قالت مصادر في جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي إن قضايا الفساد السلطوي بعيدة عن اهتمام قيادة الشرطة، وبخاصة المفتش العام، يعقوب شبتاي. ونقلت صحيفة "هآرتس" اليوم، الخميس، عن ضابط كبير في الشرطة قوله إنه لا توجد اليوم تحقيقات بحجم قضية الفساد التي تورط فيها وزراء وقياديون في حزب "يسرائيل بيتينو"، وحكم في إطارها على نائبة وزير الداخلية السابقة، فاينا كيرشنباوم، بالسجن لعشر سنوات.
وأضاف الضابط أن "تحقيقات كبيرة في قضايا فساد تُدفع إلى الهوامش، وهذا لا يهم أي أحد". ووفقا لمصدر آخر، فإنه "في السنوات الأخيرة لم تُكشف قضية بحجم قضية ’يسرائيل بيتينو’. لا توجد تحقيقات كبيرة، ولا يتم تفعيل وكلاء، ولا يوجد مساع لتجنيد شهود ملك".
ولفت مسؤول في جهاز إنفاذ القانون إلى أن "رياحا باردة تهب باتجاه التعاطي مع قضايا كبيرة للفساد السلطوي. وهم يدركون أن أمرا كهذا سيؤدي إلى هزة في المؤسسة (السياسية) وهم يريدون الامتناع عن ذلك".
وشددت المصادر التي تحدثت للصحيفة على أن هذه "الرياح" تصل من المستويات العليا، ومن شبتاي نفسه.
وأضافت المصادر أن "الفساد لا يذكر ولو كضريبة كلامية. فهذا لا يهم شبتاي. وتخيم روح القائد على الامتناع عن التعاطي مع قضايا كهذه لأنهم يدركون أنه لن ينتج للشرطة من ذلك أي شيء جيد".
وأشارت المصادر في هذا السياق إلى رئيس شعبة التحقيقات في الشرطة، يغآل بن شالوم، كمصدر للفتور حيال التحقيقات.
ونوّه مسؤول في جهاز إنفاذ القانون إلى أن هذا التقاعس ليس من جانب الشرطة فقط، وإنما من جانب وزارة القضاء أيضا، وصولا إلى المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الذي يؤخر تحقيقات وبضمنها كتلك البعيدة عن شخصيات عامة.
وأضاف المسؤول نفسه أنه "عندما تبدأ التحقيقات بلمس جهات سياسية رفيعة، تتوقف. وأي عملية تحقيق بسيطة تصل إلى أعلى الهرم، وأحيانا إلى المستشار القضائي نفسه، حتى لو لم تكن ضرورة لذلك. والمستشار يريد عقد جلسة أخرى، أو فحصا آخر، وتتم المماطلة وتدرك الشرطة الرسالة وتكتفي بالمستويات الأدنى. وتنشأ أجواء الامتناع عن التحقيق".
ويتردد في الشرطة اليوم الادعاء أن الشعور بالأمن في الشارع بالنسبة للمواطن أهم من التحقيق في شبهات فساد ضد مسؤولين. ولذلك، يتم الآن نقل موارد من وحدة مكافحة الفساد والجريمة المنظمة ("لاهف 433") إلى أهداف أخرى.
ومنذ بدء ولاية شبتاي، تم نقل قوات في الوحدة القطرية للتحقيق في جرائم اقتصادية، على سبيل المثال، إلى مكافحة جرائم ابتزاز الإتاوة، وبذلك جرى إهمال تحقيقات الفساد.
وقال مصدر في الشرطة إن "مكافحة الفساد نزلت إلى أدنى السلم في نصف السنة الأخيرة".
وأضاف مصدر آخر أنه "لا يتعين على الشرطة أن تعمل وفق ما يريد المواطن وإنما وفقا لما هو هام للدولة، وثمة أهمية لمكافحة الفساد السلطوي".
ولفتت الصحيفة إلى أن الامتناع عن تحقيقات الفساد تعززت إثر المصير الذي وصل إليه مسؤولون سابقون في شعبة التحقيقات، وفي مقدمتهم الضابط كورش برنور، الذي قاد تحقيقات ملفات الآلاف ضد رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، إذ تمّ نقله من منصبه إلى منصب هامشيّ نسبيا.
والاعتقاد السائد في الشرطة أن أي تعيين في منصب رفيع في الشرطة يحتاج إلى مصادقة وزير الأمن الداخلي، وأن هذه حقيقة إشكالية في سياق التحقيقات في قضايا فساد.
وقال ضابط كبير في الشرطة إن "أفراد الشرطة ليسوا أغبياء، وهم يرون ما يحدث لمن تعامل مع هذا الموضوع. وهم يخشون التعامل مع المؤسسة السياسية، ويتخوفون من عدم ترقيتهم ويدركون أن الوحدة القطرية للتحقيقات هي مقبرة للضباط الذي يرون أن ترقيتهم ستتوقف بعد تحقيقات فساد كبيرة. وشاهدوا ما فعلته التحقيقات مع نتنياهو للشرطة وجهاز إنفاذ القانون وماذا فعلت لمن عمل فيها".
وجاء في تعقيب الشرطة على التقرير أنه لا أساس له، وأنه لم تصدر أي تعليمات من جانب قيادة الشرطة أو شبتاي بعدم العمل في هذا الموضوع، وأنه لا يوجد أي تقاعس في ذلك. كذلك قالت وزارة القضاء في تعقيبها إن لا أساس "للادعاءات الشاملة" الواردة في التقرير.