يديعوت أحرونوت -بقلم: يوسي يهوشع - في الأسبوع الماضي والذي تفجرت في أثنائه أزمة الشيخ جراح مرة أخرى، مع إحراق البيوت والسيارات، الذي أدى إلى وصول النائب ايتمار بن غفير وفتحه لمكتبه في المكان، كان تقدير الجيش الإسرائيلي ثابتاً ولا لبس فيه: رغم كل هذا، فلن تتدخل حماس غزة، ولن تطلق الصواريخ. لدرجة أن قيادة الجيش الإسرائيلي توصي الآن بتنفيذ سلسلة أخرى من التسهيلات المدنية في غزة، وذلك بهدف مواصلة المساعدة للاقتصاد النامي الذي يلوح كعامل مركزي في الهدوء إلى جانب ردع تحقق بعد حملة “حارس الأسوار” وأسئلة غزية داخلية لحماس مثل: ماذا أفادتنا هذه الحرب؟
مرت تسعة أشهر، ويمكن الإعلان بأنها الفترة الأكثر هدوءاً التي تشهدها إسرائيل منذ فك الارتباط في 2005. الجمهور الذي اعتاد على الهدوء المنشود، كبت أغلب الظن الأيام التي كانت تنقط حماس فيها كمية كهذه كل مساء وكميات مضاعفة في الجولات القتالية. الإنجاز مبهر أكثر في ضوء حقيقة أن هذا الهدوء تحدته سلسلة أحداث أمنية، كل منها يشكل احتمالاً متفجراً للتصعيد: من هروب السجناء من سجن جلبوع، عبر القبض على خلايا حماس في حملة اعتقالات في مناطق الضفة، وقتل المقاومين في جنين قبل عدة أشهر، وحتى عملية المستعربين الذين قتلوا ثلاثة مقاومين في وضح النهار في نابلس قبل أسبوع.
منذ حملة “حارس الأسوار” وحكومة إسرائيل تعمل بدعم من الجيش و”الشاباك” ومنسق أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية] على سياسة واسعة للغاية في المجال المدني، تؤدي إلى انتعاش اقتصادي سريع في غزة. وذلك نتيجة لإدخال البضائع، وتوسيع مجال الصيد وزيادة إنتاجه، وإعطاء تصاريح لإدخال مواد بناء، ودعم في إقامة المشاريع، وزيادة عدد العمال الذين يخرجون للعمل في إسرائيل إلى حد أقصى بمقدار 10 آلاف في اليوم.
لم تؤد التسهيلات فقط إلى تحسين الوضع الاقتصادي وانخفاض واضح في معدلات البطالة، ولكنها -مثلما تحدثت مصادر اقتصادية رفيعة المستوى في غزة- سياسة تتحدى حماس بشكل ذكي وتدفع الجمهور للابتعاد عن الحركة، في ظل بث الأمل به وفتح أفق لمستقبل أفضل. عامل من غزة يخرج للعمل في إسرائيل يكسب اليوم مبلغ 5 آلاف شيكل، بل وأكثر من ذلك في الشهر. ما يجعله شخصاً ثرياً أكثر من ضباط كبار في حماس، بمقاييس غزة.
لقد جرت زيادة عدد العمال رغم مخاوف “الشاباك” من عمليات مقاومة، حيث إن الجيش دفع في البداية باتجاه إدخال 5 آلاف عامل في اليوم، بينما يبلغ العدد اليوم 10 آلاف. معظمهم يعملون في مجال البناء والزراعة ولا سيما في منطقة الجنوب، ويعودون كل يوم إلى القطاع. ورغم كل المتشائمين، نجحت هذه الخطوة والتوصية الآن هي لزيادة العدد في المدى الزمني الفوري إلى 12 ألفاً بل ومضاعفته لاحقاً.
مطلوب لهذا العمل ترشيح “الشاباك” لكل اسم، لكن سياسة وزير الجيش بني غانتس ورئيس الوزراء نفتالي بينيت واسعة، وإذا ما ساد الهدوء فستستمر على هذا النحو. ويضاف لكل هذا أن يحيى السنوار زعيم ذكي يحس جيداً نبض الجمهور. لا هو ولا مسؤولوه الكبار تحدثوا في موضوع الشيخ جراح، والأمر الأخير الذي يريده هو هدم الإنجازات الاقتصادية الآن. ولا ننسى أن المنظمة العسكرية هي المستفيدة في النهاية.
السنوار، الذي يشعر بمزاج الشارع، يعرف بأن جمهوره لا يزال يسأل أسئلة مثل: لماذا خرجنا إلى حرب أيار؟ وهل كان هذا يستحق ضرب البنى التحتية؟ ويدرك أيضاً أنه ليس مجديا تعريض الخطوات الاقتصادية للخطر، وإغلاق معبر ايرز، وإغلاق مجال الصيد، ومنع دخول البضائع في معبر كرم أبو سالم من أجل التضامن مع الشيخ جراح. في ضوء كل هذا، تدرك إسرائيل أن الخطاب الاقتصادي هو السائد في غزة، والسياسة المدنية الواسعة أثبتت نفسها، رغم استغلال حماس لها. وعليه، فإن الجيش يقدر أن الهدوء سيستمر. فما الذي يمكن أن يخرقه؟
مثلاً، إذا قرر تنظيم الجهاد الإسلامي إطلاق الصواريخ، وإن بشكل رمزي، فسترد إسرائيل بقوة، وسننظر إلى جولة قصيرة.
رغم التوقع المتفائل للجيش الإسرائيلي بشأن غزة، الوضع مختلف تماماً في الضفة. هناك تلاحظ في الأسابيع الأخيرة يقظة للميدان، ولا سيما في شمال السامرة، حيث تجد تعبيرها في الارتفاع في العمليات في محاور السير والمقاومة الشعبية. كل هذا بالتوازي مع الارتفاع في عدد أحداث جباية الثمن التي من شأنها أن تشعل المنطقة.