خبر : كارت أصفر لقناة 'الجزيرة' ... إسماعيل القاسمي الحسني

الخميس 10 سبتمبر 2009 03:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كارت أصفر لقناة 'الجزيرة' ... إسماعيل القاسمي الحسني



  نعم، أقولها بكل صراحة ووضوح، في وجه الدكتور فيصل القاسم: فلاح عربي من عمق ريف الجزائر يشهر البطاقة الصفراء، ما هكذا أورد القوم من قبلك الإبل.هي حصة ’الاتجاه المعاكس’، يوم 01/09، استضاف خلالها الدكتور واحدا من أعلام المشايخ، والثاني من منظمة التحرير الفلسطينية، عنوانها الموضوع الأخطر بالنسبة للأمة الإسلامية، مدينة ’القدس الشريف’.سؤالي: ما قيمة قناة ’الجزيرة’ بغير المشاهدين؟ من المؤكد لا شيء، إذن لا يكفي في تقييم هذه القناة أداؤها، مهنيتها، كفاءة طاقمها وموادها الإعلامية، الشاهد والحكم على كل هذا هو المشاهد نفسه.في آخر الحصة وردا على الشيخ الذي حاول إثبات تفاعل الشعوب العربية والإسلامية مع قضية ’القدس الشريف’ وفلسطين عموما، يصف الدكتور هذه الشعوب وردة فعلها ’بالزيطة والزنبليطة’ على حد تعبيره، وأنها لا تفعل أكثر من خروجها إلى الشوارع يوما أو يومين، ثم تعود إلى حياتها الروتينية . أقر أنني لست مؤهلا للوقوف في وجه علم إعلامي مثلك، ومع تقديري العالي لمكانتك العلمية والمهنية، أؤكد لك أني لست أراك أكثر من بشر مثلي له هنات، وهذه واحدة منها، فكلنا راد ومردود عليه إلا صاحب القبر الشريف. وقبل أن أعود إليك، أقف بين يدي فضيلة الشيخ.لعله جانبك التوفيقصب الشيخ جام غضبه على الحكام، الذين قطعوا في وجهه ووجه الأمة سبيل الجهاد، وأوصدوا جميع أبوابه، لتحرير ’القدس الشريف’، رد عليه محاوره بالتساؤل عمن منعه من ذلك، فاستدل بأعمال السلطة الفلسطينية في الضفة، التي تلقي القبض على كل من سولت له نفسه محاربة الاحتلال، تنفيذا منها لاتفاقياتها مع العدو، والتي تستند في مجملها لخطة دايتون، مؤكدا أنه لن يذهب إلى هناك لتزج به عناصر السلطة في السجن؛ وهنا لي وقفة.لقد رفعت صوتي من خلال هذا المنبر الشاهق، أيام العدوان على غزة، في وجه علماء الأمة وخاصة منهم رجال الأزهر، وهم على مرمى حجر من بلاد هاشم، يدعون للجهاد من غرف نومهم، لولا أجمعتم أمركم، ولم تلتفتوا لا للشعوب ولا للحكام، وقمتم أنتم أنفسكم بما تدعون إليه خالصا لوجه الله، لو ذهبتم في واحد أو ألف، ماذا عساه يفعل الحاكم بكم؟ يقتلكم؟ إذن تلكم الشهادة التي تزعمون مرامها، لم يرهن الخالق الشهادة بجنسية القاتل في حدود علمي بقدر ما رهنها بنية القتيل؛ أم يسجنكم؟ فذلكم الجهاد المعظم، ما يضركم أحد إذا اهتديتم، ويفعل الله بعدها ما يريد، ما جعلكم الله كفلا على الأمة ولا وكلاء، ذلك ما ورد في محكم تنزيله، وعينه ما فعل رسوله، وعلى هذا سار العلماء العاملون، من قتل عليا والحسن والحسين وعبد الله بن الزبير غير إخوة لهم مسلمين، أتسقط عنهم الشهادة، أم لم تكن الأمة بحاجة لبقائهم!. ومن سجن وعذب الإمام مالك والشافعي وأبا حنيفة وابن تيمية أليس حاكما مسلما! أكان ذلك في الحق أم الباطل! أعتقد أن الله لن يرفع نداء عالم بالجهاد ما لم يكن من أرض المعركة، ولن يلقيه في قلوب الناس، ولن يجد أذنا صاغية. وليست حجة فرضية السجن من قـــبل حاكم مسلم تمنع من الذهاب إلى أرض الجهاد؛ ومثلي على ذلك العـز بن عبد السلام، ما طلب من سكان القاهرة مغــــادرتها، ولكــــنه حـــمل متاعه وخرج، فاتبعه الناس لما صدق الله. لو كنتم العز لكنا لكم مثلما كانوا له.و أما عن نداء الشيخ في ختام الحصة، والذي وجهه لخادم الحرمين يدعوه لضم الحرم القدسي لخدمته؛ فرحمة وشفقة بهذه الجريدة لن أعبر عن كل ما يختلج في صدري وأكتفي بالقول: رجاء اسحب دعوتك هذه فورا وعلنا، يكفينا أيها الشيخ أن الحرمين الشريفين على مرأى بصر قواعد عسكرية أمريكو صهيونية، ولن أزيد...البطاقة الصفراءعذرا معالي الدكتور، أنا فعلا فلاح عربي من أعماق ريف الجزائر، لست أكثر من ذلك، أرجو منك أن تسحب توصيفك لسلوكنا نحن الشعوب العربية (بالزيطة والزنبليطة)، فليس للقناة التي ترفع من منبرها صوتك غيرنا من قرين، وعن المرء لا تسل وسل عن قرينه، وتذكر إن كنتم يدا ترفع صوت الحق، فلا بد لها من يد أخرى للذي يسمع، ونحن اليد الأخرى (الشعوب العربية) فلو أعدمتها أعدمت وجودك، فكما يقول المثل العامي من طبقتنا: يد واحدة لا تصفق.أقر هنا مرة أخرى، أنني أصاب بالذهول أمام اللوثة العقلية التي تداهم في بعض الأحيان، نخبة المفكرين المدافعين عن حياض الأمة، بأي منطق يحملون الشعوب ما لم يحملها الخالق سبحانه؟ لست واسع الاطلاع ولا الثقافة، مع هذا أتحدى في جرأة وجسارة كل هؤلاء أن يأتوني بمثل واحد مذ تكونت المجتمعات البشرية، قام فيها شعب بدون قيادات (تحت أي وصف كانت دينية فكرية أو عسكرية) من تلقاء نفسه بالثورة على أوضاعه، أو لاسترجاع حقوقه، مثلا واحدا فقط على امتداد التاريخ البشري، أجزم بأنه غير موجود.إذن لماذا تطالب الشعوب العربية بأن تكون استثناء، لسنة قضى الله أنه لا مبدل لها ولا مغير! وإلا يكال لها السباب، وتتهم علنا بأن ردود فعلها لن تزيد عن (الزيطـــــة). كلا بل الواقع الذي يفر منه القوم، أن النخب تتبرأ من مسؤوليتها القيادية بما آتاها الله وفضلها، لتلقيها على ظهر الشعوب .مرجعيتنا عنــد الاختـــلاف في الرأي، بحـــكم انتـــمائنــا لهــــذه الأمة وهذا الدين، والموضــــوع هو ’القــــدس الشــريف’، هــــي القرآن الكريم، اعطوني حالة واحدة ذكر فيها أن الله أرسل قوما أو شعبا لهداية قيادة أو فرد، لا يوجد هذا بين دفتيه، وعكس الحال هو المتكرر، يرسل الله فردا ليكون قيادة لينهض بشعب وأمة، هذا ما أعرفه ليقطع الشك باليقين.هنا أضم صوتي لصوت الشيخ، إن شرف تحرير ’القدس الشريف’ لن يحظى به إلا ’الرجال الرجال’، هكذا قضى الله، لن يشرف من أخلد إلى الأرض، ولن يرفع من رضي بالهوان، وأول من يسأل يوم القيامة العلماء ثم الأمراء ثم أمثالكم وليست الشعوب.أليست قناة ’الجزيرة’ هي التي تصنع في وعي مشاهديها ومتابعيها، انتصار حزب الله، وأهل غزة؟ من يكون رجال حزب الله غيرنا (الشعوب العربية) هيأ لهم الله قيادة صادقة مخلصة، تتقدم بنفسها وفلذات أكبادها صفوف القتال!؟ عجبا، من رجال المقاومة غيرنا! منهم الخبازون والبناءون والفلاحون وحتى مرقعي الأحذية، سل غسان بن جدو عنهم يجبك. لم أر قط نخبة مثقفة تجلد شعوبها مجانا وظلما كما الحال عندنا، وهنا لست أقصد الدكتور بذاته، بل لقد سمعت كثيرا أصوات هذه السياط تهوى بعنف على ظهورنا، تحملها أيادي بعض الأكاديميين، في هالة هستيرية لا تعني إلا معاناة أصحابها من داء عضال يسميه أهل الاختصاص ’الصادية’ ، تتفجر من أخاديد وجوههم علامات الرضى عن النفس كلما أمعنوا في سلق شعوبهم بألسنة حداد.ما يصفه معاليك ’زيطة وزمبليطة’، أراه من زاويتنا نحن الطبقات الدنيا ’حجة الله البالغة’ على الحكام والعلماء والمفكرين، إذا ما أرادوا الدفع بين يديه أنهم جاؤوا على رأس جسد ميت، فلم يقدروا على فعل شيء، هذا الطرح مردود على وجوههم يوم القيامة لقد خرجنا لأيام، من تلقاء أنفسنا ليس استجابة لمخلوق، ولا بتأطير بشر، نحمل على أكفنا أرواحنا، أولادنا وأموالنا ليشهد العالم كله، ونشهد الله بأننا أمة جسد حي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، من يجبرنا على ’الزيطة والزنبليطة!؟’ أقولها عالية مدوية: نحن أمة حية ولكن الحاكم والعالم والمفكر فينا هم الأموات.ختاما معالي الدكتور، لو أنك تصدق بأن كاتب هذا المقال، ليس فعلا وصدقا أكثر من فلاح يقطن على بعد آلاف الأميال من فلسطين، لا يحمل في جعبته علما غزيرا ولا يتزين بشهادات عليا، يسعى جهده وما استطاع لغرس قضية القدس وفلسطين في قلوب بنيه، يجمعهم أمام قناتكم وقنوات أخرى، ليشربهم قضايا الأمة، ويريهم عدوها الأصيل، ومن أمثالي وأحسن مني الملايين، لو صدقت هذا لأيقنت بأن الشعوب العربية تعد لأمر أعظم مما تتصور، ولاعتذرت علنا قبل أن يشهر الفلاح في وجهك الكارت الأصفر.. تقبل الله صيامكم.’ فلاح جزائري