بالتزامن مع الزيارة المقررة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الدوحة يومي الاثنين والثلاثاء، تحدثت وسائل إعلام خليجية عن زيارة متوقعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى قطر، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول إمكانية عقد أول لقاء بين أردوغان وبن سلمان منذ سنوات لا سيما وأن ذلك تزامن مع مزيد من الخطوات والتصريحات الإيجابية في مسار تحسين العلاقات بين أنقرة والرياض.
وبحسب الإعلان الرسمي لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية، يزور أردوغان الدوحة يومي السادس والسابع من الشهر الجاري استجابة لدعوة من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، حيث من المقرر أن يشارك أردوغان في اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين في نسخته السابعة، ومن المتوقع بحث العلاقات الثنائية و”القضايا الإقليمية والدولية الثنائية” والتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في سبيل تعزيز العلاقات الثنائية.
وبالتزامن مع ذلك، تحدثت وسائل إعلام خليجية عن زيارة متوقعة لمحمد بن سلمان إلى قطر خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث نقلت صحيفة “الرأي الكويتية” عما قالت إنها “مصادر دبلوماسية” قولها إن بن سلمان سوف يزور الدوحة “خلال أيام” ومن المتوقع أن يلتقي أردوغان الذي يتزامن وجوده في الدوحة مع هذه الزيارة.
هذه التكهنات التي لم تؤكدها أي مصادر رسمية سعودية أو تركية أو قطرية عززها التقارب الزمني بين زيارتي أردوغان وبن سلمان للدوحة وتزامنها مع التطورات التي شهدها مسار تحسين العلاقات بين أنقرة والرياض والاتصال الأخير بين نواب وزيري خارجية البلدين وتصريحات أردوغان الأخيرة عن قرب القيام ببعض الخطوات على طريق تحسين العلاقات مع السعودية.
مصدر تركي مقرب من الرئاسة رفض الكشف عن اسمه لـ”القدس العربي” أكد تحقيق “تقدم” في مسار تحسين العلاقات مع السعودية، مشيراً إلى احتمال حصول خطوات عملية مهمة بين البلدين خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، لكنه رفض إطلاقاً تأكيد أو نفي احتمال حصول لقاء قريب بين أردوغان وبن سلمان في الدوحة، لكنه أيضاً عبر عن اعتقاده أنه “من المبكر الحديث عن لقاء في الدوحة خلال يومين”.
وعلى الرغم من وجود تقارب في الموعد الزمني العام لزيارتي أردوغان وبن سلمان إلى الدوحة، إلا أن زيارة أردوغان المؤكدة رسمياً يومي الاثنين والثلاثاء، لا تتلاقى تماماً مع الموعد المعلن حتى الآن لزيارة بن سلمان للدوحة والمتوقع أن تبدأ الأربعاء أي عقب الموعد المعلن لمغادرة أردوغان.
وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية فإن بن سلمان يزور الدوحة الأربعاء، والأهم أن هذه الزيارة تأتي في إطار جولة خليجية مقررة لولي العهد السعودي لأهداف تتعلق بـ”الملف النووي الإيراني وإزالة أي خلافات جيوسياسية وتعزيز التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون الست في جميع المجالات”، كما تأتي الزيارة بالتزامن مع دعوة الملك سلمان بن عبد العزيز لأمير قطر للمشاركة في القمة الخليجية التي ستجري الشهر الجاري في الرياض، وهو ما يعزز الاعتقاد بأن جولة بن سلمان تأتي لتنسيق المواقف الخليجية قبيل القمة المقررة ولا تتعلق بترتيب محدد مرتبط بزيارة أردوغان.
وعدم وجود لقاء بين أردوغان وبن سلمان في الدوحة لا يعني عدم حدوث تقدم في مسار العلاقات بين البلدين، لا سيما وأن الأيام الأخيرة شهدت تطورات وتصريحات مهمة تؤشر على حصول هذا التقدم، كما أن التقارب التركي الإماراتي يتوقع أن يدفع الرياض للتجاوب مع المساعي التركية للتقارب لحماية مصالحها المستقبلية في المنطقة بشكل عام.
وعقب أيام قليلة من تأكيد أردوغان قرب تحقيق تقدم في مسار تحسين العلاقات بين أنقرة والرياض، جرى اتصال هاتفي، بداية الشهر الجاري، بين نائب وزير الخارجية التركي ياووز سليم كيران ونظيره نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي في أحدث خطوة على مسار التقارب المتوقع بين البلدين. وبحسب إعلان نشره نائب وزير الخارجية التركي عبر حسابه على تويتر، الخميس، فإنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخارجي، دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل حول فحوى الاتصال والملفات التي جرى تناولها.
وعقب زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى أنقرة الشهر الماضي التي كانت بمثابة إعلان رسمي بفتح صفحة جديدة في سجل العلاقات التركية الإماراتية عقب 10 سنوات من الخلافات الحادة، تحدث أردوغان في تصريحات مختلفة عن قرب حصول تطورات مشابهة في العلاقات مع مصر والسعودية وإسرائيل.
وفي لقاء على التلفزيون التركي، الثلاثاء، أكد أردوغان حرص بلاده على الارتقاء بالعلاقات مع كل من السعودية ومصر، وقال: “سنعمل على الارتقاء بالعلاقات مع السعودية إلى مكانة أفضل”، وعن العلاقة مع مصر قال: “العلاقات متواصلة على مستوى الوزراء ويمكن أن تحدث تطورات مختلفة للغاية بهذا الخصوص أيضاً”.
والأسبوع الماضي أيضاً، التقى فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي وزير التجارة السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، في مدينة إسطنبول على هامش مشاركة الأخير في قمة للمنتجات الحلال في إطار منظمة التعاون الإسلامي، وأوضحت وكالة الأناضول أن أقطاي والقصبي بحثا العلاقات الثنائية بين تركيا والسعودية لا سيما العلاقات التجارية.
وعلى الرغم من وجود مساع متبادلة طوال الأشهر الماضية لتحسين العلاقات التركية السعودية إلا أنه لم يعلن رسمياً عن أي خطوات عملية لتحسين العلاقات في ظل استمرار الخلافات بين البلدين منذ سنوات، حيث جرت عدة اتصالات بين أردوغان والملك سلمان ولقاءات واتصالات أخرى على مستوى وزيري خارجية البلدين إلا أنها لم تنجح حتى اليوم في تحقيق اختراق في مسار العلاقات.
ويعتبر ملف قتل خاشقجي في إسطنبول من قبل مقربين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أبرز ملفات الخلاف بين البلدين، حيث يطالب بن سلمان بإغلاق ملف القضية والتوقف عن المطالبات التركية بمحاكمة “رأس الهرم السياسي الذي أعطى الأوامر لتنفيذ الجريمة”.
وإلى وقت قريب كانت أنقرة تتمسك بمطلبها بضرورة إجراء محاكمة عادلة للمشاركين في الجريمة، لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عبر مؤخراً عن ترحيبه بالمحاكمة التي أجرتها السعودية للمتهمين بقتل خاشقجي في إسطنبول، وهو موقف يخالف كافة المواقف التركية السابقة التي شككت في نزاهة وقانونية المحاكمة السعودية واعتبر بمثابة تغير في الموقف التركي على طريق مساعي إنهاء الخلافات بين البلدين.