هآرتس.. قبل الثانية فجراً.. ريم من غزة: “لسنا الهنود الحمر”!

الأحد 23 مايو 2021 10:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس.. قبل الثانية فجراً.. ريم من غزة: “لسنا الهنود الحمر”!



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: عميره هاس        "الدكتورة ريم تركناها (في مقال يوم الجمعة)، وهي مع زوجها في شقة ملجأ مع أبناء عائلة آخرين، على بعد مسافة معينة جنوب بيتهم الذي يقع في شارع اللبابيدي في حي الرمال في غزة. وقد وصلوا إلى هذه الشقة مساء الاثنين، بعد أن أبلغهم الجيش نيته قصف هدف معين في هذا الحي، وسيلحق “أضراراً جانبية”، أي أنه سيعرض حياة كل من يسكنون في الحي للخطر. وهذا لا يشمل الدمار المرافق. كانت ريم وعائلتها من بين 2500 شخص الذين أخلوا بيوتهم على الفور. ولكن بعد فترة قصيرة، تبين أن الملجأ الذي عثروا عليه ضرر جانبي في طور الإمكان، خصوصاً في الساعات الأخيرة قبل دخول وقف إطلاق النار إلى حيز التنفيذ، بين الساعة 12:00 الخميس الماضي والثانية فجر الجمعة، 21 أيار.

ريم هدية من السماء لمراسلة تعتمد على وصفها عن طريق الهاتف. حتى عندما يسمع القصف من قريب وعندما كانت في عمل متعب ومخيف، كانت تجيب، ووصفت وأضافت تفاصيل حتى بدون أن أسألها. كانت أوصاف ريم حية جداً ودقيقة، حيث شعرتُ وكأنني هناك بجانبها. إضافة إلى أنه من غير المحتمل الشعور بهذا الخوف الدائم لحظة بعد لحظة.

  صباح الجمعة، بعد دخول وقف إطلاق النار إلى حيز التنفيذ، لاحظت أنها قد اتصلت بي بعد ربع ساعة من منتصف الليل. انتظرت بضع ساعات كي لا أوقظها، واتصلت بها. عندها نقلني سيل كلامها المتدفق والبارد من مدينة رام الله والبيرة إلى غزة لبضع ساعات إلى الوراء. “في الساعة 11:30 ليلاً، أعتقد أن أبو عبيدة (المتحدث بلسان عز الدين القسام، الذراع العسكري لحماس) أعلن بأن وقف إطلاق النار سيبدأ عند الثانية فجراً. نعرف أن الإسرائيليين دائماً يصابون بالجنون قبل وقت قصير من وقف إطلاق النار. وجماعتنا أيضاً. وعرفنا أن إسرائيل إذا ما استغلت الوقت كي تقصف وتقتل المزيد من الفلسطينيين، فجماعتنا سيردون ويطلقون الصواريخ. عندها ستزيد إسرائيل هجماتها.

“جلسنا في شقة الملجأ خاصتنا، ثمانية أشخاص، وانتظرنا بتوتر أن تمر الساعتان ونصف. كأن الساعة لم تتحرك. فجأة، في الساعة 12 ليلاً، سمعنا أصوات وصراخ ونداءات في الشارع. تبين أن المختار، صاحب المبنى المجاور، قد تسلم رسالة عبر الهاتف من الجيش بنيته قصف المبنى خاصته. عندها اتصلت بك. بدأ السكان يخرجون ويركضون ويصرخون. وخرجنا أيضاً، دون نفس ودون طاقة، ولم نعرف للحظة أي اتجاه سيكون أكثر أمناً. في نهاية المطاف، قررنا الذهاب غرباً باتجاه مستشفى الشفاء. فقد اعتقدنا أنهم لن يقصفوه”.

 نعرف بعضنا منذ بداية سنوات الألفين. هي ليست بحاجة إلى تحسين أفكارها أو تجميل كلامها في أذني. الأربعاء، وقت لم نكن نعرف متى سينتهي الكابوس الحالي، قالت لي ريم: “ما يحدث لنا يفوق قدرة البشر. جيل وراء جيل، النكبة تستمر. أي مكان سنذهب إليه، اليهود يلاحقوننا. ولكنهم لن يقضوا علينا. هذا مستحيل. يجب عليهم معرفة ذلك. لسنا الهنود الحمر، بل سنبقى ونتكاثر، ولن ننسى. الطفل ابن ست سنوات هو الوحيد الذي نجا من عائلة أبو الحطب، كيف سينسى؟ والطفل الذي نجا من عائلة أبو العوف (10 سنوات) كيف سينسى أبناء عائلته، وكيف سينسى أن اليهود قتلوه.

“لن نستسلم، جيلاً وراء جيل، سنبقى وسنتكاثر. ولكن ليس هكذا. العالم – مجرمون. ما هذا الصمت؟ قال بايدن إنه يجب تخفيف الهجمات. ماذا يعني تخفيف؟ هل يعني أن تضرب بطني وتترك قدمي! لا أصدق أن هناك شعباً يمر بما نمر به. لا نثق بالأحزاب، سواء حماس أو فتح. فليذهبوا إلى الجحيم. لكن لدينا إيمان بالله وبشعبنا وبأرضنا وبوطننا. انظري إلى الفلسطينيين في القدس. الناس لا ينسون أصلهم. انظري إلى 1948 (الفلسطينيون مواطنو إسرائيل)، هؤلاء هم الجيل الثالث. يقولون إنهم إسرائيليون ولكنهم فلسطينيون ولا ينسون وطنهم وشعبهم. نحن استمرار لهم وهم استمرار لنا. لا ننسى. اليهود قصفونا وأحرقوا أراضينا، طردونا، قتلونا ودمروا بيوتنا. ماذا بقي ليفعلوا أكثر من ذلك؟”.