موقع “دافار” - بقلم: ايرز رفيف "معظم الأرقام سرية، ولكن جمع تلك التي نشرت توفر إطلالة على المعنى الاقتصادي للسلاح الاستراتيجي في المعركة.
منظومة الدفاع “القبة الحديدية” هي أحد العناصر ذات المغزى في تصميم جولات القتال ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في العقد الأخير. وبسبب الحساسية الأمنية، جاءت معظم المعطيات المتعلقة بعمل هذه المنظومة سرية.
90 في المئة نجاعة في الظروف العادية: تم تطوير القبة الحديدية في عهد وزير الدفاع الأسبق عمير بيرتس في حكومة أولمرت في 2006 – 2007. في 2011 نصبت المنظومة الأولى، قبل أن تصبح تنفيذية بشكل كامل، وحققت منذ ذلك الحين نسبة اعتراض بمعدل 75 في المئة، وتحسن الأداء لاحقاً ليبلغ اليوم نحو 90 في المئة في الأوقات العادية.
واضح أن وتيرة نار المقاومة الفلسطينية في حملة “حارس الأسوار” كانت أعلى بكثير من تلك التي سجلت في حملة “الجرف الصامد”. فاستخدام رشقات كثيرة الصواريخ فيه تحد لمنظومة القبة الحديدية. في الحملة الحالية قتل 11 مواطناً في تسعة أيام مقابل 6 فقط في “الجرف الصامد” التي استمرت 49 يوماً.
لا شك بأن “القبة الحديدية” لا تزال منظومة دفاع ناجعة للغاية تمنع الإصابات بالأرواح والممتلكات جراء الصواريخ وقاذفات الهاون. وعلى الرغم من ذلك، فإن التغيير في نمط النار يتحدى قدرات المنظومة، ولا يزال تأثيره الدقيق غير معروف.
معروف أن كلفة إطلاق صواريخ اعتراض القبة الحديدية يكلف عشرات أضعاف تكاليف الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية. ولكن فحصاً اقتصادياً لتأثير المنظومة يستوجب النظر في سلسلة أوسع بكثير من الأرقام التي تروي قصة أكثر تعقيداً بكثير.
نحو 4 مليار شيكل لتطوير البطاريات الأولى
مبلغ تطوير منظومة القبة الحديدية لم ينشر بشكل رسمي، ولكنه -حسب منشورات وتقديرات- في منطقة الـ 4 مليار شيكل، بتمويل مشترك من إسرائيل والولايات المتحدة.
بدأ التطوير بميزانية إسرائيلية نحو 800 مليون شيكل، ولكن الولايات المتحدة خصصت قرابة مليار دولار (نحو 3.3 مليار شيكل) لمراحل التطوير الإضافية ولشراء البطاريات الأولى لإسرائيل.
بيع 100 وحدة رادار: أدت استثمارات أمريكية إسرائيلية مشتركة إلى ربح اقتصادي في مرحلة تصدير القبة الحديدية أو أجزاء منها. نحو 100 وحدة رادار من المنظومة بيعت لدول مثل كندا، والولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، وسلوفاكيا، وتشيكيا، والهند، وفنلندا. وثمة بطاريات كاملة زودت لإسرائيل والولايات المتحدة وأغلب الظن لأذربيجان أيضاً.
إن بيع وحدات الرادار أدخل لإسرائيل نحو 2 مليار دولار، وذلك حسب الصناعات الجوية. وليس هناك تقدير للمداخيل من بيع عموم قطع المنظومة.
نحو 800 مليون دولار لعشر بطاريات
لإسرائيل ما لا يقل عن 10 بطاريات عاملة لمنظومة كلفتها -حسب التقديرات المختلفة- بين 600 مليون دولار ومليار دولار. أغلب الظن، الكلفات الجارية لتشغيل القبة الحديدية ليست كبيرة باستثناء شراء صواريخ الاعتراض.
الأهم هو الحفاظ على حياة الإنسان
الميزة المركزية للمنظومة هي الحفاظ على حياة الإنسان والتي لا يمكن حسابها بالمال. هناك من يقول إنها وفرت حياة الفلسطينيين أيضاً، لأن الجيش الإسرائيلي بدونها كان سيشدد الهجمات في القطاع مما سيرفع بالضرورة حجم الدمار والإصابة لغير المشاركين أيضاً.
وواضح أن أضراراً اقتصادية كبيرة تترافق وفقدان حياة الإنسان. ولهذا، فإن للقبة الحديدية تأثيراً مزدوجاً: منع الموت ومنع الضرر الاقتصادي المرافق له. وحسب معدل المصابين، ثمة تقدير بأن عشرات آخرين من المواطنين في الحملة الحالية كانوا سيقتلون لولا المنظومة.
حتى ربع مليار شيكل في المعركة
كلفة صاروخ الاعتراض التي تطلقها القبة الحديدية نحو 60 ألف دولار. أطلقت المقاومة الفلسطينية حتى اليوم العاشر من “حارس الأسوار” نحو 3.300 صاروخ وقذيفة هاون من أصل ترسانة من نحو 17 ألفاً. وسقطت في إسرائيل قرابة 2.850 منها. وللمقارنة، في “الجرف الصامد” سقط في إسرائيل نحو 3.300 صاروخ معظمها في أراض مفتوحة، ولكن 116 منها سقطت في أراض مبنية.
وحسب الجيش الإسرائيلي، نفذت القبة الحديدية بنجاح 661 اعتراضاً أو نحو 85 في المئة من الصواريخ التي أطلقت نحو أراض مبنية. لم ينشر الجيش الإسرائيلي عدد صواريخ الاعتراض التي أطلقت لتحقيق هذه النسبة.
في تقدير غير دقيق، إذا كان معدل إطلاق الصواريخ إلى الأراضي المبنية يشبه ذاك الذي سجل في الحملة السابقة؛ أي نحو 24 في المئة، وإذا كانت القبة الحديدية تطلق 1 – 2 صاروخ اعتراض لكل صاروخ، فبالتالي أطلق حتى الآن (20/5) 1.340 صاروخ اعتراض، وكلفتها في أقصى الأحوال نحو 80 مليون دولار، أو نحو 250 مليون شيكل.
نحو مليار شيكل توفير أضرار
في “الجرف الصامد”، حيث اعترض نحو 85 في المئة من الصواريخ، دفعت سلطة الضرائب تعويضات بنحو 1.5 مليار شيكل. نحو 100 – 150 مليون شيكل منها فقط على الضرر المباشر. وبدون القبة الحديدية، التي توقف كما أسلفنا 90 في المئة من الصواريخ، يمكن التقدير بأن الضرر المباشر من إصابات الصواريخ كان سيقترب من مليار شيكل. وعليه، يجب أن يضاف مبلغ صعب التقدير على هجمات أخرى كانت ستضطر إسرائيل إلى تنفيذها.
حسب معطيات سلطة الضرائب، فإن عدد التقارير عن الأضرار المباشرة في الحملة الحالية (بما في ذلك في اضطرابات المدن في إسرائيل) بات يشبه منذ الآن حجم التقارير في أثناء “الجرف الصامد”. بمعنى أن الضرر المباشر الذي منعته القبة الحديدية في الحملة الحالية يبلغ ما لا يقل عن مئات ملايين الشواكل حتى مليار شيكل، بينما حجم دعاوى التعويض من السلطة يبلغ حتى الآن 200 مليون شيكل.