يبدوا أن محمود عباس حسم أمره باتجاه المضي بتثبيت نفسه كشريك في أكذوبة السلام مع الصهاينة، وكشخص ذي صلة ممكن لنتن ياهو وليبرمان الحديث معه كممثل للشعب الفلسطيني خاصة وقد حاز هذه الصفة التمثيليه بطرق ديمقراطية..!!كل ذلك استعداداً لخطة أوباما الجديدة للسلام في المنطقة، وكأن أكذوبة كل الخطط الأمريكية السابقة والوعود بالسلام والدولة والتي تبين سرابها لم تقنع عباس وفريقه بعبثية هذا الخيار..!!لذلك قام عباس وفي إطار هذه التهيئة لاستقبال خطة أوباما للسلام بعدد من الخطوات لحيازة وهم الشرعية وسراب الرمزية التي كان يتمتع بها سلفه عرفات والتي استخدمها بخبث ودهاء كغطاء لتنازلاته عن أكثر من ثلاثة أرباع الوطن حتى دون أن يحوز الربع المتبقي ولا حتى وعد بذلك..!! لا شك أن هدف عباس هو استخدام هذه الشرعيات الثلاث في مواجهة حماس وكل قوى المقاومة بعد إيهام الرعاع انه أصلحها ضمن النظام والقانون وبغطاء انتخابي.وكذلك ركوب صهوة هذه الشرعيات لإبراز نفسه كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني قادر على التوقيع الأخير الذي ينهي ويشطب القضية الفلسطينية مقابل دولة السراب دولة فياض الاقتصادية التي تتعايش مع نعال الاحتلال.1- لذا قام عباس وفي إطار حيازة الشرعية من حركة فتح بتدمير اللجنة المركزية لحركة فتح تحت غطاء الإصلاح وإنفاذ نظم حركة فتح بعقده لمؤتمر فتح بعد عشرين عاما على تغييبه، وضمن عباس لنفسه الفوز في الانتخابات برئاسة حركة فتح بالتصفيق لا بالتصويت، وفاز بعضوية اللجنة المركزية كل من رقص على إيقاع عباس وغنى على أنغامه ورضيت عنه أمريكا وإسرائيل، فغيب قطاع غزة وغيب اللاجئين في الخارج بكل ما يمثلونه من ثقل ورمزية للقضية، كما غيب القدس بكل ما تعنيه من بعد وعمق في الدلالة كأحد ثوابت القضية، وحرص على إبراز فتح كحركة موحدة رغم كل ما خلفه المؤتمر السادس من انقسامات داخلية.2- كما حرص عباس على عقد جلسة مُلفقة غير دستورية لاستكمال ثلث أعضاء اللجنة التنفيذيّة الراحلين، رغم عدم قانونية ولا دستورية اللجنة التنفيذية التي كانت قائمة أصلا، وذلك بحضور رئاسة المجلس، وبتجاوز واضح لجوهر المادة 14 في النظام الأساسي وبنودها، وعقد الجلسة بمن حضر وتحت نعال الاحتلال في رام الله. ما وضع المجلس تحت هيمنة السلطة، وأفقده سلطته التشريعيّة وسلطة المحاسبة عبر اللجنة التنفيذيّة المزورة.فتم تعيين الأعضاء الستة بغطاء انتخابي على أساس قدرتهم على التوقيع على بياض، فعين واحد عن فتح، وواحد عن الحزب الشيوعي ، وواحد عن فدا، وواحد عن نصف جبهة النضال وهي فصائل صفرية لا وزن لها، واثنين آخرين بعد أن ارتديا ثوب الاستقلال أحدهما القائد الفتحاوي أحمد قريع الذي سقط في انتخابات مركزية فتح الصورية.3- و بعد أن سرق زوراً شرعية قيادة حركة فتح بثوبها الجديد بعد أن أسقطت المقاومة وأسقطت معه إرثا تاريخيا كبيرا، وبعد أن حاز على شرعية مزورة من البصيمة الجدد في منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ومجلسها الوطني كممثل بات رمزيا لشعبنا في الخارج بعد تعيين عدد من البصيمة واستبعد منهم كل صوت قد يفكر مجرد تفكير في قول كلمة لا لعباس وخياراته واستبعد الرجال الرجال والوطنيون الكبار السباقون والصادقون وأبقى فقط على البصيمة والأقزام.سيسعى عباس قريبا لسرقة الشرعية الثالثة وهي شرعية الانتخابات للسلطة كممثلة لشعبنا في الداخل، وسيعمل كما أعلن عنه أكثر من مقرب انه سيجري الانتخابات التشريعية والرئاسية مطلع العام القادم بتوافق أو بدونه، وافقت حماس أم لم توافق، في الضفة وغزة أو في الضفة وحدها لا فرق، فهو ماض بسرقة الشرعية الأخيرة ولو زورا وبهتانا ولو شكليا ولو طعن فيها كل شعبنا المهم أن تنال رضا وتصفيق أوباما ونت ياهو وليبرمان..إذاً عباس حسم أمره باتجاه نسف كل نتائج الحوارات السابقة مع الفصائل وعلى رأسها حماس بل ونسف كل أمل بنجاح أي حوار قادم قائم على المشاركة الوطنية وإنهاء الانقسام، ووضع عباس نفسه كليا في سلة خطة أوباما للسلام كخيار واحد ووحيد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى اقلها وضع نضالات ومعاناة وتضحيات شعبنا طوال السنوات الطويلة الماضية تحت رحمة كلمات أوباما الجميلة المسمومة وجمله المنمقة الخبيثة وسياساته التي تصب حتما في نهر المصالح الصهيونية التوسعية في فلسطين والمنطقة بل والعالم. وهنا بالذات يبرز التساؤل حول موقف حماس التي باتت تمثل رأس حربة شعبنا ومقاومته الباسلة في وجه كل المخططات التي تستهدف تصفية ما تبقى من قضيته العادلة وأين تقع خياراتها في مواجهة خيار عباس الانتحاري؟ وهل ستفلح حماس التي يصارعها كل العالم على شرعية التمثيل التي حازتها عبر الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب والتي أصبحت فجأة غير ذات صلة عندما أنتجت طرفا لا يغني على أنغام الصهاينة والعالم الظالم، هل ستنجح حماس في المحافظة على هذه الشرعية التي صنعتها بدماء قادتها وتضحيات أبنائها ومعاناة أسراها..!!وهل ستنجح حماس في المحافظة على نفسها كقوّة مقاومة تعبّر بحق عن شعبنا، وتسعى لإعادة البعد والعمق العربي والإسلامي لقضيتنا وتوضح لكل ذي بصيرة أنها تسعى بحق لنيل الحقوق وليس لحيازة السراب..!!سبق لحماس أن لوحت عبر رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل بخيار إنشاء منظمة جديدة لفصائل المقاومة في الخارج لجهة مواجهة سياسة عباس القاضية باستمرار تغييب الشرعيات الفلسطينية كمنظمة التحرير والمجلس الوطني وإجباره على الدخول في حوارات حول تفعيلها، ولكن على ما يبدوا تعلم عباس – الذي تفكر له وتمكر معه قوى ودوائر عالمية خبيثة كبرى - الدرس وبدلا من استمرار تغييب هذه الشرعيات فضل عباس وحلفاؤه أن يقوم عباس باعتلاء صهوة هذه الشرعيات وترويضها ليضرب عصفورين بحجر واحد، مواجهة حماس والتوقيع على إنهاء القضية. فهل بات خيار إنشاء منظمة فلسطينية جامعة لفصائل المقاومة تمثل شعبنا حقيقة وتعبر عنه في كل أماكن تواجده ما زال قائماً لدى حماس..!!وهل ستتمكن حماس من ملئ الفراغ الذي تركه عباس في ساحات شعبنا وهيئاته وتشكيلاته المختلفة في الشتات بعد أن قلص بل وألغى تمثيلهم في الشرعيات التي سرقها وفصلها على مقاس تنازلاته وغدراته..!!أم ستغرق حماس في تفاصيل سيناريوهات المواجهة لخطوات عباس القادمة والتي تستهدف استكمال سرقة ما يسمى بالشرعيات.!!وهل ستحسم حماس خياراتها أم ستتيه في زحمة الخيارات المرحلية التالية:- هل ستدخل حماس الانتخابات التي سيعلن عنها عباس مطلع الشهر القادم أم ستقاطعها.؟- هل ستسمح حماس بإجراء هذه الانتخابات في غزة وتقاطعها، أم لا تسمح بإجرائها في غزة أصلا.؟- هل يعلن المجلس التشريعي عن تنصيب رئيسه عزيز دويك رئيسا للسلطة على اعتبار انتهاء ولاية عباس ويثبت عدم قانونية عباس وعدم قانونية دعوته للانتخابات اصلا.؟- هل تحل حماس السلطة في غزة سياسيا في حين تبقى سلطتها على الأرض قائمة بحكم الأمر الواقع، وتنهي شرعيتها الانتخابية بيديها.؟- هل تواجه حماس خطوة عباس بخطوة مماثلة تماما وذلك بأن تشكل حماس لجنة انتخابية مركزية في غزة وتعلن عن إجراء انتخابات مطلع العام المقبل في الضفة وغزة وتجري هذه الانتخابات عمليا في غزة وحدها كما ينوي عباس إجراء هذه الانتخابات عمليا في الضفة وحدها، وتنتخب رئيسا ومجلسا تشريعيا جديدا من باب حل المشكلة بمشكلة.؟- هل تبقى حماس في موقع السلطة كحكومة مقاومة أم تغادر السلطة وتتفرغ للمقاومة تماما؟هل وهل وهل تساؤلات لا تنتهي فهل ستتيه حماس في زحمتها وتتناسى أنها قدر الله في هذه الأرض وأنها وعد السماء وأنه إذا كل شياطين الأرض يمكرون مع عباس ولعباس فان الله يمكر لنا والله خير الماكرين.وانه ليس عليها اليأس جراء الجمود الخادع في الوضع القائم والمبقي على الحصار وعلى الانقسام والذي يطلق يد الاحتلال استيطانا وتهويدا دون رادع وذلك تعلماً من دروس الماضي الذي لعب فيه الوقت دور البطولة فعلى سبيل المثال:- ساد هدوء خادع على الجبة الصهيونية صاحبه استقرار اقتصادي ساهم في مضاعفة غرور القوة الذي تمتعت به دولة الكيان في أعقاب حرب 67 وانتصارها على الدول العربية المعادية ما جعلها ترفض كل مبادرات السلام مع العرب خصوصا خطة "يارينغ" للسلام مع مصر، ولكن بعد وقت قصير تحرك الماء الراكد وتحقق الحلم العربي وانتصرت مصر في حرب أكتوبر 73.- وقبيل اندلاع انتفاضة 1987م ساد الجبهة الصهيونية استقرار سياسي ونمو اقتصادي أغرى الصهاينة برفض مبادرة بيرس والملك حسين عام 1985م القاضية بعقد مؤتمر دولي للتحقيق السلام، إلا أن الهدوء والاتهامات التي كانت تكال من قبل العلمانيين واليساريين للإخوان المسلمين الذين كان يمثلهم المجمع الإسلامي بغزة بالتخاذل والجبن واستبعاد المقاومة المسلحة للعدو سرعان ما انقشع عن ثورة شعب اعزل ثورة الحجارة التي انطلقت من المساجد والتي قادتها حماس وفاجأت حتى قيادة منظمة التحرير.- أما صيف 2000 فقد كانت دولة الكيان تتمتع بنمو اقتصادي غير مسبوق وبهدوء على كل الجبهات وفي مقدمها الجبهة الفلسطينية التي كانت تغطيها سحابة كثيفة من المفاوضات العبثية والتعاون الأمني المخزي مع الاحتلال، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهيه سفن العدو وانطلقت انتفاضة الأقصى وتقدمتها حماس مرة أخرى رغم القمع العنيف الذي تعرضت له منذ قيام السلطة وحتى العام 2000م الأمر الذي غيب معظم قادتها وكوادرها في غياهب سجون السلطة وهدمت انتفاضة الأقصى كل الأوهام التي رسمتها اتفاقات أوسلو على جدران من الهواء.- واليوم يسود دولة الكيان استقرار ونمو اقتصادي رغم ما يمر به العالم من أزمة مالية، وتشهد مختلف الجبهات خصوصا الجبهة مع الفلسطينيين هدوء مريح ومغري للعدو للتمادي في عمليات الاستيطان وتهويد المقدسات والتغول على هوية فلسطينيي 48 مستغلين إلقاء عباس كل بيضه في سلة السلام كخيار استراتيجي والمراهنة البلهاء على خطة أوباما للسلام واستمراره بالتعاون الأمني مع العدو وتأمين الأمن له ولجنوده ومغتصبيه رغم التوقف المعلن للمفاوضات، ورغم استمراره في قراره بإدامة الانقسام والحصار على غزة، فهل سينقشع هذا الهدوء عن انتفاضة جديدة أم عن ثورة أم عن عملية أسر جنود كبيرة جديدة أم عن حرب تنهي أحلام الواهمين بالسلام مع اليهود تفاجئ العدو وعباس وكل الواهمين.!! - أيا كان ما سيحدث فعلى حماس ومعها كل المقاومة أن لا تفرط وان لا تتراجع وأن تعمل بجد وعزيمة على الاستعداد لما هو قادم، على اعتبار أن عباس هو الذي يقف على أعتاب الخيارات الصعبة وليس حماس. صحفي وباحث سياسي