شنّت وسائل إعلام وشخصيات إسرائيلية سياسية حملة تحريض واسعة النطاق على سيّدة تركيا الأولى أمينة أردوغان بسبب تضامنها مع الشعب الفلسطيني، وبخاصة المرأة الفلسطينية التي تتعرض لاضطهاد مستمر من قبل السلطات الإسرائيلية وأذرعها الأمنية والسياسية والعسكرية كافة.
وكانت أردوغان أشادت خلال كلمة ألقتها في فاعلية لدعم المرأة الفلسطينية، نظمتها منصة "كلنا مريم" في إسطنبول بشجاعة المرأة الفلسطينية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية بمدينة القدس المحتلة.
وقالت أردوغان: "القدس مكان مليء بالرموز الإسلامية وفيه المسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين".
وأشارت إلى أن المرأة والفتيات في فلسطين يقدمن نموذجاً باسلاً في الكفاح ضد انتهاكات إسرائيل بحق المدنيين.
وأوضحت أن حل القضية الفلسطينية يعتمد على العمل الجاد لإيقاظ الضمير الدولي ووحدة الأمة الإسلامية.
ولم يكن الخطاب وحده ما أثار الغضب والجدل في إسرائيل، إذ ذرفت سيدة تركيا الأولى الدموع أثناء هذا الخطاب عندما ذكرت معاناة المرأة الفلسطينية التي تواجهها القوات الإسرائيلية بالنار.
دموع أردوغان كانت كفيلة بأن تشعر القيادات السياسية في إسرائيل بأنها تقف أمام حدث من شأنه أن يكشف وحشية الاحتلال ويفضح سياسته بحق الفلسطينيين دولياً، بخاصة أن إسرائيل تعد من أكثر الدول حرصاً على صورتها أمام المجتمع الدولي، وتقيم وزارة خاصة للترويج والتسويق للتغطية على ما ترتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، تدينها المؤسسات الدولية.
وانتشر فيديو بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي في إسرائيل وتداولته كبرى الصحف، وهو يظهر أمينة أردوغان تذرف الدمع تضامناً مع المرأة الفلسطينية.
وكان من أبرز الذين هاجموا سيّدة تركيا الأولى وزير خارجية إسرائيل السابق وعضو الكنيست الحالي عن حزب الليكود يسرائيل كاتس الذي يبدو أن المقطع المتداول أثار حفيظته أكثر مما ينبغي فأخذ يحرّض على السيدة أمينة بشكل واسع.
ونقل كاتس على لسان أردوغان قولها إن "إسرائيل تطلق النار على الفلسطينيات وتفتح عليهن نار جهنم"، وعلّق على التصريح المذكور بشكل فجّ كأن التصريح يبدو مستغرباً في إسرائيل التي تعتقل في سجونها عشرات الأسيرات الفلسطينيات وتستهدف النساء والأطفال بالقنابل والصواريخ.
وقال كاتس: "تركيا بقيادة أردوغان توفر الحماية لعناصر حركة حماس الذين يدعمون إطلاق النار من غزة على إسرائيل، عليهم أن يصمتوا".
من جهتها، حاولت القناة 12 العبرية التقليل من تأثير تصريحات سيدة تركيا الأولى، وزعمت أن "تصريحات أردوغان ليست ذات تأثير كبير"، وهو ما يناقض في الأصل نشر المقطع على موقع القناة الإلكتروني وكذلك انتشار تصريحاتها بشكل واسع حتى في إسرائيل.
وقالت القناة: "تصريحاتها جرت مواجهتها بانتقاد كبير في تركيا، في مواقع التواصل الاجتماعي هناك من هاجم هذه التصريحات، ودعاها لأن تهتم أكثر بالأتراك بدلاً من الفلسطينيين"، ولم تنشر القناة ما يوثق هذه الإدعاءات التي بدا أنها كتبت من قبل محرريها على عجل، في مسعى لنزع شرعية تصريحات أردوغان والتقليل من حدتها عند مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي.
وتناولت صحيفة "يسرائيل هيوم" واسعة الانتشار أيضاً تصريحات أمينة أردوغان، وأبرزت منها بالذات قولها: "فلسطين مرآة لنا جميعاً بصفتنا مسلمين والتزامها جزء من وصية ديننا".
وكتبت الصحيفة في سياق هجومها: "أمينة مثّلت بشكل واضح مساعي زوجها لإقامة الإمبراطورية التركية مجدداً، عندما قالت إن القدس تحت الحكم العثماني كانت تعيش في سلام وكانت مدينة الأديان التي سمح للجميع الصلاة فيها، لكن الآن صارت مليئة بالخوف والاحتلال".
لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ نشرت القناة 7 الإسرائيلية تقريراً حول الحادثة يحمل عنوان "الفلسطينيون والأتراك ضد زوجة أردوغان".
وزعمت القناة بلا نشر أي دليل أن تصريحات أمينة أردوغان حول فلسطين أثارت انتقادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين وكذلك في تركيا، حتى بلا تبرير لرد الفعل الفلسطيني المزعوم على تصريحات مؤيدة له ولنضاله المستمر!
وادعت القناة أن "فلسطينيين قالوا إن بكاء أمينة أردوغان كان غير حقيقي والقضية الفلسطينية لا تعنيها"، وهذه أوّل مرة تهتم وسائل إعلام إسرائيلية بنقل رأي فلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لم تنشر ما يوثق هذا التصريح المزعوم والمنسوب على حد قولها لـ"أحد الفلسطينيين" كما كتبت حرفياً.
كما سعت الصحيفة لشنّ هجوم أوسع على أردوغان، هذه المرة من تلقاء نفسها ومخيلة محررها من دون الاستناد حتى على مصادر "مُجهّلة" أو نسب التصريحات لـ"أحدهم".
وخاضت القناة بالحياة الشخصية لأمينة أردوغان بدلاً من تناول تصريحاتها بشكل واقعي، وهي تصريحات لا يمكن نفيها وتتلاءم مع واقع الشعب الفلسطيني الذي تعترف دول العام كافة وشعوبها بأنه يقع تحت الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب بحقه، وفق التقارير الأممية.
وبدأت القناة في رسم حياة خيالية لزوجة الرئيس التركي والحديث عن ملابسها وحتى طريقة تناولها للطعام، لكنّها لم تتعرض أبداً لحقيقة تصريحاتها بشأن المرأة الفلسطينية وواقع مدينة القدس المحتلة، وسارت في المشهد بعيداً عن القضية الأساسية.