أدى تصنيف إسرائيل المفاجئ لست مؤسسات من المجتمع المدني الفلسطيني ك”منظمات ارهابية “إلى انقسام ائتلافها الحاكم وتعرضها لانتقادات من منظمات تدافع عن حقوق الإنسان مثل “هيومن رايتس ووتش” و”أمنستي”.
وبرّرت إسرائيل خطوتها بأن هذه المنظمات مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وأثار القرار الذي أعلنه وزير الدفاع بيني غانتس الجمعة الماضي صدمة، بما في ذلك بين المانحين الأوروبيين الذين يدعمون المؤسسات المستهدفة ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش. كما أعربت منظمات إسرائيلية غير حكومية عن دهشتها، لكونها تتعاون مع تلك المؤسسات الفلسطينية.
وكذلك وردت انتقادات في بعض وسائل الإعلام، بالنظر إلى أهمية بعض المؤسسات، لا سيما مؤسسة “الحق”، وهي مجموعة حقوقية أسسها العام 1979 المحامي والكاتب رجاء شحادة المساهم في مجلة “نيويوركر”.
كما تعرض غانتس لانتقادات من داخل الحكومة الإسرائيلية المؤلفة من ائتلاف من ثمانية أحزاب يضم سياسيين يساريين.
وحذّر وزير الصحة ورئيس حزب “ميرتس” نيتسان هوروفيتس من أن إسرائيل كقوة عسكرية محتلة يجب أن تكون “حذرة للغاية في فرض عقوبات على المنظمات المدنية الفلسطينية، لأن هناك عواقب سياسية ودبلوماسية لذلك، والأهم على حقوق الإنسان”.
وقالت وزيرة المواصلات وزعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي إن الطريقة التي تمّ بها الإعلان “ألحقت ضررا كبيرا بإسرائيل من أعظم وأهم أصدقائنا”.
لكن مكتب غانتس لم يغير موقفه، وأصر على أن تحقيقا مشتركا لمؤسسات الامن أثبت أن المؤسسات الست تعمل “كشبكة منظمة تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.
تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عام 1967 برئاسة جورج حبش الذي مزج بين الماركسية اللينينية والقومية العربية ومعاداة الصهيونية، وأصبحت في نهاية المطاف ثاني أقوى منظمة فلسطينية مسلحة بعد تنظيم حركة فتح برئاسة ياسر عرفات.
لكنها لا تملك صواريخ وترسانة أسلحة كالتي لدى تنظيمي حماس أو الجهاد الإسلامي، وتنشط خصوصا في الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل المعروفة باسم “بي دي اس”، وهي الأحرف بالانكليزية لمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات.
تصنف الولايات المتحدة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منظمة إرهابية. وكذلك الاتحاد الأوروبي. وتقول إسرائيل إن الجبهة مسؤولة عن تفجير عام 2019 في الضفة الغربية المحتلة أسفر عن مقتل الإسرائيلية رينا شنيرب (17 عامًا).
وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في غزة جميل مزهر لوكالة فرانس برس إن المنظمات المصنفة “لا رابط بينها وبين الجبهة الشعيية، هي تمارس دورها باستقلالية تامة ومشهود لها في المحافل الدولية”.
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هدفا رئيسيا لمنظمة غير حكومية إسرائيلية “مونيتور” التي تتعقب تمويل وأنشطة المنظمات الفلسطينية غير الربحية المنخرطة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع التركيز بشكل خاص على المانحين الأوروبيين.
وقال رئيس منظمة “مونيتور” جيرالد شتاينبرغ لفرانس برس إن تصنيفات المؤسسات الفلسطينية الست “تعكس على ما يبدو تأثير البحث المستمر الذي تقوم به منظمة مونيتور”.
وكتبت “مونيتور” في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 إلى المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال “أولاف” لتشارك في ما قالت إنه دليل على تقديم أموال من الاتحاد الأوروبي لمنظمات غير حكومية فلسطينية لها صلات بمنظمات إرهابية.
وردّ “أولاف” في كانون الثاني /يناير من هذا العام ب”رفض القضية على أساس عدم وجود اشتباه كاف لفتح تحقيق”، وذلك وفقا لرسالة اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وليست إسرائيل ملزمة بالكشف عن الأدلة التي استخدمتها لدعم تصنيف الإرهاب، وذلك للسرية المسموح بها بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2016.
وقالت وزارة الدفاع إن أعضاء بارزين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يسيطرون على هذه المؤسسات التي يعمل فيها “ناشطون متورطون في أنشطة إرهابية”.
ويقول أستاذ القانون في جامعة تل أبيب إلياف ليبليش لفرانس برس “يكاد يكون مستحيلا” بالنسبة إلى المنظمات الفلسطينية أن ترى الأدلة المزعومة، إذ إن بإمكان إسرائيل حجبها لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
وصرح مسؤول إسرائيلي اشترط عدم كشف اسمه لفرانس برس “في الأيام المقبلة، يتوجه مبعوث خاص من +شين بيت+ (جهاز الأمن الداخلي) ووزارة الخارجية إلى الولايات المتحدة حاملاً مواد استخبارية تثبت وجود صلة (للمجموعات الست) بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.
في غضون ذلك، استمرت المعارضة ضد قرار التصنيف، ووصل الى مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة الأربعاء ممثلو حوالى 25 منظمة حقوقية أهلية إسرائيلية للتضامن مع المؤسسات الفلسطينية.
وقال مدير مؤسسة “بتسيلم” حاجاي إلعاد لوكالة فرانس برس خلال وقفة التضامن “جئنا لنعلن تضامننا مع زملائنا الفلسطينيين، ونعلن رفضنا لقرار وتصنيف وزير الدفاع الاسرائيلي للمنظمات الفلسطينية بالإرهابية”، مؤكدا أن “هذا التصنيف لا يعني لنا شيئا”.
وأضاف “أغلقت إسرائيل العشرات من المؤسسات الأهلية الفلسطينية خلال العقود الماضية، لكن ما هو جديد هو استهداف مؤسسات لها احترام وتقدير دولي مثل مؤسسة الحق”.
وتابع أن العنصر الجديد الآخر يكمن في أن “هناك استياء دوليا، لأن إسرائيل كانت حتى الآن تتصرف من دون أي محاسبة”.