كشف تقرير صحفي إسرائيلي، عن بعض تفاصيل ما دار قبل وبعد الساعات الأولى من اندلاع حرب أكتوبر 1973 مع مصر، حيث ساد شعور لدى محافل الاحتلال المختلفة بأن "إسرائيل على وشك الهزيمة".
وأوضح يوسي ميلمان، المعلق الإسرائيلي الخبير بالشؤون الأمنية والاستخباراتية، في تقرير له بصحيفة "هآرتس"، أن وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي في حينه موشيه ديان، عرض على حكومته في اليوم التالي لحرب 1973 استخدام الخيار النووي، فردت عليه غولدا مئير، رئيسة وزراء الاحتلال وقتها (1969 حتى 1974) بقولها: "هذا فقط ما كان ينقصني".
استعراض نووي
ولفت إلى أن آدم شنير من مواليد 1942، وهو الحارس الشخصي لمئير سمع ردها السابق الذي جرى في مقر وزارة الأمن (الكرياه) في تل أبيب، بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، أي بعد يوم واحد من الحرب، وكان لدى "إسرائيل شعور بأنها تقف على عتبة الهزيمة".
وبحسب شهادة شنير، استدعى ديان مدير عام لجنة الطاقة النووية شلهيفت فريار، وجلس معه في غرفة بوجود مئير وسكرتيرها العسكري العميد إسرائيل ليئور ونائبها يغئال ألون والوزير إسرائيل غليلي.
وذكر ميلمان، أن تفاصيل ما دار في هذا الاجتماع حتى الآن لم تخرج إلى العلن، لكن بعض التفاصيل تحدث عنها أرنان عزرياهو، المساعد واليد اليمنى لغليلي في مقابلة معه عام 2008 قبل موته، وأكد أن ديان اقترح أنه "من الجدير أن يكون هناك استعراض للخيار النووي".
وأضاف: "من غير الواضح ما الذي كان يقصده ديان؛ هل قصد نشر السلاح الإسرائيلي؟ أم التهديد باستخدام السلاح النووي أو تنفيذ تجربة نووية؟".
وفي رده على سؤال: "هل كان هناك وضع فيه تم نقاش طلب استعراض نووي؟"، أجاب شنير في محادثة مسجلة مع "هآرتس": "كان هناك وضع كهذا، لقد تم التحدث في أمور كهذه"، مضيفا: "أتذكر بأن غولدا قالت لا، هي أجابت بالسلب، وأنا سمعت هذا جيدا، وقالت: هذا ما كان ينقصني".
وبين شنير أنه كان له "علاقة خاصة" مع مئير على خلفية أنها امرأة كبيرة في السن مع إعاقة جسدية ووحيدة، وكان الحارس "مقربا من العائلة"، وقال: "كانت معتادة على أننا نعرف كل شيء، أصبحنا نعرف التفاصيل الحميمية جدا عن من نقوم بحمايته، ولكنهم يعلمونا، أننا مثل الذبابة على الحائط، صامتة".
ونبه المعلق العسكري، إلى أن "القرب الخاص لشنير من غولدا وجد تعبيره عشية حرب 1973، وأوضح أنها "كانت قلقة جدا"، في اليوم السابق للحرب وذهبت إلى النوم في منزلها بشارع "بارون هيرش8" الواقع "رمات أفيف" وطلب السكرتير العسكري مني إحضارها فجرا لمقر وزارة الأمن، وكان ليئور قد اتصل بها وردت عليها فورا وقال ليئور: غولدا رفعت الهاتف على الفور، وكأنها كانت تنتظر النبأ السيئ، لقد أصغت لتقريري بصمت".
معلومة ذهبية
ورأى ميلمان، أنه "توجد أهمية كبيرة للجدول الزمني، فرئيس الموساد وقتها تسفي زمير، سافر بصورة خاصة إلى لندن والتقى هناك في منتصف الليل في شقة خاصة مع عميل الموساد المصري أشرف مروان، وسمع زمير من العميل، أنه غدا عند غروب الشمس ستندلع حرب".
وأضاف: "زمير اتصل في الساعة الثانية والنصف فجرا بالهاتف العادي غير المشفر مع رئيس مكتبه، فيردي عيني، وأبلغه بالمعلومة، ولسبب ما مرت ساعة إلى أن تم إبلاغ النبأ في الساعة 3:50 لغولدا وديان، أما يغئال ألون الذي كان في كيبوتسه "غينوسار" فقد شهد بأنهم أيقظوه فقط عند السادسة صباحا، وجاء بتأخير كبير، ولم يتم إبلاغه عن الأمر أبدا".
وتابع: "رغم سلسلة المكالمات، إلا أن ديان لم يتحدث مع غولدا إلى أن تم عقد جلسة الطوارئ في الثامنة صباحا، وبكلمات أخرى، منذ لحظة تلقي المعلومة عن حرب وشيكة، رئيسة حكومة إسرائيل كانت مقطوعة عن مركز اتخاذ القرارات مدة 4 ساعات تقريبا، وخلال هذه الفترة كانت وحيدة في مكتبها مع سكرتيرها العسكري وسكرتيرتها ومع آدم شنير وطاقم الحماية".
وفي التسلسل الزمني لأحداث حرب 1937، كتب البروفيسور أوري بار يوسف في كتابه بعنوان "الكشاف الذي نام": "هناك فجوة غير مشروحة؛ منذ لحظة تلقي المعلومة وحتى وصولها إلى المكتب".
كما أن "موشيه شفاردي" الذي يدير صفحة على "فيسبوك" باسم "حرب 1973، ذكريات وندب وآلام"، في تفسير هذا، ذكر أنه "رغم المعلومة الذهبية التي جلبها زمير من مروان، إلا أن ديان، مثل زعيرا، واصل الغرق في وهم أنه رغم كل شيء لن تندلع الحرب".
وما حدث بعد تلك الليلة، بحسب ميلمان، هو "اجتياز الجيش المصري لقناة السويس والسيطرة على مواقع خط بارليف، وجزء من هضبة الجولان من قبل الجيش السوري".
وأفاد بأن "شنير واصل مرافقة مئير في كل فترة الحرب وحتى بعد أن استقالت، وحافظ على علاقة عميقة معها، وبعد ذلك أصبح شنير رئيس طاقم الحماية لإسحاق رابين، وفي 1980، وبعد أن لم يتم تعيينه رئيسا لوحدة حماية الشخصيات الهامة، تمت إعارته لجهة أخرى في جهاز الأمن".