هآرتس - بقلم: عامي أيلون "عومر بارليف، المقاتل الشجاع الذي كان قائد دورية هيئة الأركان، تحول في الشبكات الاجتماعية إلى “خائن” و”قاتل” و”إرهابي”. ومن بين الذين أعلنوا “دماء القتلى اليهود على يديك”، رؤساء سلطات وشخصيات عامة. بالنسبة لهم- ارتكب خطأ لا يغتفر. فقد قال الحقيقة. في اللقاء مع دبلوماسية أمريكية، استخدم الوزير بارليف التعبير الذي
يعكس الوضع القائم، وهو “عنف المستوطنين”. رداً على ذلك، أظهرت موجة الوحل التي ألقيت عليه بأن العبرة من قتل رئيس الحكومة إسحق رابين لم يستخلص بعد. وبعد قرار “الشاباك” وضع حراسة على بارليف المهدد، ها هي الوزيرة اييلت شكيد تصب الزيت على النار وتفتري عليه باتهامات لا أساس لها، وهي بذلك تدافع عن المستوطنين الذين يتصرفون بصورة عنيفة.
من يهاجمون بارليف يسارعون إلى توسيع مفهوم “إرهاب” عندما يكون من ينفذون أعمال العنف من الفلسطينيين. إن مس الفلسطينيين بجنود الجيش الإسرائيلي الذين يخدمون في “المناطق” [الضفة الغربية] يعتبر إرهاباً، ولكن الضرر الذي يلحقه اليهود بالفلسطينيين الأبرياء يسمى “جريمة قومية متطرفة” و”عملية جباية ثمن” و”عنف شبيبة التلال”. إن رفض تسمية اليهودي باسمه واستخدام كلمات مغسولة يمكّن الذين يدعون الصدق في أوساطنا من غسل أيديهم وتجاهل التداعيات القاسية لظاهرة الإرهاب اليهودي. هذه ظاهرة تتحدى مؤسسات السلطة وتفكك الهيئة الرسمية لإسرائيل ومستقبل الدولة. ورغم ذلك، هناك وزراء وأعضاء كنيست يتجاهلون هذا الخطر ويعتبرونه ظاهرة هامشية، وحتى مبررة، إزاء عنف الفلسطينيين.
يجب القول بصوت واضح بأنه يوجد إرهاب يهودي!، الإرهاب هو الذي أدى إلى قتل رابين وإحراق عائلة دوابشة. هذا هو الإرهاب الذي أدى إلى إحراق الفتى محمد أبو خضير وهو على قيد الحياة، وهو الإرهاب الذي أدى إلى قتل فلسطينيين أبرياء وإصابة فلسطينيين آخرين من قبل اليهود. وتخريب ممتلكات الفلسطينيين مثل اقتلاع أشجار الزيتون وإحراق حقول وتخريب في البيوت وتخريب سيارات ومصادر مياه، هي أعمال إرهابية إجرامية. من الضروري التوضيح: العمل الإرهابي هو كل عمل استهدف تحقيق هدف سياسي عن طريق الإضرار المتعمد بالمدنيين، والمس بروح أو ممتلكات، بدون صلة بهوية المنفذ، سواء كان فلسطينياً أو يهودياً.
لذلك، يجدر التوضيح للوزيرة شكيد والوزير متان كهانا وأعضاء الكنيست الذين يدافعون علناً عن الإرهاب اليهودي بأن الوزير بارليف لم يرتبك، فهو يدرك الخطر المحدق بالدولة بسبب عنف هؤلاء المشاغبين الذين يعتبرون أنفسهم مواصلي درب نشطاء “التنظيم السري اليهودي” والحاخام مئير كهانا، ويتماهون مع باروخ غولدشتاين الذي قتل 29 مصلياً مسلماً في الحرم الإبراهيمي، ويعتبرون يغئال عمير نموذجاً يحتذى به.
الدرس الذي تعلمه بارليف، ولم يتعلمه من يقفون ضده، هو أن حفنة النشطاء العنيفين هؤلاء ليست سوى طرف جبل الجليد. رابين قتل على يد يغئال عمير الذي اعتبر نفسه رسولاً للجمهور، ولم يكن ليعمل في غياب شروط أخرى: مجموعة اجتماعية قريبة تؤيد الفكرة. زعماء دينيون يرسمون أيديولوجيا تغير قواعد الأخلاق وتحول القتل إلى أمر مشروع، وزعامة سياسية تغض الطرف عن الدعوات للقتل، وهو غض طرف يفسر كتأييد بالنسبة للنشطاء الإرهابيين.
قتل رابين علم بأن الكلمات تقتل. كلمات مثل “نازي” و”خائن” و”مجرم” “يداه ملطختان بدماء اليهود” يفسرها يهود مشاغبون خارجون عن القانون كإذن للقتل. من يقولون إن الأمر يتعلق بحفنة هم صادقون – بضع مئات على أكثر تقدير، وأن معظم المستوطنين ملتزمون بالقانون – ملح الأرض ومن يعتبرون أنفسهم مواصلي درب طلائعيي الاستيطان العامل. ولكن الذين يصمتون وأحياناً يغفرون لنشطاء الإرهاب اليهودي إنما هم مخطئون، لأنهم لا يدينون الإرهابيين اليهود بشكل واضح ولا يسمونهم باسمهم، وبهذا فإنهم يعطونهم الدعم.
بارليف حارب الإرهاب كجندي وقائد طوال سنين. وهو يواصل حمل هذا العبء أيضاً في مهمته كوزير للأمن الداخلي. وللصمود في وجه التحديات، يجب التمسك بالحقيقة بشجاعة. وخلافاً لمنتقديه، يقف بارليف بحزم في هذه الامتحانات الصعبة.