هآرتس - بقلم: يوسي ميلمان "يجب أن نقرأ بيان الشاباك الذي نشر الخميس الماضي، وجاء فيه بأن تم توظيف عامل في منزل وزير الدفاع بني غانتس، عرض المساعدة على قراصنة من إيران. هذه مهنة لغسل الكلمات، والهدف منها هو التهرب من المسؤولية. في البيان تفاخر جهاز الأمن العام وقال “تم إحباط النية مسبقاً على خلفية اعتقال سريع للمتهم عمري غورن”. وأنه “على خلفية إجراءات أمن المعلومات في منزل الوزير، لم يطلع المتهم غورن على مواد سرية”. يواصل الشاباك تفاخره بأقوال مثل “إجراءات الإحباط السريع والفوري التي اتخذها الشاباك وأدت نوايا في المهد كانت ستؤدي إلى الإضرار بأمن الدولة”.
يعتبر الشاباك تعامله مع هذه القضية المخجلة “نجاحاً” وأنه بذل كل الجهود لتقليص مسؤوليته عن إخفاق من الإخفاقات الكبيرة في العقود الأخيرة. يمكن الإصابة بالقشعريرة من حقيقة أن مجرماً سابقاً قضى بضع سنوات في السجن على أعمال سطو واقتحام، تم توظيفه مدة سنتين تقريباً بدون إزعاج في منزل وزير الدفاع، الذي تجول فيه كما يتجول في بيته، وقام بتصوير كل ما أراد تصويره. ولو أراد لأمكنه زرع عبوة ناسفة هناك.
توجد على الأقل وحدتان مسؤولتان عن الفشل: الأولى وحدة حماية الشخصيات المهمة 730. وهي وحدة فشلت سابقاً عندما لم تمنع قتل رئيس الحكومة إسحق رابين قبل 26 سنة. مهمة هذه الوحدة التي تم تشكيلها في العام 1958 هي الاهتمام بترتيبات الحماية للشخصيات العامة الرفيعة والدفاع عنها من أي تهديد، خصوصاً تهديدات الإرهاب. ومهمتها الرئيسية حماية من يعتبرون “رموز النظام”. وعدد هذه الرموز الآن 7، وهم: رئيس الحكومة، ورئيس الدولة، ورئيسة المحكمة العليا، ووزير الدفاع، ووزير الخارجية، ورئيس الكنيست، ورئيس المعارضة.
الوحدة الثانية مسؤولة عن فحص “الغربلة والتصنيف” والأمن وخلفيات المرشحين لوظائف جهاز الأمن. أي مرشح للعمل، حتى الأصغر من بينهم، في الصناعات الأمنية أو في الوزارات الحكومية، وبالأحرى في جهاز الاستخبارات والوحدات العسكرية الخاصة، الذي يمكنه الوصول إلى معلومات سرية أو حساسة، يجب عليه أن يمر في استجواب ويملأ استبانة مفصلة عن ماضيه وأصدقائه وأبناء عائلته. وبدون مصادقة وحدة “الغربلة الأمنية” هذه، لا يتم إعطاء المرشح التصنيف الأمني المطلوب، وسيواجه عقبات كثيرة لقبوله للعمل.
من غير الواضح ما إذا كان غورن قد مر في الاستجواب، أو على الأقل عبأ الاستبانة. لو اجتاز فحصاً أمنياً لتبين في فترة قصيرة جداً أن له ماضياً جنائياً، ولتم استبعاده عن العمل، بالتأكيد العمل في محيط “رمز من رموز النظام”. وإذا كان قد قبل للعمل في منزل غانتس دون أن يجتاز الاستجواب في البداية، فهناك إهمال خطير جداً. وبدون استجواب أو تعبئة الاستبانة، كان يمكن للشاباك أن يجد تفاصيل عن ماضيه. كانت المعلومات عنه وصورته متاحة لكل من كبس على اسمه في محرك البحث. وهذا بالضبط ما فعله المراسلون عندما عرفوا عن أمر اعتقاله.
سلوك الشاباك يصرخ إلى عنان السماء؛ لأن أي شخص يستدعي أي حِرفي للعمل في منزله سيبحث عنه عبر “غوغل” على الأقل بحثاً عن معلومات أساسية عنه. مثلاً، هل هو متورط في نزاع تجاري؟ هل تم تقديم دعاوى ضده في المحكمة؟ وما شابه. والمحترفون يطلبون من الحرفي إحالتهم إلى الأشخاص الذين وظفوه من قبل للحصول على توصية حول موثوقيته وجودة عمله.
في المسافة بين هاتين الوحدتين أو في ظل غيابها، تكمن بذور الفشل الذريع، رغم أن لضابط الأمن المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع تدخلاً في حماية منزل وزير الدفاع. ولكن المسؤولية الوظيفية – الإدارية الأولى هي للذين كانوا يترأسون الوحدتين عندما تم قبول غورن للعمل، وأيضاً في فترة تشغيله التي كان يمكن فيها أن يجتاز فحوصات دورية. فوق كل ذلك، تحلق صور لشخصيات رفيعة أخرى، مثل رئيس قسم الحماية المسؤول عن الوحدة 730، ورئيس الشعبة اليهودية الذي يترأس الوحدة الثانية، ورئيس الشاباك السابق نداف ارغمان، الذي حدث الخلل في فترته.
في رسالة مكملة للبيان الأول وفي الإحاطات الأخرى التي قدمت لوسائل الإعلام، قال الشاباك بأنه سيتم إجراء “تحقيق فيما يتعلق بإجراءات الفحص بهدف تقليص احتمالية تكرار أحداث كهذه”. كما أشير إلى أن الشاباك يتحمل مسؤولية الفشل. ولكن ما معنى هذه المسؤولية؟ جرى اعتقال غورن قبل بضعة أسابيع. ومنذ ذلك الحين وحتى كشف القضية، كان للشاباك وقت كاف للتحقيق في هذا العار واستخلاص الدروس وتطبيق القانون على المسؤولين. الجهاز الذي يتفاخر بثقافته التنظيمية والإدارية ويدعي أنه من أفضل الأجهزة في إسرائيل، نتوقع أن يتم فعل أكثر من ذلك. كان يجب على المديرين المسؤولين الاستقالة. ولأنهم لم يفعلوا ذلك، كان لزاماً على رئيس الشاباك، رونين بار، إقالتهم.
ولكن الدولة التي فيها مأمورة مصلحة السجون، ترفض الاستقالة عقب هرب سجناء أمنيين خطيرين. والدولة التي يتميز مواطنوها بصفات التبرير والتملص من المسؤولية، يتبين فيها أن جهاز الشاباك ككل الأجهزة.