قُصر الكلام! ،،، محمد سالم

السبت 23 أكتوبر 2021 01:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
قُصر الكلام! ،،، محمد سالم



قلنا فى مقال سابق: إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من زهق. كل ما نكتبه ،كمن يحرث البحر، ويعود في المساء حاملا فأسه وبؤسه ، او يزرع في أرض بور، بمياه مالحة ويحلم بموسم الحصاد!!

 قُصر الكلام، عم عشم، واحد من أولئك الذين عاشوا طويلًا في جو الاستخفاف بعقول الناس والاستهانة بهم. فهناك دائمًا مسحةً من الدجل السياسي، والاستخفاف والمتناقضات والمفارقات التي تستخفُّ بعقل الموطن وتهين ذكاءه، ولا يمكن أن يقتنع بهذه الروايات المهلهلة، ومن يلفق إجابة لا تقنع أحدًا. كما حدث من قبلُ، وكما سيحدث فيما بعدُ؛ وبالتالي كان لعم عشم راي اخر وكلمات مختصرة حين قال: اشباه الحكومات عندنا.. للأسف بدل ..ما بيجى من وراها للمواطنين الغلابة والبسطاء مِنح ورخاء  ، بيجيلهم من وراها مِحن وخراء ، هؤلاء. عبارة عن لعنة تسعي بين الناس.. هم  اختبار وابتلاء للمؤمنين..من صبر عليهم و لم يضربهم بالحجارة كان هذا في ميزان حسناته!

 
كانت أم كلثوم تشدو: سنين ومرت زي الثواني في حكمك أنت. لقد أصبح ماسخ بزيادة. بتكرار المشهد المعاش يوميا. نفس الوجوه  نفس الاحاديث التافهة والافكار العقيمة .. أن تستمر الحياة على هذا النحو حتى الموت، هذا هو الجحيم بحد ذاته ! هكذا يؤكد الأديب الروسي "ﺗﻮﻟﺴﺘﻮﻱ"! عظم الله أجرك يا تولستوي ، وكأنك لم تجرب جحيم نفس الخلافات اليومية ، والعك السياسي ،مع نفس الشخوص، والنكد اليومي الذي يبيعه الآخرون مجانًا؛ بل ويجبرونك على تجرعه مقابل الحصول على حقوق معيشتك المشروعة!

 الوجوه التي تتكرر والأحاديث نفسها التي لا قيمة لمحتواها ولا هدف من تكرارها سوى محاولاتنا البائسة لنفخ قِرب الوقت المقطوعة، وتعبئة فراغات التواصل الخانقة بالهواء؛ كلها أشياء مقدور عليها حتى وإن بدت غير مُحتملة، لكن ماذا لو تكرر المشهد ذاته والأحاديث نفسها مع وجوه عكرة، صماء، باردة، تخترق أحاديثهم روحك كالسيف ، مهما انتزعته سيترك أثرًا لجرح غائر!.

 
حتى تلك المعارك الموسمية التي يصر البعض دون هوادة على افتعالها وتكرارها في موعدها المقرر، أصبحت رتيبة سخيفة تفتقر إلى ما يشدني، وكأنها مسلسل عربي من التسعينات يعاد للمرة السابعة والأربعين والمائة على نفس المحطة في نفس الموعد. المصيبة، عند العرض الرئيسي للفيلم الجديد ... تجد كل المشاهدين قد نفذت طاقاتهم وسقطوا في سابع نومه .
 

قلت : للسياسة ألف وجه تحكمها المصالح من كل وجه، فاذا التقت المصالح التقت الوجوه و اذا تنافرت المصالح  تباعدت الوجوه؛ منذ تنفيذ مخطط الانقسام الصهيوني، اكتمل انسداد الحالة السياسية ، وظلت مغلقة حتي الآن، وللحكّام  في ذلك طرق ووسائل وابتكارات لا تنتهي أحدثها البيضة ام الدجاجة / الوحدة ام الانتخابات؟! طيب خليك شبه حاكم هنا، وانا و الجماعة هناك؟!


قال: أعتقد أن هناك اتفاقا صامتا بينهم، لعدم فتح ملف الانتخابات او الوحدة الوطنية؛ وما حدث لنا بعد مخطط الانقسام الاسود، يعرفه القاصي والداني، وبرغم من ذلك يوجد قوم خيبتها في عقلها الأعوج ..و ناس خيبتها في لسانها المنفلت وناس خيبتها في عقلها ولسانها. وناس اعتادوا أن ينتظروا متحمسين الي حوارات الوحدة الوطنية، و الى كذبة الانتخابات بالرغبة المحمومة نفسها التي ينتظر بها الأطفال قدوم السيرك.

 على كل حال .. أهل قريتنا  الطيبين قالوا زمان " البكاء في الفائت نقصان عقل" الناس المثقفة عجبها المثل وأعادت إخراجه أو صياغته قائلة: "لا تبكي على اللبن المسكوب". وهي نظرية فلسفية قد تبدو عملية ومنطقية، فماذا يفيد البكاء، لقد وقعت الواقعة، ليست لوقعتها كاذبة، والبكاء والعويل لا يعيد المتوفي للحياة ولا يشفي المريض، مثله مثل كذبة المصالحة الوطنية. والانتخابات و المضاجعة  السياسية.


هناك. أيضا نظرية اقتصادية تقول: وفر دموعك لتبكي على اللبن الذي لن تستطيع شرابه، أولن تستسيغ شرابه لعلة جسدية تتعلق بانقسامك، أو لن تقدر على شرائه، كما لن تقدر على شراء نفسك من ذل التسول الممزوج بالدجل السياسي، والتشرد الاقليمي ، فلا تبكي على عمر شعبك الذي ذهب هباء منثورا، وفر دموعك لتبكي على قضيته ، وعمره الذي سيذهب في انتظار سراب الوحدة وحق الاختيار؛ وفر دموعك لتبكي على إحساسك بالعجز، وأنت تملك كل حواسك.


قصر الكلام .. ربنا يأخذ الإنسان، وحفظ الله لنا الانقسام في كل مراحله. إلهي يستره وينور طريقه وما يحرمه من نور عينه. ياما ساعدنا وخدمنا في أصعب لحظات حياتنا الانقسامية. وبعدين احنا متوحدين؟ ولا حضرتك مش واخد بالك؟ فحوار الوحدة، و الانتخابات الذي تتحدث عنه، ممكن ولكن بشرط أن يلج المنقسمون في سم الخياط!!. هات قهوة سادة.. لعم عشم.