قال لي قارئ قديم غاضبا : توقفت عن كتابة المقال الساخر؟ رجعت للمقال القديم ونفضت عنه عنه غباره ، وبدات اكتب بسخرية اشد توحشا مما كتبت فى السابق، ربما لأنني اكتشفت ان الكتابة الساخرة تجعلنا بعد كل محرقة صهيونية او معركة داخلية أكثر اتزانا وحيوية ورضا عن النفس، وان شيئا جميلا عاد الى حالنا ولا نفقد الابتسامة الى الأبد.
و زي ما حضرتك شايف كدا، بقت حالها "طين" على يد السادة اصحاب التوكيل الحصري للانقسام الاسود ومصالح الانقسام الاسود وايام الطين والأسفلت الاسود! قلت له:حد يكتب مقال ساخر بالسين في الوقت الطين ده ؟ مفروض يكتب مقال ساخر بالشين عشان حبيبنا الحلوين ؟
- يقال والعهدة دائماً على الراوي، ان الجنرال جياب بطل الثورة الفيتنامية ، زار عاصمة عربية توجد فيها فصائل " ثورية " و حين شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها قادة تلك الفصائل وقارنها بحياته مع ثوار الفييت كونج في الغابات الفيتنامية قال لتلك القيادات : "من الصعب أن تنتصر ثورتكم ، سألوه لماذا؟ أجابهم : لان الثورة والثروة لا يلتقيان ، الثورة التي لا يقودها الوعي تتحول إلى إرهاب والثورة التي يغدق عليها المال تتحول الى لصوص ومجرمين ، وإذا رأيت احد يدعي الثورة وساكن بقصر ويأكل أشهى الاطباق ويعيش في رفاهية وترف فأعلم إنه خبيث منافق يعيش بدماء الآخرين".
- بعد كل محرقة صهيونية يصرح ويصرخ ويهدد .. نازي اخر جديد.. كل تصريح نازي اكثر توحشا، من سابقه !! يهدد بقتل الناس على طريقة المجحوم ، مذموم الاسم والسير والسيرة ابو بيضه واحده؟ فيتوعد بمحرقة اخرى للنساء والاطفال؛ كنوع من تبنى العقاب الدموي للأطفال والنساء وان تتكرر في اى وقت وفى كل مكان، لا ادري كيف من الممكن ان يكون هناك من يخاف من قول كلمة الحق في وجه كل ظالم و فاسد، فأن يموت الانسان في العدوان بقلب المحرقة او يموت بعدها بالأمراض والاشعاعات الناتجة عن القصف الوحشي العنيف او بزلزال وبركان ، خير له واشرف الف مرة من ان يموت معارض بدون نقطة او بالانقسام!!.
- في عام ١٩٣٠ زار مصر الاديب و الكاتب الايرلندي الشهير برنارد شو و اقام في فندق شبرد. ورغم انه مثقف عالمي و أسطورة،وايضا غريب الاطوار ،و له موقف شهير في رفض جائزه نوبل بعد ان ترشح لها رسميا و رفضها! بينما هو في شبرد يستجم بجو مصر و عبق تاريخها، اخبره مدير الفندق ان هناك مجموعه من الصحفيين و الادباء يطلبون مقابلته و عمل حديث صحفي معه.. كان منهم عبد القادرالمازني، والشيخ عبدالعزيز البشري و محمد حسين هيكل.. جاء رد شو بعجرفة و قال لمدير الفندق: قل لهم ان برنارد شو قد مات؟
فبهت مدير الفندق من اسلوبه المتعجرف و لكنه ابلغ الرسالة كما هي و قال لهم: ان مستر برنارد يقول لكم انه مات! شعر الشيخ البشري بالإهانة و غضب، بينما ابتسم المازني بخبث و قال للمدير: حسنا ، ارسل له باقة ورد و خطاب مننا يقول تعازينا القلبية في موتكم و نعزي الإنسانية بفقدكم يا برنارد شو.. ضحك مدير الفندق و لكنه نفذ الخطة تماما كما قال المازني..
استلم برنارد شو باقة الورد و قرأ الخطاب، ثم انفجر في الضحك و قال للمدير، ارجو ان تبلغهم اعتذاري و اسفي علي اسلوبي المتعجرف و يسعدني ان اعزمهم علي الشاي عصرا في تراس الفندق.. -علما ان برنارد شو كان بخيلا جدا- و التقي برنارد شو بالأدباء المصريين و دار بينهم حديثا طويلا في عده مواضيع و اعرب لهم عن تضامنه و تعاطفه مع ضحايا حادث دنشواي و انه ضد الإمبريالية و غطرسه المحتل البريطاني.. غادر برنارد شو من مصر و هو يحمل في قلبه كل الحب و الاحترام لمصر و أدباءها و حضارتها.
الممول! يقال والعهدة.. ايضا على الراوي، إن الكاتب الايرلندي "جورج برنارد شو" كان يجلس في نادٍ ليليّ، فأعجبته سيدة رائعة الجمال كانت تجلس على مقربة منه، فدنا منها وقال لها: "سيدتي .. أنا معجب بك للغاية، فهل تقبلين أن نقضي الليلة معاً وتأخذين مليون جنيه إسترليني؟ فضحكت، وقالت له: "بكل سرور.. يسعدني ذلك".. بعد مدة قصيرة.. سألها: "هل توافقين سيدتي على أن يكون المبلغ عشرة جنيهات فقط؟، فصرخت السيدة في وجهه، وقالت له: "ألا تعلم من أنا؟ أنت فاكرني مين؟"، فقال لها: "سيدتي أنا أعرف بالتأكيد من تكونين.. فقط نحن اختلفنا حول السعر!".
كتبنا في نهاية مقال سابق ان الحكام على دين ابوهم وقال صديقي: عندك حق على دين ابوهم كلهم
كنت اظن ان لدي من الحجة ما يؤهلينى للرد على سؤاله التالي؛ ولكنني وقفت امام سؤاله حائرا ، بعد ان قال لي : يقولون ان الناس على دين ملوكهم ، لكن ماذا نفعل مع ملوك ليس لهم دين ؟ قلت له : ان وجدنا أنفسنا جميعا في العراء الحقيقي، العراء كما يليق بكونه عراءا خراءا لا زرع فيه ولا ماء.. سكت لحظة مع خروج صوت من قلبه .. صوت صفير او شهقة وهى تلك الشهقة الحادة والاقرب ما تكون الى الشخرة لكنها ليست كذلك.