استهداف الشيعة ..عمرو الشوبكي

الأربعاء 20 أكتوبر 2021 02:42 ص / بتوقيت القدس +2GMT



علينا أن نتوقف أمام حادثين إرهابيين استهدفا الشيعة في أفغانستان، الأول جرى يوم الجمعة قبل الماضي، في مدينة خان أباد في شرق أفغانستان وخلّف 50 شهيدا وما يقرب من 150 مصابا، والثاني، الجمعة الماضي، وخلّف 41 شهيدا وعشرات المصابين.
والمؤلم أن هاتين العمليتين مثل كثير غيرهما يقوم بها انتحاريون يُفجرون أنفسهم وسط جموع المصلين، وهو ما يعني أن هناك نمطا مشوَّها من تلقين الكراهية والحقد يجعل هؤلاء القتلة مستعدين للموت من أجل استهداف مصلين أبرياء من أبناء ديانتهم، فهم هنا لا يُكفِّرونهم فقط، لكنهم على استعداد لأن يدفعوا حياتهم في سبيل موتهم.
صحيح أن الإرهاب لا يستهدف الشيعة فقط، إنما هو يستهدف بشرا آمنين من كل الطوائف والأديان: مسيحيين ومسلمين وأبرياء. ويكفي ما جرى في مصر حين استهدف إرهابيون قتلة مصلين مسلمين سنة في مسجد الروضة في سيناء، في واحدة من أشد جرائم هذا القرن قسوة ودموية، وراح ضحيتها 235 شهيدا. وهو ما عجزت أشد تفسيرات هذه الجماعات تطرفا عن تبريره، فنظرية «التتَرُّس» التي روّجتها «القاعدة» و»داعش» وحلفاؤهما وقالت، إنه يمكن قتل المسلمين لو كان الكفار أو الطواغيت «يتَتَرَّسون» خلفهم لم تنطبق بأي حال على مصلين أبرياء في أحد المساجد.
ومع ذلك، فإن هذا الاستهداف الممنهج للشيعة في أفغانستان وغيرها من البلاد يعبر عن بُعد طائفي ومذهبي واضح، فلا يوجد هناك صراع على السلطة كما جرى في العراق حين هيمنت الأحزاب الشيعية الموالية لإيران على المنظومة الطائفية الجديدة وحلت مكان نظام صدام حسين.
لقد روّجت أحزاب الطوائف الشيعية أن نظام صدام حسين كان «سُنيا»، في حين أنه كان نظاما ديكتاتوريا لم يميز بين الطوائف، حتى لو كان الرجل ينتمي إلى المذهب السُّني، كما أن كثيرا من السُّنة حملوا كراهية للسلطة الشيعية الجديدة لأسباب «سلطوية»، وعلى اعتبار أن العراق منذ استقلاله لم يقُدْه إلا مسلمون سُنّة، فوجدوا ضالّتهم في «القاعدة» و»داعش»، اللذين استهدفا الشيعة مذهبا وسلطة جديدة في نفس الوقت.
إن استهداف شيعة العراق لم يُلْغِ استهداف السُّنة، مع فارق رئيسي أن عناصر «داعش» و»القاعدة» كانوا على استعداد للقيام بتفجيرات انتحارية في أسواق ومساجد لمجرد قتل الشيعة، في حين أن تنظيمات التطرف الشيعية مارست إرهابا وقتلا في حق مسلمين سُنّة بغرض السيطرة على مناطقهم، أي في إطار الصراع السياسي في العراق، حتى لو أخذ بُعدا طائفيا.
ما لم تَعِ الأغلبية السُّنية في العالمين العربي والإسلامي أن هناك استهدافا طائفيا للشيعة ولكثير من الأقليات، بجانب الاستهداف الإرهابي للجميع، فإن علينا أن نتوقع أن تستمر إيران في استثمار هذا الخلل، وفي دفع بعض الشيعة إلى الارتماء في أحضان أحزاب وميليشيات توفر لهم الحماية الطائفية، ولو على حساب الوطن.