كشف موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، أن المقاومة انتصرت في معركتها الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي، مع أنها لم توظف سوى جزء يسير من قدراتها، ولم تنخرط في هذه المعركة بشكل مباشر إلا أعداد قليلة، حيث تولى الدفاع عن القدس عدد محدود من الوحدات القتالية.
وأشار في حديث لصحيفة "القدس العربي"، إلى أن صواريخ المقاومة كان من بين أهدافها تحويل الكيان الصهيوني إلى بيئة طاردة للمستوطنين، وذلك من خلال بث الرعب والخوف، وشل الحياة اليومية في المدن المحتلة، حتى يهاجر المستوطنون إلى حيث أتوا.
وشدد أبو مرزوق أن الصواريخ أصبحت أكثر دقة، بفضل العقول التي طورتها، ولهذا فإنها أصابت أهدافها، و”قد ضرب مقاتلونا موانئ بحرية، وحتى في قلب مدن المركز، ومنصات إنتاج الغاز الفلسطيني المسروق، وخطوط الوقود، ومن الشواهد على دقة التصويب أن المقاتلين استهدفوا شارع هرتزل في ذكرى النكبة”.
وأضاف أن لكل أبناء الشعب الفلسطيني أن يشعروا بجدوى المقاومة، وتعزيز معاني العزة، والروح الثورية لديهم، من خلال مشاهدة الصواريخ وهي في السماء من خارج قطاع غزة، كما أنها دلالة على استمرار المقاومة.
وأضاف أن المعركة لا تزال مفتوحة، لتحسين الظروف المعيشية في غزة، فأهل القطاع هم رافعة المشروع الوطني، ويجب أن ينتهي الظلم الواقع عليهم، وأن يعيشوا كباقي البشر.
وأكد أن لا حديث عن صفقة القرن “التي داسها شعبنا تحت أقدامه في معركة ”سيف القدس” المباركة، وهي أي صفقة قرن أصبحت الآن وراء ظهورنا جميعا، ومن يريد من العرب أن يعقد اتفاقيات سلام مع العدو فليذهب غير مأسوف عليه”.
وهذا نص الحوار كاملا:
– هل صحيح أن كبار قادة جيش الاحتلال كانوا مع إنهاء العدوان على قطاع غزة بأسرع وقت ممكن؟
إن المعلومات الواردة لدينا من مصادرنا الخاصة، والتي تتقاطع مع معلومات من أطراف أخرى، أن الجيش قد أبلغ القيادة السياسية أنه يريد إنهاء الحرب وذلك في اليوم السابع لها، لكن القيادة السياسية الإسرائيلية هي من دفعت بإطالة أمد المعركة لعدة أيام أخرى، لأنها لم تمتلك صورة النصر، ولأنها ستظهر بمظهر المهزوم أمام شعبها، وحاولوا أياماً أخرى لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى صورة النصر، وقد كانت يدنا هي العليا بفضل الله، وصواريخنا جاهزة حتى الدقيقة الأخيرة، فنحن لا نثق فيهم، ولا في عهودهم، ولا نثق إلا بالله، ومن بعده بشعبنا ومقاومتنا، التي ستبقى متنبهة دوماً سواء أثناء العدوان أو بعده.
– هل أصابت صواريخ المقاومة أهدافها؟
يجب ابتداءً تحديد ما هي أهداف المقاومة من وراء إطلاق الصواريخ قبل الإجابة عن سؤال دقة الإصابة، وفي الحقيقة حققت المقاومة أهدافها وأصابتها وفق ما تريد، فأولاً نحن لا نبحث عن القتل، وإلا لاخترنا الأماكن الأكثر اكتظاظاً بالسكان، ولكننا نريد أن يتحول الكيان الصهيوني إلى بيئة طاردة للمستوطنين، وذلك من خلال بث الرعب والخوف، وشل الحياة اليومية في المدن المحتلة، حتى يهاجر المستوطنون إلى حيث أتوا، ولو أردنا تحقيق أكبر قدر من القتلى فيهم لما حذرناهم في عديد من الضربات، بل إذا عدتم للذاكرة إلى عدوان 2014، فإن جميع الهجمات البرية التي قام بها مقاتلونا كانت نحو مواقع عسكرية، في حين كان بإمكانهم التسلل نحو مدن غلاف غزة لكنهم اختاروا المواقع المحصنة.
أما من الناحية العسكرية، فإن الصواريخ أصبحت أكثر دقة بفضل العقول التي طورتها، ولهذا فإنها أصابت أهدافها، وقد ضرب مقاتلونا موانئ بحرية، وقلب مدن المركز، ومنصات إنتاج الغاز الفلسطيني المسروق، وخطوط الوقود، ومن الشواهد على دقة التصويب أن المقاتلين استهدفوا شارع هرتزل في ذكرى النكبة، وإن كان هناك أسباب فنية قد تؤثر على دقة الصواريخ مثل الإزاحات في التربة التي تتسبب بها الصواريخ الارتجاجية، لكن تأثيرها محدود، ومقاتلونا جاهزون لكل الخيارات.
إن للصواريخ أهدافا معنوية أيضا، فنحن نريد لكل أبناء شعبنا أن يشعروا بجدوى المقاومة، وتعزيز معاني العزة والروح الثورية لديهم من خلال مشاهدة الصواريخ وهي في السماء من خارج قطاع غزة، كما أنها دلالة على استمرار المقاومة، ففي أثناء قيام جيش الاحتلال بحزام ناري شمال قطاع غزة، ودك المنطقة بمئات القذائف، خرجت الصواريخ من نفس المنطقة وبالتزامن مع قصف الاحتلال، لتصل رسالة للعدو أن مقاومتنا صلبة.
– هل كشفت حماس كل أوراقها التكتيكية والعسكرية في المعركة؟ أم ما تزال تخفي بعضها في ظل ما قاله إسماعيل هنية بأن “ما خفي أعظم”؟
بكل تأكيد، هنالك دائما المزيد، ومقاومتنا تقاتل على بصيرة، وتضع أوراقها حيث يجب ووقتما يجب، وكما يعلم أي متابع أن الجزء الأكبر من المقاومة لم تنخرط في هذه المعركة بشكل مباشر، وقد تولى الدفاع عن القدس عدد محدود من الوحدات القتالية، لهذا نقولها بلغة الواثق بالله، ثم الواثق بقدرات شعبنا، أن المقاومة لديها ما تسيء به وجه العدو بإذن الله.
– هل تتعرضون لضغوط إقليمية ودولية لوقف إطلاق الصواريخ مستقبلاً؟
الضغوط دائما مستمرة سواء فيما يتعلق بالصواريخ أو أعمال المقاومة الأخرى، وهي ضغوط إقليمية ودولية بل وأحيانا محلية للأسف. ومع ذلك ما لِنّا، ولن نلين بإذن الله، وسنقبل هذه الضغوط بعد التحرير إن شاء الله، فبعد أن يعود شعبنا، وتتحرر أرضنا فسنوقف استهداف المستوطنين والكيان الصهيوني.
- هل لعبت قطر دور الوسيط؟
تشكلت الوساطات من ثلاثة أطراف رئيسية، وهي جمهورية مصر العربية ودولة قطر والأمم المتحدة. وكنا على اتصال وثيق بالإخوة في دولة قطر، وعلى رأسهم سمو الأمير تميم بن حمد، ووزير الخارجية الأخ العزيز محمد بن عبد الرحمن، وقد تكللت جهود الوسطاء جميعا بالوصول إلى وقف لإطلاق النار.
– ما الرسالة التي حملها الوسيط القطري؟
بذل الإخوة في دولة قطر جهودا سياسية مكثقة ومساندة لشعبنا، وقد كانوا على اتصال مباشر مع إدارة الرئيس الأمريكي بايدين، وإيصال موقف الحركة بشكل عام وتفصيلي، وكانت الاتصالات لا تنقطع، وقد لعبوا دورا إيجابيا يشكرون عليه.
– هناك منشورات تتهم قيادات حماس أنها تعيش في أفخم الفنادق وتجول عواصم العالم، بينما أبناء غزة يتعرضون للقصف؟
المرجفون في المدينة طباعهم واحدة وإن اختلف الزمان أو المكان، وللأسف فينا من هو سمّاع لهم.
– هل تم القبض فعلاً على عملاء لإسرائيل؟
العدو الإسرائيلي لا يترك فرصة إلا ويعمل على اختراق المقاومة، لأنها تؤذيه وتؤلمه، ودائما ما تفاجئه، ومع ذلك فإن الأجهزة الأمنية ذات العقيدة الوطنية، تكافح دائما الجهد الإسرائيلي، وتحبط مساعيه في إسقاط الشباب في وحل العمالة، وهذا العمل مستمر قبل العدوان وبعد العدوان، وهو عمل مستمر.
– ما خطتكم لوضع حد للأمر؟
نحن نعمل وفق اتجاهين رئيسيين، الاتجاه الأول متمثل في تحصين الجبهة الداخلية سواء داخل قطاع غزة أو داخل الحركة، وذلك من خلال ما يسمى الأمن الوقائي، لسد الثغرات التي يعبر منها العدو، ولزيادة الوعي حول مخاطر العمالة على الأفراد وعلى المجتمع وعلى قضيتنا الوطنية.
والاتجاه الآخر، هو العمل على مكافحة التجسس نفسه من خلال المتابعة الحثيثة، وأدوات العمل الأمني، لأجل تنقية جبهتنا الداخلية ممن سقطوا في وحل العمالة.
– ما تقييمكم لهذه الأحداث؟ هل نفس سابقاتها؟ انتهى العدوان وتعود غزة وأهلها لواقعهم الصعب؟
انتهت هذه الجولة من العدوان، إلا أن الحرب لم تنتهِ، والمعركة لا تزال مفتوحة، ويجب علينا جميعا العمل على تحسين الظروف المعيشية في قطاع غزة، فأهل غزة هم رافعة المشروع الوطني، ويجب أن ينتهي الظلم الواقع عليهم، وأن يعيشوا كباقي البشر، فواقعهم المعيشي صعب، وهو فوق الوصف.
– هل طرحتم في أية مفاوضات موضوع إعادة الإعمار؛ لأنه في كل عدوان يزداد الوضع سوءاً؟
موضوع إعادة الإعمار حاضر لدى أجندة الحركة، ونحن نريد للعالم أن يقف أمام مسؤولياته وأن يعزز صمود أهلنا عبر إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وقد وصلنا عدّة مبادرة، سواء من الأشقاء في مصر، أو من غيرها، فقد أبدت الأمم المتحدة استعدادها لجمع المال اللازم لإعادة الإعمار، كما أن عدّة مبادرات شعبية استعدت للمساهمة في إعادة الإعمار.
– أخيرا، هل ما كان يسمى سابقاً صفقة القرن، وسلام عربي إسرائيلي ما يزال قائماً؟
إن الإجابة عن سؤال صفقة القرن يتطلب العودة إلى بنودها. والعودة لها تظهر أن هذه الصفقة داسها شعبنا تحت أقدامه في معركة سيف القدس المباركة، وتوحد شعبنا رغم رغبتهم في تفريقه، والقدس بقية درة تاج قضيتنا بعد أن أرادوا سلبها منها، واعتبارها عاصمة واحدة لكيانهم، ورفض شعبنا بمقاومته مشاريع السلام الموهومة، بل وعبّر أهلنا في الداخل عن رفضهم لمشاريع التعايش مع الاحتلال.
لا صفقة قرن بعد اليوم، فهي الآن وراء ظهورنا جميعاً، ومن يُرِد من العرب أن يعقد اتفاقيات سلام مع العدو فليذهب غير مأسوف عليه، فلن يزيد كل طرف بعضه الآخر إلا رهقاً، وللأسف بعض أبناء جلدتنا عقد صفقة بقيمة 1.1 مليار دولار لشراء حصة في إحدى حقول الغاز الفلسطيني المنهوبة من قبل الكيان، وذلك أثناء الانتهاكات الإسرائيلية في القدس، وبعدها بأقل من شهر، أغلقت مقاومتنا هذا الحقل، ليكون في ذلك رسالة للعدو، ولمن يحالفه من العرب، أن حقوقنا خط أحمر.