إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "تضمن البيان الرسمي حول لقاء بينيت والسيسي أمس في شرم الشيخ، الكثير من المواضيع: التعاون بين الدولتين، والاتفاقات التجارية، ومسائل إقليمية ودولية.
كل هذه بحثت بالفعل، ولكن الموضوع الأساس والأهم في اللقاء هو غزة. واضح للطرفين أن الوضع في الجنوب قابل للانفجار، على حدود الانفجار العنيف. فمع أن مصر غارقة في مساعي الوساطة بين الطرفين، ونجحت أحياناً في تهدئة الأمور في الأشهر الأخيرة، لكن يخيل أن تحديها الآن أكبر من الماضي. وهذا ينبع من تراكم للأحداث.
حماس محبطة جداً من عدم نجاحها في تحويل حملة “حارس الأسوار” إلى إنجازات حقيقية. فحجم نقل البضائع إلى القطاع ومجالات الصيد، وإن كانا اتسعا في الأيام الأخيرة بناء على الطلب المصري (بما في ذلك كبادرة حسن نية قبيل لقاء الزعيمين)، غير أن نقل الأموال يصطدم بالمشاكل بعد أن تراجعت السلطة الفلسطينية عن موافقتها على أن تكون هي قناة دفع الرواتب لموظفي حكم حماس في غزة.
والنتيجة هي استياء متعاظم في حماس، المتوجه نحو العنف. يحيى السنوار غير معني بتحطيم الأواني في هذه المرحلة. وعليه، فإنه يختار العنف “الرقيق” نسبياً: بالونات حارقة، ومواجهات على الجدار. تحتوي حماس في هذه المرحلة هجمات الرد من جانب سلاح الجو، ولكن ليس مؤكداً أن تفعل هذا على مدى الزمن. بالتوازي، يسعى الجهاد الإسلامي لاستغلال الفرصة على خلفية فرار السجناء من سجن جلبوع. فمنذ ثلاثة أيام على التوالي، والتنظيم يطلق كل مساء صاروخاً نحو “سديروت”، كتضامن مع الفارين ومع كفاح السجناء الفلسطينيين في السجون، والذي من المتوقع الآن التشديد في شروط حبسهم. كجزء من ذلك، بحثت إمكانية وقف التوزيع التنظيمي في الغرف والأقسام، الأمر الذي أثار غضباً شديداً في أوساط السجناء الذين حذروا من أنهم سيشرعون في إضراب عن الطعام.
الجهاد في غزة يحرص على عدم تحطيم الأواني
يسعى الجهاد في غزة لردع إسرائيل من إجراءات كهذه، كما يحرص أيضاً على ألا يحطم الأواني، ولكن قد يغير سياسته في حالة قتل اثنين من السجناء اللذين لم يلقَ القبض عليهما بعد. لن تتمكن إسرائيل من التجلد على تصعيد كهذا، وقد تختار تركيز المعركة على الجهاد الإسلامي فقط، مثلما فعلت في أثناء حملة “حزام أسود” في تشرين الثاني 2019، التي بدأت بتصفية مسؤول التنظيم في القطاع بهاء أبو العطا.
غير أن حماس اختارت في حينه الجلوس على الجدار، وعدم القتال ضد إسرائيل. أما الآن فوضعها أكثر تعقيداً: سيكون صعباً عليها أن تتجلد حين يتعلق الأمر بالسجناء الفلسطينيين. فالحديث يدور عن موضوع يجمع عليه الشارع الفلسطيني، والسنوار نفسه أيضاً سجين سابق تحرر في صفقة شاليط، وأقسم غير مرة أن يفعل كل شيء كي يحرر رفاقه الذين تبقوا وراءه.
في المقابل، حماس غير معنية بمعركة أخرى، والسنوار يعرف بأنه قد يدفع الثمن بحياته. وهنا يدخل المصريون في الصورة، وسيبحثون في الأيام القريبة القادمة عن صيغ تؤدي إلى تهدئة الوضع. إسرائيل ترفض حالياً كل صيغة لا تتضمن قبل كل شيء حلاً لمسألة الأسرى والمفقودين (المنسق يرون بلوم، رافق أمس رئيس الوزراء في زيارته إلى مصر) الموضوع الذي يخيل في هذه اللحظة كأمر غير قابل للحل على خلفية أزمة السجناء الحالية.
وإذا لم يكن كافياً التوتر في الجنوب، فقد سجل في الضفة وشرقي القدس أيضاً، في الأيام الأخيرة، ارتفاع في حجم العمليات والعنف. عملية الطعن في شارع يافا في القدس أُحبطت أمس بفضل يقظة المواطنين والأداء السريع والحازم لشرطيات من حرس الحدود، ولكننا نفهم منها أن الميدان يغلي.
لقد باتت قوات الأمن معتادة على التصدي لموجات إرهاب مشابهة في السنوات الأخيرة. هذه المرة أيضاً، الحل يكمن في خليط من المعلومات والردع، خصوصاً بنشر مكثف للقوات في الميدان. إذا ما تفجر المخربون على الجنود وليس على المواطنين، وإذا لم ينجحوا في القتل، فستخبو الموجة الحالية أيضاً. هذا سيحصل فقط بعد أن يلقى القبض على السجينين الفارين أيضاً، ومرة أخرى تبعاً لأن يعتقلا على قيد الحياة.
قد تسعى إسرائيل أيضاً لاتخاذ جانب التوازن في الردود والأعمال في هذه الأيام المتفجرة، كي لا تدفع الوضع إلى التدهور. فالصواريخ والبالونات المنطلقة من غزة سيُرد عليها بهجمات من سلاح الجو، ولكنها لن تغير أي معادلة. طالما أن الكأس غير مليئة، فليس لإسرائيل مصلحة في التصعيد، خصوصاً عندما تكون في الخلفية تفاهمات مع المصريين، بهدف إعطائهم الوقت والاحتمال لتهدئة الخواطر. من تجربة الماضي، فإن احتمال حصول هذا قليل، والاستنتاج واضح.