كشفت مصادر مصرية خاصة مطلعة على الوساطة التي تجريها القاهرة بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، عن اتصالات أجراها مسؤولو الملف الفلسطيني بجهاز المخابرات العامة، مع قيادتي حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، اتسمت بالعتاب.
وأفادت المصادر لـ"العربي الجديد" بأن الجانب المصري أبدى استياءه من الخطاب الإعلامي لقيادات في الحركتين، الذي بدا متفقاً عليه بشأن انتقاد الدور المصري في الوساطة ووصفه بأنه جاء منحازاً للجانب الإسرائيلي، رغم إدراك قيادة الحركتين بأن المماطلة تأتي من الجانب الإسرائيلي.
وبحسب المصادر، فإن مسؤولي الملف الفلسطيني شدّدوا على ضرورة تجنب الحديث في الإعلام بشأن الوساطة المصرية، أو توجيه انتقادات للجانب المصري، للقفز على أزمات داخلية متعلقة بتأخر الجانب الإسرائيلي في تنفيذ اتفاقات متعلقة بتحسين الأوضاع المعيشية في القطاع.
وقالت المصادر، إن الجانب المصري أكد أنه فيما يخص الإجراءات المتعلقة بمصر بشأن الحركة على معبر رفح، والتنقل بين غزة والأراضي المصرية، فإن القاهرة اتخذت الحد الأقصى من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها بشكل منفرد، بعيداً عن الاتفاقات الدولية التي تحدد آليات التعامل مع القطاع، خصوصاً في ظل غياب الحرس الرئاسي عن المعبر، وإدارة حركة "حماس" له بشكل شبه كامل.
مصر: هناك اتفاقيات موقّعة مع الإسرائيليين لتنظيم التحركات في سيناء
وأوضحت المصادر، أن "المسؤولين في الفصائل لا يدركون أن هناك اتفاقيات موقّعة بين مصر وحكومة الاحتلال تنظم أية تحركات تتم في سيناء، بما فيها الحركة على معبر رفح، ولا يمكن تجاوز تلك الاتفاقات. وهو الأمر الذي قطعت فيه القاهرة شوطاً كبيراً، تمثّل في تعديل بعض تلك الاتفاقيات".
وبحسب المصادر، فقد "طالب الجانب المصري، المسؤولين في الحركتين، بتصحيح الموقف الذي جاء على لسان قيادات فيهما، وكذلك في تقارير صحافية يعلم كافة الأطراف أنها ممنهجة ومتفق عليها".
وقال أحد المصادر، إن مسؤولين مصريين ألقوا باللائمة على الحركتين، وأنهم قالوا لهم: إذا كان هناك طرف يمكن اتهامه بالمماطلة فهي الأطراف الفلسطينية مجتمعة، كون الرؤى المطروحة من قِبلها بهدف إنهاء الانقسام ومن ثم توحيد الموقف الفلسطيني، متشددة.
وأشار المصدر إلى أن "الأمر متعلق بكافة الأطراف وليس بطرف دون آخر"، معتبراً أن "الجميع لا يريد التنازل للآخر أو تقديم تسهيلات من أجل إنهاء الانقسام".
محمود عباس يطلب وساطة مصرية
وأكد المصدر، أن مسؤولين مصريين قالوا أيضاً إنهم يُفاجأون من وقت لآخر بتحركات من أطراف المشهد الفلسطيني، بعيداً عن مسار الوساطة المصري، واللجوء إلى أطراف أخرى تتعارض تحركاتها مع التحرك المصري في بعض الأحيان.
واعتبروا أنه بدلاً من الحديث فيما بين الفصائل لإنهاء الانقسام، فإن الجانب المصري فوجئ، على سبيل المثال، بمخاطبة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يطالب بحمل رسالة ووساطة من أجل اتصالات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، من أجل التفاوض على ترسيم الحدود.
وكشفت المصادر أن عباس، وخلال اتصال جرى أخيراً مع القيادة المصرية، طالب بدور مصري في مفاوضات تجري بشكل مباشر مع الاحتلال، من أجل الحديث في مقترح متعلق بالبدء في عملية ترسيم حدود تكون نواة لتسوية أوسع للصراع.
ستُرسل مصر معدات عبر معبر رفح في الأيام المقبلة إلى غزة
إعادة إعمار غزة
في الغضون، كشفت المصادر أن وفداً فنياً مصرياً سيتوجه إلى غزة، عبر معبر رفح، خلال الأيام القليلة المقبلة، لتوقيع اتفاقيات مع شركات محلية في قطاع غزة، للبدء في أول المشاريع المصرية المتعلقة بإعادة إعمار القطاع. وأكدت أن تلك الخطوة لا تأتي كرد على التصريحات الأخيرة من قيادتي "حماس" و"الجهاد". وأوضحت المصادر، أن مزيداً من المعدات المصرية ستدخل عبر معبر رفح خلال الفترة المقبلة إلى القطاع، لدعم عمليات الإعمار تحت إشراف مباشر من شركة "أبناء سيناء"، التي تتولى تنسيق الجهود المصرية تحت أعين جهاز المخابرات العامة.
وكان عضو المكتب السياسي لـ"حماس" موسى أبو مرزوق، قال أخيراً إن الوسيط المصري يماطل في تنفيذ ما اتفق عليه، مشيراً إلى أن "عتابنا على تقصير الجانب المصري في مسؤولياته، هو عتاب الأخ لأخيه". وأكد في تصريحات صحافية استعداد الحركة "لعقد صفقة تبادل أسرى غداً، لكن من يعيق ذلك هو الاحتلال الإسرائيلي".