ماذا بعد التأجيل ؟ صادق الشافعي

السبت 08 مايو 2021 03:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



ما دام إلغاء الانتخابات ليس في الوارد كما يتم الحديث فالجواب عن سؤال العنوان هو تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات.
والموعد الجديد يحتاج الى زوال سبب التأجيل، او الاتفاق على كيفية ووسائل التعامل معه بالتصدي له لتتم إزالته، او لتعديله الى درجة يمكن القبول بها، او التحايل والالتفاف عليه..... او الذهاب الى خيار مجابهته والتصادم معه.
مفتاح النجاح في هذه المعركة هي وحدة الصف الفلسطيني، قيادة سياسية بأجهزتها ومؤسساتها وتنظيمات وقوى مجتمع مدني وجمهرة أهل الوطن.
إذا كان الأمر كذلك، وهو كذلك فعلا، فلماذا لم تبادر أي جهة، وفي مقدمتها القيادة السياسية، حتى الآن، الى تبني الدعوة الى لقاء/ اجتماع وطني جامع لكل القوى المذكورة لبحث هذا الأمر والاتفاق عليه؟                                                                                               ان الصورة الطاغية حتى الآن، هي صورة «التلاوم» (بألطف التعابير) التي تصل في بعض الحالات حدود المزايدات والتفسيرات الخلافية القائمة فقط وحصرا على قراءة الدوافع والضرورات الذاتية والمنافع التنظيمية لهذا الطرف او ذاك.                                               
ان كان لا يمكن التجاهل التام لوجود هذه الدوافع والضرورات عند أكثر من طرف/ تنظيم وبهذه الدرجة او تلك، وبهذا المجال او ذاك.                                                                                       والخوف، هو من تطور حالة التلاوم هذه باتجاه العودة الى الغطس في مستنقعات الانقسام وخلافاته وصراعاته المعروفة والتي لم نخرج منها بعد.                                              
وللأسف، فإن هناك مؤشرات تتصاعد، تهدد بتحويل هذا الخوف الى حقيقة وموقف على ارض الواقع.
نظريا وسياسيا وإعلاميا، فإن هناك إجماعا وطنيا على وجوب إجراء الانتخابات في القدس. والإجماع هنا شعبي على مساحة كل الوطن أولا، ثم سياسي وتنظيمي ولقوى المجتمع المدني. والشعار الذي ظل يرفع «لا انتخابات بدون القدس» ظل شعارا حقيقيا وواقعيا. وقد أكده وعززه أهل القدس بكل أشكال التعبير وبالذات على ارض الواقع النضالي الوطني الموحد والجامع، والمؤيد والمدعوم من كل أهل الوطن وقواهم السياسية والمجتمعية.                                            
وقد زادت الإجماع وأكدته، الأحداث الأخيرة في القدس وعلى ارضها حين تصدى أهل القدس وشبابها بالذات وقالوا كلمتهم المدوية ضد الاحتلال وضد الضم والتهويد وضد مخططات التهجير والتطهير العرقي في الشيخ جراح وسلوان وباب العامود. وأكدت مجددا ومرة إضافية أخرى ان القدس وأهلها طليعة النضال الوطني الفلسطيني ومن اجل الحرية وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال وبناء الدولة المستقلة.
في مواجهة رفض دولة الاحتلال الموافقة على إجراء الانتخابات في القدس لم يتقدم أي طرف بأي اقتراح عملي واقعي وبآلية محددة لكيفية التصدي للقرار او فرض الانتخابات بالأمر الواقع حتى من واقع التصادم.                                                                                                  
ان انتظار موافقة دولة الاحتلال لن يؤدي في الأغلب الأعم وشبه المؤكد الى النتيجة المطلوبة، فذلك يتناقض تماما وبالأساس مع طبيعة دولة الاحتلال العدوانية. ويزيد من تعنتها ورفضها حال عدم الاستقرار الذي تعيشه والمتوقع له ان يستمر. ويزيده أكثر ان موقفها العام من القدس دخل في باب السيادة على القدس بعد ان قرر وأعلن الرئيس الأميركي السابق سيادتها التامة على القدس الموحدة ونقل سفارة بلاده إليها ولحقت به بعض الدول الأخرى.                                                                         
وان انتظار تشكيل قوة ضغط دولية مؤثرة على دولة الاحتلال تفرض عليها إعطاء موافقتها على إجراء الانتخابات هو أقرب الى التمني، فلا الوضع الدولي جاهز ومؤهل لتشكيل مثل هذا الضغط، ولا دولة الاحتلال مهيأة لقبوله والاستجابة له كما يؤكد كل تاريخها.                                                               
هذا القول لا يتعارض مع فائدة بل ضرورة القيام بأوسع حملة دولية للضغط على دولة الاحتلال بشكل موحد ومتكامل وبكل الإمكانات أولا، ثم بالعمل على تأمين أوسع وأعمق دعم عربي رسمي سياسي وشعبي أيضا.
ولكن تبقى المعالجة الوطنية الفلسطينية الموحدة هي الأساس.
فالمطلوب هو الدعوة، وبأسرع وقت ممكن، الى عقد اجتماع وطني شامل تشارك فيه كل التنظيمات بلا استثناء ومعها قوى وممثلون عن المجتمع المدني وشخصيات وطنية ومناضلون وأكاديميون ترسم طريقا محددا وواضحا لخوض معركة فرض تمثيل القدس وأهلها في الانتخابات التشريعية، والوصول الى عضوية المجلس التشريعي كما بقية المناطق.
الدعوة لمثل هذا الاجتماع يجب ان تكون سريعة أولا، ويفترض ان يتوفر حول قبولها شبه إجماع وطني وبالذات من القوى الأساسية وان يكون جدول أعمالها مفتوحا على كل الأفكار والطرق الواقعية التي توصل الى تحقيق الهدف المنشود. وان يخرج عنها موقف وطني موحد وموعد جديد بأقرب ما يمكن للانتخابات التشريعية.