في ظل التوترات الإسرائيلية الإيرانية المتصاعدة في الآونة الأخيرة حول ملفات عديدة، أهمها البرنامج النووي، ثم التواجد العسكري في سوريا، وصولا إلى حرب السفن المتبادلة، يرصد الإسرائيليون قائمة بالأضرار التي سببتها حكومة بنيامين نتنياهو طويلة، لدرجة أنه من الصعب تحديد أخطر هذه الأضرار على الإطلاق.
مع أن نتنياهو استطاع إقناع الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018 بالانسحاب من الاتفاقية الموقعة في 2015 بين إيران والولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا وألمانيا، ونتيجة لذلك أصبحت إيران أقرب بكثير اليوم لحيازة القنبلة النووية، ولن يكون ذلك بعيدا، رغم ما يظهره قادة حزب الليكود في التفاخر بمساهمتهم الكبيرة في الأمن، حيث وافقوا على تخصيب اليورانيوم فقط، وليس بناء منشآت جديدة للمياه الثقيلة، والسماح بالإشراف الدقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
دان بيري، رئيس جمعية الصحفيين الأجانب في إسرائيل، كتب في موقع زمن إسرائيل، أن "الاتفاق النووي العالمي مع إيران لم يتطرق لدعمها للعنف والمليشيات المسلحة في المنطقة، خاصة حزب الله في لبنان، ولم يتطرق لتطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل أسلحة نووية، لكنها في المقابل كانت أفضل صفقة يمكن التوصل إليها مع طهران، وقد أوقفت البرنامج النووي، ولا يوجد دليل على أن إيران لم تحترم الاتفاق حتى ألغاه ترامب، ووافقت عليه الوكالة النووية مرارا".
وأضاف بيري في مقال أن "المؤتمر الشهير الذي عقده نتنياهو في عام 2018 للإيحاء بوجود مثل هذه الأدلة ضد الاتفاق النووي، لم يقدم سوى النتائج التي تم التوصل إليها قبل توقيع الصفقة، مع العلم أن حجة نتنياهو الرئيسية، التي تبناها ترامب بلا شك، كانت سخيفة، لأنه زعم أن الاتفاقية ستسمح لإيران بـ"الركض" إلى القنبلة عندما تنتهي صلاحيتها، بالتزامن مع رغبة القوى العالمية بتجديد أو تمديد الاتفاقية في الوقت المناسب، وإلا سيتم تجديد العقوبات".
ويمكن الإشارة إلى أن العمل غير المحسوب الذي أقدم عليه ترامب ونتنياهو ساهم في إحداث ضررين أساسيين، أولهما أن انسحاب الأول من الصفقة التي وقعها سلفه، بضغط من نتنياهو، يعني أن ترامب قوض مصداقية الولايات المتحدة، ما أدى لتعطيل علاقات أمريكا مع العالم لفترة طويلة، أما نتنياهو فقد شرع بعملية "تسميم" علاقات إسرائيل مع الحزب الديمقراطي، الذي عاد الآن إلى السلطة في واشنطن.
في المقابل، يقدر المسؤولون في إسرائيل بالوقت الحالي أنه بالتزامن مع اقتراب إيران لحيازة القنبلة النووية، فإن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى لإغلاق اتفاقية جديدة، ولكن من غير الواضح فرص نجاحها، وفي غضون ذلك يلمح رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت أن إسرائيل أمامها خيارات أخرى، لكن إلغاء البرنامج النووي بالقوة يبدو غير معقول، خاصة أن رئيسي الوزراء السابقين إيهود باراك وإيهود أولمرت قدرا في الأسابيع الأخيرة أن الأوان قد فات، لأن الأهداف النووية عميقة جدًا في الأرض.
إضافة لذلك، فإن التقديرات العسكرية تتحدث بأنه من شأن هجوم كبير على إيران أن يؤدي لهجوم مضاد مدمر سيكلف خسائر بشرية إسرائيلية لا حصر لها، وربما يشعل حربا أوسع نطاقا، وكأن سيناريو الرعب هذا متوقعا تماما، وهذا سبب ميل خبراء الأمن الإسرائيليين لدعم الاتفاقية النووية، رغم عدم تحلي الجميع بالشجاعة للتحدث علنا ضد رئيس الوزراء.
عربي 21