إندبندنت: على بريطانيا وأوروبا تولي مهمة شرح مخاطر تطهير غزة لترامب لا العاهل الأردني

الأربعاء 12 فبراير 2025 05:52 م / بتوقيت القدس +2GMT
إندبندنت: على بريطانيا وأوروبا تولي مهمة شرح مخاطر تطهير غزة لترامب لا العاهل الأردني



لندن/سما/

نشرت صحيفة “إندبندنت” مقالا لسام كايلي قال فيه إن حلم دونالد ترامب المحموم يمثل كابوسا للغرب.

ورأى أن تهديدات ترامب بقطع المساعدات الأمريكية عن مصر والأردن هي خطيرة ولا تقوي إلا أعداء أمريكا. كما أن تهديداته بتحويل غزة إلى “جهنم” لو لم تطلق حماس الأسرى المحتجزين لديها بحلول منتصف يوم السبت المقبل لا معنى لها، فالرئيس الأمريكي لا يملك أي قدرة -لا تمتلكها إسرائيل بالفعل- على جعل حماس “تدفع الثمن” لو لم تطلق سراح الأسرى المتبقين.

وتأتي تهديداته على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار الذي بالكاد يصمد حتى الآن.

ويقول كايلي إنه إذا انهار وقف إطلاق النار بالكامل، فقد تستمر إسرائيل في قصف القطاع. وقد أعطى ترامب بالفعل بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر للقيام بذلك، ورفع القيود السابقة التي فرضتها إدارة بايدن على توريد القنابل التي تزن 2,000 رطل.

ومن المعقول أن يهدد ترامب بما لا يمكن تصوره، وأن سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة سيواجهون هجوما ليس فقط من قبل إسرائيل ولكن من قبل الولايات المتحدة (والتي من الناحية الفنية، يمكنها مهاجمة سكان قطاع غزة بصواريخ كروز وقنابل خارقة للتحصينات وحتى المدافع البحرية من البحر الأبيض المتوسط).

ويعلق الكاتب أن التورط الأمريكي لو حدث، فسيكون امتحانا لما يسمح به الدستور الأمريكي، وسيكون بمثابة فعل حرب بدون موافقة من الكونغرس. فهجوم ترامب على مؤسسات الحكومة الفدرالية، بما فيها الوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ووزارة الدفاع، تشير إلى أنه لا يهتم بالدستور الذي أقسم على حمايته.

وحتى لو لم يشن حربا على غزة، فإنه في الطريق إلى تفجير الشرق الأوسط وتسليم النفوذ والرعاية الأمريكية إلى منافسيها هناك.

فتهديده بقطع المساعدات الأمريكية عن مصر والأردن إلا إذا وافق البلدان على استقبال 1.8 مليون نسمة للعيش في “بيوت جميلة” التي يجب أن يبنها هذان البلدان بـ”مليارات” خيالية من الولايات المتحدة.

وأشار الكاتب إلى لقاء الملك عبد الله الثاني مع ترامب يوم الثلاثاء، حيث كان في مهمة مستحيلة لكي يوضح للرئيس الأمريكي أن هذا الحلم المحموم سينتهي بالحرب والفوضى، وقد يعرض الملك نفسه للخطر. وكان يجب ألا يتحمل الملك عبد الله العبء ليوضح  لترامب مخاطر التطهير العرقي في غزة على مملكته. فوالده الملك حسين تعرض لأكثر من محاولة اغتيال في أثناء حكمه الذي استمر 46 عاما، كما أن جده الملك عبد الله الأول، قُتل في المسجد الأقصى. بل يجب على بريطانيا أن تتحمل مسؤولية شرح مخاطر خطة ترامب، فعلاقاتها مع المملكة الأردنية قوية، بما فيها علاقات شخصية مع البلاط الملكي، إضافة إلى علاقات سياسية طويلة ومكثفة.

ويعد الأردن لاعبا رئيسيا لبريطانيا في العمليات العسكرية والأمنية بالمنطقة. وتستخدم قوات العمليات الخاصة وعملاء المخابرات الأردن كقاعدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وفي التجسس على الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان. واستخدمت المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها المخابرات الأردنية إلى بريطانيا وأمريكا وأحيانا إسرائيل لإحباط مؤامرات إرهابية حول العالم، في وقت عملت فيه المملكة على تحييد الإسلام السياسي.

ويعيش في الأردن عدد كبير من الفلسطينيين الذي هاجروا من وطنهم في الحروب السابقة، كما يستقبل مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذي فروا أثناء الحرب الأهلية.

وحتى لو عرض ترامب على الأردن “مليارات الدولارات” لبناء “غزة جديدة” في الصحراء، فإن الملك عبد الله لن يقبلها، بل سيرفضها، لأن القيام بذلك سيكون غير أخلاقي، كما سيكون ذلك نهاية المملكة الهاشمية.

ولقد عقد الأردن الحديث السلام مع شعبه الفلسطيني الضخم، الذي قاتل إسرائيل ذات يوم من الضفة الشرقية لنهر الأردن. كما عقد السلام مع إسرائيل في عام 1995 وتم تمويل هذه الصفقة بمساعدات مالية وعسكرية. وتمنح الولايات المتحدة الأردن حاليا 1.72 مليار دولار سنويا لهذا الغرض. ولا يوجد نفط في الأردن والمياه شحيحة، ومعظم أراضيه صحراء. ويعتمد الملك عبد الله على المساعدات الأمريكية والمساعدات الأجنبية الأخرى لدعم اقتصاده والتأكد من الاستقرار والسلام مع إسرائيل وإبعاد تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية عن النقاش السائد.

ويحظى الملك عبد الله، قائد القوات الخاصة سابقا وخريج كلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا، بشعبية واسعة، لكنه ليس محصنا من الأخطار. ولا ينبغي أن يقع على عاتقه مهمة توضيح الأمر لترامب وترك الأخير يندب بغضب في المكتب البيضاوي.

وتتمتع مصر بثقل أكبر في واشنطن، وشق رئيسها عبد الفتاح السيسي طريقه إلى السلطة بالقتل وأطاح بحكومة الإخوان المسلمين في عام 2013. وقد تم تجاهل سجله المروع في مجال حقوق الإنسان لأن مصر لديها أيضا معاهدة سلام مع إسرائيل.

ويتعامل الغرب على وجه الخصوص مع فكرة استيعاب الأنظمة الديكتاتورية العلمانية في الشرق الأوسط باعتبارها خيارا أفضل من الفكرة الإسلامية التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين. ولا تستطيع مصر، ولن تفعل، استقبال مليون فلسطيني. فهي لا تستطيع أن تتحمل تكاليف هذا على المستوى السياسي. وتخشى القاهرة من دخول أفكار العنف مع الفلسطينيين والذي تتبناه حماس والجهاد الإسلامي، والذي سوف يمتزج مع جماعة الإخوان المسلمين غير العنيفة في توليفة سامة.

وأظهر ترامب هذا العام أنه عندما يقول إنه سيفعل شيئا، فإنه لا يخادع. وربما يكون من الممكن أن يضاعف من خطته لتطهير غزة من سكانها الأصليين حتى يظهر شكلا آخر أكثر اعتدالا من النزوح الجماعي ويكون مقبولا له. ولكن يبدو أنه جاد للغاية بشأن إضافة كندا كولاية أمريكية أخرى، وغزو أو شراء غرينلاند، وخنق أوكرانيا أيضا، مما يعني أنه قد يقطع المساعدات عن الأردن ومصر.

وقد رفض كلا البلدين بالفعل بصوت عال خطة ترامب لإعادة تطوير غزة. ولن تتردد مصر في البحث عن أماكن أخرى للمساعدة العسكرية والمالية. فما على السيسي إلا أن يرفع سماعة الهاتف، وسوف تخرج الصين دفتر شيكاتها وتنتزع السيطرة الاستراتيجية على قناة السويس والموانئ المتوسطية ونهر النيل. وهي نفس الأصول الإستراتيجية التي ترغب فيها روسيا، وبخاصة بعدما فقدت تأثيرها في سوريا. وستباع بسعر زهيد مقابل بضعة مليارات.

ومن غير المرجح أن يتحول الأردن إلى الفلك الصيني والروسي. وعلى بريطانيا وأوروبا ألا تسمحا لأوهام ترامب أن تدمر جزر الاستقرار التي لا تزال قائمة في الشرق الأوسط. فلم تعد أمريكا ترامب تمثل المصالح الأفضل “للغرب”، ولابد أن تتولى لندن وبروكسل هذا الدور.