وتفتح المجال واسعاً للتطبيع مع دولة الكيان دون وجود أي معطيات تؤشر لقبول الحكومات الحالية والمتعاقبة لدولة الكيان بأي حلول منصفة للشعب الفلسطيني.ثالثاً: الدعوة لمؤتمر دولي كامل الصلاحيات يعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية وليس التفاوض عليها كما حصل مع مسيرة " أوسلو" الفاشلة.رابعاً: التوقف عن اعتبار السلام خياراً استراتيجياً والعمل على دعم روح المقاومة فكرة ونهجاً وممارسة ضمن خطة شاملة تعيد القراءة السياسية لكل الأوراق وبشكل عميق.وغير ذلك... سنبقى ندور في حلقة مفرغة وسيبقى " دايتون" وغيره يلاعبوننا "لعبة القط والفأر". (انتهى)