خبر : طرد الفلسطينيين من الإمارات... فقاعة إيرانية ..محمد الحمادي

الأربعاء 09 سبتمبر 2009 10:03 ص / بتوقيت القدس +2GMT
طرد الفلسطينيين من الإمارات... فقاعة إيرانية ..محمد الحمادي



المحاولة الأخيرة لتشويه الواقع والمبالغة السياسية وتصوير الإمارات وكأنها تطرد الفلسطينيين في عملية منظمة، أمر لم نكن ننتظره من بعض الفلسطينيين، لكن ما يخفف من وطأة تلك المحاولة هو أنها صدرت من فئة قليلة لا تمثل إلا أنفسها ولا تعبر إلا عن ما في صدورها... فوصف الإمارات بأنها "تشارك في حصار غزة" وهي سبب فيما يعاني منه الشعب داخل فلسطين هذا أمر غير منطقي وغير مقبول ولم يكن منتظراً. هناك أكثر من مائة ألف من أبناء الجالية الفلسطينية في الإمارات فهل من الغريب أو المستحيل أن يكون من بين هؤلاء 350 ارتكبوا مخالفات أو يكون على سلوكهم وأعمالهم ملاحظات لا تسمح ببقائهم في الإمارات؟! كما أن تسييس الإجراءات والقرارات الإدارية وصف ما حدث -إن كان حدث- على أنه حملة والقول بأنها موجهة ضد أبناء غزة بالتحديد هذه محاولة رخيصة للنيل من الإمارات ومكانتها ودورها العربي والإسلامي في دعم القضية الفلسطينية ومحاولة فاشلة لإثارة الرأي العام الفلسطيني ضد الإمارات التي تربطها بالشعب الفلسطيني علاقة قوية... لكنها ليست مفاجأة فمنذ أشهر تحاول طهران إثارة الشارع الإيراني بادعائها أن الإيرانيين القادمين إلى الإمارات يلقون معاملة غير جيدة ولا تتردد طهران في التمسك بأية حادثة فردية بسيطة لتحولها إلى قضية سياسية، رغم أن الواقع عكس ذلك، ورغم أن هذه اللعبة صارت مكشوفة، إلا أن إيران حاولت ومن خلال قناتها الفضائية "العالم" توريط الفلسطينيين في هذه القضية لتبين وكأن الإمارات تضايق أبناء جيرانها وتضايق أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد وتقوم بطردهم ليكونا في كفة والإمارات في الكفة الأخرى... لكنها محاولة باءت بالفشل.   ما حدث ويحدث جزء من إجراءات روتينية تحدث في كل دول العالم رغم أنه لأبناء الجالية الفلسطينية وضع خاص دائماً في الإمارات يميزهم عن أبناء باقي الجاليات العربية وغيرها نظراً للظروف التي يعانون منها. والإمارات كانت دائماً، حكومة وشعباً، تقف بجانب الشعب الفلسطيني في السراء والضراء والجميع يعرف ذلك... لذا كان مفاجئاً لنا أن نلمس عدم تفهم البعض لهذا القرار وانتقاد الإمارات. منذ سنوات اضطرت الإمارات إلى ترحيل عدد أكبر من أبناء إحدى الجاليات الآسيوية، ولم يقل أولئك إن الإمارات استهدفت تلك الدولة أو شاركت في زيادة الفقر فيها... فهناك قوانين وإجراءات في كل بلد لابد من احترامها، وليس هناك أحد فوق القانون حتى وإن كان مواطناً. محاولة الإساءة للإمارات بالادعاء أنها تطرد الفلسطينيين، باءت بالفشل... وكنا ننتظر موقفاً واضحاً من بعض الفلسطينيين لتوضيح الصورة لمن التبس عليهم الأمر.  لكل دولة الحق في تأمين وضعها وإزالة أسباب الخطر الذي قد تواجهها. وكما دخل أولئك البلاد معززين مكرمين فهم يخرجون منها معززين مكرمين. لذا فإن الفرقعة الإعلامية التي حاول أن يقوم بها البعض ما لبثت أن انتهت بمجرد انتهاء المعلقين من تعليقاتهم. لكن وفي المقابل لا يمكن أن يمر مثل هذا الموقف مرور الكرام وكأن شيئاً لم يحدث، فمحاولة المساس بدور الإمارات في دعم القضية الفلسطينية ومحاولة تشويه صورة الإمارات أمر يستحق الوقوف على أسبابه الخفية غير البريئة.   إن تاريخ الإمارات الطويل في دعم القضية الفلسطينية واحتواء اللاجئين من أبناء فلسطين لا يمكن أن تمحوه "حماس" ولا غيرها من المجموعات ولا أي شخص فقط لأن هناك من قال إن الإمارات تستهدف هؤلاء أو أولئك أو لأن من ضمن من رحلوا هناك أشخاص لهم علاقة بهم. وإن تم ترحيل 350 أو 400 شخص، فما يزال هناك أكثر من مائة ألف فلسطيني يعيشون على أرض الإمارات بعزة وكرامة وأمن وأمان لن يتغير في حياتهم شيء ما لم يتغيروا.   البعض يريد أن يحاسب الجميع ويعاقب الجميع وكل من لا يقف معه أو يعتقد أنه يقف ضده يتم وضعه في خانة أعداء فلسطين والقضية الفلسطينية ويلقى عليه لوم الحصار الذي يعانيه الشعب الفلسطيني... و"حماس" على سبيل المثال صارت توجه سهامها في كل اتجاه ما عدا إسرائيل، فمنذ أن خرجت إسرائيل من غزة تفرغت "حماس" لكل أحد غير إسرائيل، وصارت هذه الحركة مستعدة للتعامل مع من يدفع لها حتى وإن كان إيران التي لا يخفى على عاقل أهدافها من وراء دعم بعض الجماعات، سواء في فلسطين أو لبنان. كنا نتمنى أن لا تتورط "حماس" في هذه الأمور وأن لا تضع نفسها في صف من يريد استخدامها ليوجه سهامه إلى الإمارات بسبب أو بدون سبب.   "حماس" والفصائل الفلسطينية يجب أن تركز على الوضع الداخلي، فالتطورات المتلاحقة الأخيرة خطيرة وتحتاج إلى توحيد وتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة إسرائيل وإيقاف الاستيطان الذي يصر عليه نتانياهو، ففي الوقت الذي تطالب فيه الولايات المتحدة إسرائيل بإيقاف الاستيطان تم إصدار تراخيص لبناء 366 وحدة سكنية ومن المتوقع الموافقة على 84 وحدة أخرى خلال الأيام المقبلة.   وبينما يحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما فعل شيء للفلسطينيين والقضية الفلسطينية، والعرب يتحركون من أجل القضية، فإننا نرى الفصائل الفلسطينية مستمرة في خلافها واختلافها وعجزها عن التوصل إلى حلول تقبل بها الأطراف المختلفة، رغم أنه "يفترض" أن الطرفين هدفهما واحد وهو تحرير فلسطين. فلماذا كل هذا الإصرار على عدم الاتفاق!   ومنذ أيام عندما تحدث وزير خارجية إسرائيل ليبرمان عن "شطب القضية الفلسطينية من قاموس وزارته"، وتوقعنا أن يهز هذا التصريح الفصائل الفلسطينية، فهو تصريح خطير جداً ومحاولة لإغلاق أي باب للحوار أو السلام ويدل على العودة إلى المربع الأول في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية... لكننا لم نلمس أي ردة فعل حقيقية من الجانب الفلسطيني، وهنا نتساءل: ألا يعني هذا التصريح شيئاً للفلسطينيين يدفعهم للمصالحة وتقديم بعض التنازلات لبعضهم بعضا؟!   أخيراً، الإمارات ليست بحاجة إلى أن تبين ما قدمته للقضية الفلسطينية منذ اليوم الأول لقيام اتحاد الإمارات، وإذا كانت ذاكرة "حماس" وبعض الفصائل الفلسطينية قصيرة، فبلا شك أن ذاكرة الشعب الفلسطيني، داخل فلسطين وخارجها، لا تنسى من وقف بجانبها وقفات لا تردد فيها. وتعليق السفير الفلسطيني في الإمارات على هذا الموضوع كان وافياً، لكن في مثل هذه القضية كنا نتمنى أن نقرأ لبعض الأقلام الفلسطينية التي تعيش في الإمارات، وأن تكون لهم كلمة واضحة، ويكون لهم في هذه القضية رأي، فلا أحد أقدر على أن يكون له رأي موضوعي في هذه الادعاءات كالفلسطينيين الذين يعرفون القضية ويعرفون الإمارات ويعرفون ما خفي من الأمر.