إسرائيل اليوم - بقلم: يوآف ليمور "بعد خمس حالات من إطلاق الصواريخ من لبنان إلى أراضي إسرائيل، ثمة استنتاج بأن جبهة جديدة فتحت في الشمال تستدعي معالجة فورية. حتى يوم أمس ،كانت هناك محافل في إسرائيل تعاطت مع هذه الأحداث مثلما تتعاطى مع المطر. كالقدر. 3 حالات، كما شرحوا، نفذت في أثناء حملة “حارس الأسوار” كتضامن مع سكان غزة، وكانت الرابعة (قبل أسبوعين) رداً على هجوم نسب لإسرائيل في سوريا أو على حجيج اليهود إلى الحرم في التاسع من آب. على أي حال، كما زعم، لم يكن فيها مصابو،ن ولم تلحق أضراراً، وعليه، فهذا مقلق ولكنه ليس نهاية العالم، وبالتأكيد ليس شيئاً يستحق إشعال الحدود الشمالية من أجله.
بعد الحالة الخامسة، تخيل أن هذه السلبية الفكرية – التي كانت بدايتها في حكومة نتنياهو، وتواصلت في حكومة بينيت – تحتاج إلى إعادة نظر. على إسرائيل أن تتعاطى مع هذه الأحداث وفقاً لاختبار النية، وليس لاختبار النتيجة. من أطلق صواريخ إلى “كريات شمونه”، قصد الإصابة والقتل. وكان فشله في لك صدفة؛ ولكنه قد ينجح في المرة التالية. المعنى، أن على إسرائيل الانتقال من الرد إلى المبادرة، من الدفاع إلى الهجوم، وألا تجلس مكتوفة الأيدي وتنتظر الكاتيوشا، بل أن تعثر على من هو مسؤول عن إطلاقها وتحرص على ألا يتمكنوا من إطلاقها لاحقاً، لا صواريخ ولا كلمات. ليس واضحاً عدم حصول هذا حتى الآن. لقد نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في حل لغز تحديات أكثر تعقيداً من مجرد بضعة فلسطينيين يعملون من إحدى المدن جنوبي لبنان. واستمرار النار يضع سكان الشمال قيد الخطر، وفضلاً عن ذلك فإنها تعرض دولة إسرائيل للخطر، بأن تعلق في تصعيد غير مرغوب فيه وغير مخطط له كنتيجة للتدهور الذي يبدأ في حدث تكتيكي عديم المعنى ظاهراً.
صحيح أن الجيش الإسرائيلي رد أمس بشكل حاد نسبياً – قذائف مدفعية أطلقت نحو الأراضي اللبنانية بكمية أكبر مما في كل الحالات السابقة معاً – ولكنها رسالة فاترة. أثبت مطلقو الصواريخ أنهم لا يتأثرون لا بالقذائف المدفعية ولا بالبلاغة البيانية التي يهدد بها السياسيون. السبيل الوحيد لإنهاء القصة هو المس بهم بشكل مركز وفي أقرب وقت ممكن.
في الأسابيع الأخيرة طرحت غير قليل من النظريات حول هذه الصواريخ، زعم فيها أن “حزب الله” يصادق عليها، أو أن حماس توجهها من غزة، أو هذه وتلك. إذا كانت هناك معلومات تؤكد جزءاً من هذه الادعاءات، فعلى إسرائيل نشرها فوراً. وليعلم سكان لبنان بأن “حزب الله” يعرضهم للخطر في وقت تقع فيه بلادهم في درك أسفل غير مسبوق، وليعرف سكان القطاع بأن من شأنهم أن يعلقوا في جولة قتال أخرى برعاية السنوار وشركائه. إن امتناع إسرائيل عن ذلك، يدل على ما يبدو بأن هذا تنظيم محلي، وربما من حارة ما ليس موجهاً ولا يسيطر عليه أي تنظيم. إذا كانت الحال هكذا، فثمة علامة استفهام تطرح على نظرية منتشرة تقول إن شيئاً لا يحصل في لبنان، خصوصاً في جنوبه، دون إذن من “حزب الله”.
حزب الله مشغول البال اليوم أساساً في الساحة اللبنانية الداخلية. ولا يبدو أن له مصلحة في فتح جبهة فاعلة مع إسرائيل. صحيح أنه تعهد في الماضي بالرد على كل عمل إسرائيلي في أراضي لبنان، وعلى كل إصابة لمواطن لبناني، ولكنه عرف كيف يستوعب نار المدفعية أمس، ومعقول ألا يذرف دمعة على تصفية مطلقي صواريخ فلسطينيين. يدرك نصر الله بأن التصريحات عن “درع لبنان” جيدة للخطابة، ولكنها فارغة حين يكون مواطنو بلاده تواقين للطعام والوقود والأدوية. في ذكرى المصيبة التي ألمت بلبنان مع انفجار مرفأ بيروت، لا يبدو أن لدى مواطنيه رغبة برؤية “حزب الله” أو أي جهة أخرى تجلب عليه مصيبة أخرى.