ماذا تنتظر إسرائيل من فتى موريتاني يحاربها ودولة “غيرت جلدها”؟

الثلاثاء 24 أغسطس 2021 09:31 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا تنتظر إسرائيل من فتى موريتاني يحاربها ودولة “غيرت جلدها”؟



القدس المحتلة /سما/

معاريف - بقلم: إسحق ليفانون                     "كانت لنا ذات مرة علاقات دبلوماسية كاملة مع جمهورية موريتانيا الإسلامية، وغازلتنا كي نقيم علاقات كهذه. وذات مرة، كان لنا سفراء في العاصمة نواكشوط: الدبلوماسي غابي أزولاي، والكاتب والمحلل فردي ايتان، والصحافي ومحرر “إسرائيل اليوم” بوعز بسموت. بقيت العلاقات عشر سنوات في مستوى السفارة، إلى أن قطعتها موريتانيا عقب حملة “الرصاص المصبوب” وطردت رجالنا. اليوم هناك فتى ابن 14، لاعب شطرنج، ترك مسابقة الشطرنج الدولية في الأيام الأخيرة لأنه يرفض التنافس مع لاعب إسرائيلي. كما أنه عبر علناً عن مشاعر بلاده، التي تعبر عن أن إسرائيل دولة غير موجودة في واقع الأمر.

كنت مسؤولاً عن دائرة شمال إفريقيا في وزارة الخارجية، وعملت على إقامة العلاقات الدبلوماسية مع موريتانيا الإسلامية. كنت الإسرائيلي الرسمي الأول الذي هبط بالدولة التي فضلاً عن كونها جارة المغرب، لم نعرف عنها الكثير. قررت موريتانيا السير في أعقاب المغرب وتونس اللتين أقامتا معنا علاقات دبلوماسية بتمثيل منخفض. بمبادرتها طلبت موريتانيا رفع مستوى العلاقات معنا إلى مستوى السفارة بتمثيل كامل. فوجئنا بقرارها، ولكننا فرحنا. هذه دولة تسمي نفسها الجمهورية الإسلامية، الاسم الثاني بعد جمهورية إسلامية أخرى هي إيران. وبخلاف دولة آية الله، فقد علمت موريتانيا الإسلام المعتدل المتسامح مدارسها، وللنساء هناك مكانة متساوية. ساعدنا موريتانيا حيثما لم يفعل غيرنا. فقد رسمت المساعدة الطبية التي قدمناها صورة إنسانية لإسرائيل مختلفة عما روي عنا. تسلل الجهاد الإسلامي إلى إفريقيا مس بموريتانيا أيضاً. رغم أسوار الدفاع التي أقاموها، تسلل الإسلام الأصولي إلى المجتمع. زعماؤها تغيروا. عبد الرحيم الطاليب، قال إن ما فعله محمد ابن الـ 14 انعكاس لهذا التطرف. أما رئيس الجمعية الوطنية للشطرنج في موريتانيا، فقد هنأ الطفل الذي هاجم إسرائيل بجسارة.

بعد توقيع اتفاقات إبراهيم قبل نحو سنة، أعلن وزير خارجية موريتانيا بأن لا نية لبلاده للسير في أعقاب المغرب هذه المرة. وكانت العلاقات مع موريتانيا في حينه في إطار مساعي إسرائيل لكسر حلقة العداء حولها واستغلال اتفاقات أوسلو. في حينه، كانت هذه خطوة صحيحة، أما اليوم فإسرائيل لا ترى موريتانيا بذات العيون، كما أن الظروف الإقليمية تغيرت.

تحاول الولايات المتحدة مساعدة موريتانيا، على ما يبدو لأسباب استراتيجية، وتساعد الدولة الضعيفة بالدفاع عن نفسها ضد الإسلام المتطرف. لو شعرت أن هناك ذرة أمل متجددة من جانب دولة أسرتني في حينه، لأوصيت بالتوجه إلى الولايات المتحدة لفحص احتمالات استئناف العلاقات الدبلوماسية وضمها إلى اتفاقات إبراهيم. ولكن أمام تعابير الطفل المثيرة للحفيظة، التي هي مقدمة للتفكير الداخلي للدولة، فمن الأفضل الابتعاد عن دولة قررت تغيير جلدتها تجاهنا. فأن يقال عن إسرائيل العريقة بأنها دولة مصطنعة غير موجودة – على لسان فتى من دولة هي نفسها منتج مصطنع للاستعمار الأوروبي – فهذا ببساطة هذيان، سلام لك يا نواكشوط.