اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن قرار الاحتلال، مساء الثلاثاء، الإفراج عن الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش المضرب عن الطعام منذ 141 يوما، يأتي في إطار تراجع قدرة الحكومة الإسرائيلية أمام التهديدات التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته الأربعاء، إن إسرائيل انصاعت لأوامر حركة الجهاد الإسلامي، التي لوحت بتصعيد العمل العسكري في حال لم يُفرج عن الأسير أبو هواش، الذي دخل في مرحلة الاحتضار جراء اضرابه عن الطعام منذ 141 يوماً.
وأشارت إلى أن إطلاق سراح أبو هواش في أعقاب التهديدات التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية يثير التساؤلات حول الاستراتيجية طويلة المدى التي بات الأسرى يتبعونها للحصول على حريتهم، كما يتطلب إعادة النظر في سياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها إسرائيل استناداً لمزاعم أمنية غير معروفة دون توجيه تهم أو إصدار أحكام.
وتناول التقرير سياسية الإضراب عن الطعام التي يتخذها الأسرى الإداريون سبيلا للحصول على حريتهم، بالإشارة للأسير المحرر خضر عدنان الذي كان الأول الذي يضرب عن الطعام للحصول على حريته بعد الاعتقال الإداري وذلك في 2012.
وقالت “يديعوت”: “قبل عدة سنوات، وضعت إسرائيل رجلاً فلسطينياً كان يمتلك مخبزاً في قرية عرابة بالقرب من جنين قيد الاعتقال الإداري، وهي الطريقة المثيرة للجدل التي تبقي الأسرى دون محاكمات، والتي تستخدمها إسرائيل لمزاعم أمنية غير معروفة”.
ولفتت إلى أن هذا الخباز الذي يدعى خضر عدنان لم يكن في حينه معروفاً إلا لجيرانه بسبب خبزه وتعاطفه مع حركة الجهاد الإسلامي، لكن سرعان ما اكتشف أنه لديه موهبة استثنائية وهي القدرة التي لا تُصدق من الصبر والقوة العقلية التي ظهرت بعد اعتقاله، على حد وصف الصحيفة.
وأضافت: “بدا هذا واضحاً عندما قرر لأول مرة خوض الإضراب المفتوح عن الطعام لأكثر من شهرين ليصبح رائد هذا التكتيك، فقد كان في حينه صاحب الرقم القياسي لأطول فترة اضراب عن الطعام”.
وأوضحت أن ما قام به عدنان استطاع أن يجذب الانتباه الدولي، إذ نجحت استراتيجيته في إجبار إسرائيل على توقيع اتفاق يقضي بإطلاق سراحه مقابل إنهاء إضرابه.
وتابعت: “كان إضراب عدنان عن الطعام هو البداية في سلسلة من الاحتجاجات المماثلة التي قام بها الفلسطينيون القابعون رهن الاعتقال الإداري، حيث تمكن الجميع في النهاية من تأمين صفقة للإفراج عنهم”.
وفيما يتعلق بما أسمته قرار الجهاد الإسلامي تحرير أبو هواش، ألمحت “يديعوت” إلى أن ما حدث ربما يعد على الأرجح الإنجاز الأكبر لهذا الفصيل الفلسطيني في السنوات الماضية.
كما قالت إن النجاح الأكبر الذي يحسب للحركة هو قدرتها على إعادة إقناع حركة حماس التي تحكم قطاع غزة بالتلويح مجدداً بالعمل العسكري، بعدما كانت الأخيرة قد اتخذت قراراً بوقف إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة عام 1948 في أعقاب الجولة الأخيرة من الصراع التي انتهت بوساطة مصرية نهاية مايو/أيار 2021.
وقالت: نجح زعيم الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة في دفع حماس إلى التهديد بالقتال مع إسرائيل، الأسبوع الماضي، كما نال الكثير من المصداقية السياسية والعامة لإطلاق سراح أبو هواش، مع الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية، فقد نجحت الفصائل الفلسطينية في وضع إسرائيل في مأزق.
في السياق، لفتت إلى أن المسؤولين الأمنيين في إسرائيل فكروا في سيناريوهين محتملين الأول أن يموت أبو هواش في المستشفى وتؤدي وفاته على الأرجح إلى جولة جديدة من القتال، أو أن يتم إطلاق سراحه وإسكات طبول الحرب”.
وأكدت أن إسرائيل فضلت الخيار الثاني من أجل الحفاظ على بعض الهدوء على الحدود مع قطاع غزة على المدى القصير على الأقل، لكن على المدى الطويل فقد أظهرت الفصائل الفلسطينية أنها قادرة على إجبار إسرائيل على الانصياع لأهوائها من خلال التهديد بالسلاح.
وذكرت الصحيفة أنه في الوقت ذاته فكر بعض القادة الأمنيين في إسرائيل في أن يوما أو يومين من القتال ربما سيكون ثمنا زهيدا كان يجب دفعه لوضع حد لسياسية الإضراب عن الطعام التي يتخذها الأسرى وسيلة لنيل حريتهم والتي على ما يبدو باتت استراتيجية للفصائل الفلسطينية في تحريرها معتقليها.
واستدركت: “لكن لا زال هناك مسألتان بدون حل فإذا فهمت إسرائيل أنها ستسعى في نهاية المطاف للتوصل إلى اتفاق مع الفصائل في غزة فلماذا تسمح باندلاع الصراع، والأمر الآخر هو أن أبو هواش ربما لن يكون الأسير الأخير الذي يتخذ قراراً بالإضراب عن الطعام، وعليه ربما حان الوقت لإعادة النظر في سياسية الاعتقال الإداري.