: يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الولايات المتحدة ليبحث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، ملفات عديدة أبرزها الاتفاق النووي الإيراني، الذي تسعى واشنطن للعودة إليه رغم معارضة تل أبيب، إضافة للقضية الفلسطينية وتطوراتها المتسارعة.
ويقول الكاتب السياسي الإسرائيلي توفاه لازاروف في صحيفة "جيروزالم بوست"، إن طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مبادلة الدولة الفلسطينية بوضع مستقر في الضفة وغزة، حل بعيد عن الواقعية وسراب يجعل الرئيس اليميني لا يشعر بالزلزال تحت قدميه.
وشبه لازاروف أوهام بينيت بنجاح أنصاف الحلول، بما يجري حالياً في أفغانستان، بعد الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة الأمريكية من مطار كابول، وفشل توقعات في إتمام الإجلاء بشكل آمن، وتعويله على الجيش الأفغاني الذي سرعان ما انهار أمام تقدم طالبان.
ويقول لازاروف، إن الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من كابول بات تهديداً حقيقياً لرئاسة بايدن، بعد الانتقادات الحادة من وسائل الإعلام المختلفة، ومن الجمهوريين وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب.
كما يؤكد الكاتب الإسرائيلي، أن رحلة بينيت إلى واشنطن في ظل الأزمة الأفغانية تهدف إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية بعد رحيل بنيامين نتانياهو، الذي أظهر تعنتاً كبيراً في معارضة العودة الأمريكية للاتفاق النووي، وواصل شن حرب مستقلة على أهداف إيرانية عديدة دون ضوء أخضر أمريكي.
أما الآن فإن بينيت يسعى للوصول إلى أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة حول إيران، خاصة أن الولايات المتحدة تسعى للحلول الدبلوماسية بعيداً عن الضربات العسكرية التي تعكف إسرائيل على تنفيذها من حين لآخر.
وفي الملف الفلسطيني، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" أنه لم يحد عن ايديولوجيته اليمينية، وسيواصل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وحصار غزة، مشدداً على معارضته لدولة فلسطينية ولو على مساحة بسيطة من أراضي الضفة الغربية.
ويقول لازاروف، إن بينيت يعارض تماماً فكرة الدولة الفلسطينية، ولا يبدي أي نية للتفاوض على حل مماثل مع الفلسطينيين. وبذلك فهو لن يسعى لحل الصراع وبدل ذلك سيسعى إلى حل وسط مثل التوصل لاستقرار أمني مع حماس، وتطوير العلاقات الاقتصادية مع السلطة.
يؤيد بينيت الوضع الراهن، وإمكانية تأجيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى وقت أفضل، لكن وفي الوقت الذي يصرف بينيت نظره عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويسعى لتجميده، يعيش ملايين الفلسطينيين في الضفة وغزة على أمل الوصول لحل مرض في يوم ما.
ويقول الكاتب، إن نشوب حرب جديدة بين حماس وإسرائيل ليس مستبعداً في ظل الهجمات المتواصلة بين الطرفين، وتجدد التظاهرات الفلسطينية على الحدود بين غزة وإسرائيل، وأصيب خلالها قناص إسرائيلي برصاص فلسطيني من مسافة قريبة، كما أن إلقاء البالونات الحارقة نحو إسرائيل متواصل، وهي جميعاً مؤشرات على انفجار جديد محتمل في أي لحظة.
الجيش الإسرائيلي بدوره ضرب أهدافا في غزة، وبالتالي يبدو أن الأمل في وقف دائم لإطلاق النار أو حتى تفاهم للحفاظ على الهدوء القائم، قد تعثر.
ويضيف لازاروف، لطالما ساد اعتقاد أن حل الدولتين هو أفضل طريقة لتحييد تهديد غزة. ولكن تجاهل هذا الحل، إلى جانب رفض الطرفين الالتزام بوقف إطلاق النار يعني أن إسرائيل لا تزال على شفا حرب أخرى مع غزة.
ويمثل ذلك إشكالية خاصة لإسرائيل بالنظر إلى أن حماس وسعت نفوذها إلى ما وراء غزة واستخدمت الأحداث في الضفة الغربية والقدس مبرراً لمهاجمة إسرائيل.
ويقول الكاتب الإسرائيلي، تبقى القدس جوهر الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي ظل الإجراءات الإسرائيلية التعسفية في القدس الشرقية، خاصةً في حي الشيخ جراح، وسلوان، يظل احتمال تجدد الصراع قائماً، فالفلسطينيين يخشون تغيير إسرائيل الوضع الراهن في المسجد الأقصى بتقسيم زماني ومكاني مثلاً يتيح لليهود الدخول إلى المسجد بشكل قانوني.
ويوضح لازاروف، أن بينيت مثل سلفه نتانياهو، لم يتخذ إجراءات صارمة ضد الأعداد المتزايدة من اليهود الذين يقتحمون المسجد الأقصى، وفي غضون ذلك، لا يزال مئات الفلسطينيين في القدس الشرقية، يعيشون تحت تهديد الطرد من بيوتهم.
ولقد ساعدت القضيتان في إشعال حرب غزة التي استمرت 11 يوماً في مايو / أيار الماضي، ويمكنهما فعل ذلك مرة أخرى.
والسلطة الفلسطينية بدورها تواجه أزمة مالية حادة وخسرت مؤقتاً أحد أهم مموليها، الاتحاد الأوروبي.
وزادت الاحتجاجات ضدها في الوقت الذي تجد فيه نفسها تكافح فيه لتمويل رواتب موظفيها عن أغسطس / آب، وسط مخاوف من تزايد الاحتجاجات على انقطاع الرواتب.
يذكر أنه، أصيب أكثر من 11 ألف فلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي في احتجاجات في الضفة الغربية هذا العام، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، وهو ما يتجاوز بكثير عدد الجرحى البالغ 2259 في 2020 و3479 في 2019.
ويشدد لازاروف على أن من الصعب وصف الوضع الحالي، بالمستقر، ولذلك إذا لم تكن لدى بينيت أي نية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فهو ي حاجة إلى خطة للاستقرار تعالج كل هذه العوامل وبشكل عاجل.
أما تغييب الحلول وتجاهل تلك القضية يشكل مخاطرة من بينيت لأن هذه القضية أهم من أي قضية أخرى، وقد تخلق انقساماً بين شركائه في الائتلاف الحاكم، الذي يضم حزباً عربياً، وأحزاباً يسارية تعارض خططه.
يقول لازاروف، إن على بينيت أن يأخذ في الاعتبار تأثير أفغانستان على بايدن. لن يتطلب الأمر أكثر من حادثة صغيرة واحدة، في غزة، أو القدس أو الضفة الغربية، لإخراج الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن السيطرة، وتقويض مستقبل بينيت السياسي.