أوعز المستشار القضائي السابق للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، للمسؤولين في جهاز الشرطة، بالتوقف عن استخدام برمجيات التجسس التابعة لشركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، إلا في حالات استثنائية لـ"إنقاذ الأرواح".
جاء ذلك بحسب ما أوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية، مساء اليوم، الإثنين، في أعقاب الإعلان عن تشكيل لجنة "تقصي حقائق" حكومية حول استخدام الشرطة لبرنامج "بيغاسوس" للتجسس على مواطنين ومسؤولين وناشطين إسرائيليين.
وفي هذه الأثناء، تتعالى أصوات أعضاء كنيست في الائتلاف والمعارضة على حد سواء، للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، ذات صلاحيات أوسع من "لجان تقصي الحقائق" أو "لجان الفحص".
وعن تجاوزات الشرطة في استخدام برمجيات NSO للتجسس على مسؤولين ومواطنين دون أمر قضائي، أبدى وزير القضاء، غدعون ساعر، تأييده لتشكيل "لجنة تحقيق رسمية" لفحص تجاوزات الشرطة.
وقال ساعر، في مقابلة تلفزيونة، مساء اليوم، إن "هذه اللجنة (لجنة التحقيق الرسمية) تملك كل الأدوات المطلوبة للتحقيق، ويتم تعيينها من قبل هيئة مستقلة، وهي رئيسة المحكمة العليا".
وأضاف ساعر "أعتقد أن هذا ما ينبغي فعله (تعيين لجنة تحقيق)؛ يجب على جميع السلطات أن تتصرف في إطار القانون. المطلوب هو إجراء فحص شامل. إذا أقدم أحدهم على إجراءات دون سلطة تخوله بذلك يجب أن يحاسب".
من جانبه، وصف وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، خلال جلسة لكتلة حزبه ("يسرائيل بيتينو")، تجاوزات الشرطة "إذا صحّت"، على حد تعبيره، بأنها "زلزال بقوة 9 درجات على سلم ريختر".
وأضاف ليبرمان: "لقد تحدثت مع سكرتير الحكومة وأبلغته أنني سأطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية يوم الأحد"، وتابع "يجب جلب قاضٍ متقاعد للتحقيق في جميع الظروف والنتائج والتوصل إلى استنتاجات واضحة - وليس تبييض هذه القضية كما كان الحال في قضية التنصت على المكالمات الهاتفية".
كما طالب رئيس كتلة الليكود في الكنيست، ياريف ليفين، بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في قضية الشرطة - NSO، مشددا على ضرورة إجراء تحقيق "فوري ومعمق ومستقل".
واقترح ليفين على الائتلاف، التوجه مع المعارضة إلى الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، على اعتباره "شخصية توافقية" ومطالبته بـ"تعيين لجنة تحقيق في استخدام برامج التجسس، بالتعاون مع ممثل عن كتل الائتلاف وآخر عن كتل المعارضة".
وأعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومير بار-ليف، في وقت سابق، الإثنين، تشكيل لجنة حكومية لتقصي الحقائق حول قضية برنامج "بيغاسوس" واحتمال تعرض مواطنين وشخصيات عامة لمساس بحقوقهم، وأشار إلى أن "اللجنة ستكون مخوّلة بصلاحية لجنة تحقيق رسمية فيما يتعلق باستدعاء شهود والتحقيق معهم".
وكان مندلبليت قد أعلن تشكيل لجنة لفحص استخدام الشرطة تطبيق "بيغاسوس" للتجسس على مسؤولين وناشطين ورؤساء بلديات وسلطات محلية.
وعارض المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، تشكيل لجنة التحقيق، كما عارض مندلبليت هذه الخطوة عندما توجه إليه بار-ليف، قبل ثلاثة أسابيع، بعد نشر "كالكليست" التحقيق الأول حول تجسس الشرطة على مواطنين بواسطة برامج NSO، وفق ما ذكر موقع "واينت" الإلكتروني.
ونقل الموقع عن مسؤول في وزارة الأمن الداخلي قوله إن "مندلبليت قال إن هذا سيفكك الشرطة ويستهدف محاربة الجريمة في المجتمع العربي". وأضاف أن مندلبليت فضّل تشكيل طاقم تقصي حقائق من قِبله، تقوده نائبته، عميت مراري.
وكشفت صحيفة "كالكليست"، في تقرير جديد نشرته اليوم، أن استخدمت الشرطة الإسرائيلية برنامج برنامج "بيغاسوس" بشكل واسع وزرعت هذا البرنامج في هواتف مجموعة من منتخبي الجمهور ورجال أعمال ومدراء عامين لوزارات وصحافيين وناشطين ومقربين من رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، وكذلك في هاتف نجله أفنير.
ووفقا للصحيفة، فإن الشرطة استخدمت برنامج التجسس من دون استصدار أمر من المحكمة. وأفادت الصحيفة بأن أفراد طاقم العمليات الخاصة في وحدة السايبر في الشرطة اخترقوا على مدار سنوات، بشكل سري بواسطة "بيغاسوس"، هواتف مواطنين وسيطروا عليها، "انطلاقا من إدراكهم أن القضاة لن يصادقوا على عمليات كهذه".
وجرت عمليات التجسس هذه عندما كان يتولى منصب المفتش العام للشرطة روني ألشيخ، الذي تولى قبل ذلك منصب نائب رئيس الشاباك. وكان يتولى قيادة وحدة السايبر ضابط الشرطة يوآف حسن، ورئيس دائرة التكنولوجيا الضابط يوسف كاحلون. والأخيران جاءا إلى العمل في الشرطة بعد خدمتهما في وحدة التنصت 8200 في الجيش الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، اليوم، تطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، إلى تقرير "كلكلسيت"، قائلا إنه "إذا كانت الأمور التي نُشرت صحيحة، فهذا خطير جدا. وهذه الأداة ("بيغاسوس") وأدوات مشابهة لها، هي أدوات هامة جدا في محاربة الإرهاب وكذلك في محاربة الجريمة الخطيرة، لكنها ليست معدة لاصطياد واسع بين مواطني إسرائيل أو في صفوف الشخصيات العامة، ولذلك علينا أن نفهم ماذا حدث بالضبط".
وقالت وزير الداخلية، أييليت شاكيد، لموقع "واينت" الإلكتروني، إنه "واضح أنه في دولة تستخرج فيها الشرطة معلومات من هواتف رؤساء بلديات ومدراء عامين لوزارات وناشطين اجتماعيين، هي دولة لا تستحق أن تُسمى ديمقراطية".
وأضافت شاكيد أن "ينبغي أن نفهم الحقيقة. ويستحق الكنيست والحكومة والجمهور معرفة الحقيقة والحصول على أجوبة. وفي هذه الحالة لا مفر من لجنة تحقيق خارجية"، وأن "هذا زلزال حقيقي. وهذه ممارسات تلائم أنظمة ظلامية في القرن الماضي والتي يحظر أن نكون مشابهين لها".
من جانبه، عقب الرئيس الإسرائيلي، هرتسوغ، على التقرير الصحافي معتبرا أنه "يحظر علينا أن نفقد ديمقراطيتنا، ويحظر علينا أن نفقد شرطتنا، وبالتأكيد يحظر علينا أن نفقد الثقة بهما. وهذا يستوجب تقصي حقائق معمق وجذري".