معاريف - بقلم: زلمان شوفال "الأنباء الفجة تشبه الألعاب النارية التي تتفجر بضجيج كبير ولكنها تختفي في غضون وقت قصير. يكون هذا أحياناً بالون اختبار لتحقيق هدف معين وأحياناً لإفشاله. وهذا شبيه بفكرة ان يستبدل رئيس الوزراء نتنياهو منصبه الحالي بمنصب رئيس الدولة. صحيح أن هناك من تعاطى مع ذلك بجدية، ولكنها فكرة عديمة المنطق، وهي أيضاً عديمة الاحتمال في تركيبة الكنيست الحالية التي تنتخب الرئيس.
ولكن الأهم من ذلك هو أن قوة نتنياهو هي في الفعل وليس في الاحتفالات. ومن المهم أن يواصل ذلك. إذا كان هناك شيء ما إيجابي في طرح الفكرة، فهو استئناف الجدال على صلاحيات مؤسسة الرئاسة ومجرد ضرورتها. رئيس الدولة، حسب قانون الرئيس، وإن كان “يقف على رأس الدولة”، مثلما تقف ملكة بريطانيا على رأس دولتها، ولكن مثلها بل وأقل منها، يفترض بصلاحياته ومهامه أن تكون رمزية بالأساس. رؤساء مثل إسحق نافون، وحاييم هرتسوغ وآخرين، احترموا هذا المبدأ وكان هناك من احترمه أقل. على أي حال، إن تتويج نتنياهو رئيساً أصبح حالياً بيضة لم تفقس بعد، وإذا كان هناك بعض ممن يريدون مصلحته وقصدوا إعطاءه الرئاسة كجائزة، فإن جائزة نتنياهو الحقيقية مسجلة في فصول التاريخ من خلال: رفع الاقتصاد الإسرائيلي إلى الأماكن المتقدمة في الاقتصاد العالمي، وإدارة سياسة خارجية وأمن عرفت كيف تحقق مصالح إسرائيل على أساس فهم التغييرات العالمية والتطورات الجغرافية السياسية في الشرق الأوسط ومنعت حروباً زائدة، وإخراج إسرائيل من أزمة كورونا بشكل باعث على الحسد في العالم.
على أي حال، وكما يفيد التاريخ، فإنه حتى الواقع الأكثر إيجابية ليس محصناً أمام التقلبات السياسية. وقد تقع في إسرائيل، حسب كل المؤشرات، انعطافة كهذه من قبل محافل سياسية وفقاً لمواقفها المعلنة كان يفترض أن تؤيد تشكيل حكومة وسط – يمين برئاسة نتنياهو. ولكن سواء لأنهم لم يتعلموا درس إسقاط إسحق شامير في حينه أم أن غرورهم أعمى بصرهم ولا يفهمون بأن الحكومة والكنيست ليستا منصتين للمجادلات الأيديولوجية بل إطارات لتحقيق السياسة، فإن من شأنهم أن يعطوا يداً لإسقاطه. إن الاعتبار الوحيد الذي كان ينبغي أن يقف أمام ناظريهم لا يتمثل بما هو جيد لنتنياهو أو لأعدائه، بل ما هو جيد لإسرائيل التي تواجه تحديات حرجة في السنوات القادمة على نحو خاص، سواء في المجال الاقتصادي في أعقاب وباء كورونا وموجة التضخم المالي المرتقبة من السياسة الاقتصادية عديمة اللجام لإدارة بايدن، وخصوصاً في المواضيع السياسية والأمنية المرتبطة بالتهديد الإيراني. إسرائيل بحاجة إلى حكومة برئاسة نتنياهو وليس إلى حكومة رقع عديمة التجربة.
ومع أنه لا يمكن تجاهل الفوضى السياسية الحالية التي تنسب لخلل في طريقة الانتخابات وسرعها شركاء الليكود في الائتلاف الحالي، يقترح نتنياهو الانتقال إلى طريقة الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء، ولكن سبق أن كنا في هذا الفيلم، ونتنياهو نفسه فهم في حينه بأنه بدون أغلبية في الكنيست لا يمكن لرئيس وزراء، وإن انتخب مباشرة، أن يؤدي مهامه كما ينبغي. قد يكون هذا حلاً مؤقتاً لإنقاذ الدولة من العقدة الحالية إلى أن يتم تبني تغيير في طريقة الحكم والانتخابات، ولكن ليس كتسوية دائمة.
وفي هذه الأثناء، ولصب الزيت على النار، تتواصل المحاكمة الغريبة ضد رئيس وزراء قائم. وإذا ما حاكمنا الأمور وفقاً للمرافعة الأولية للمدعية العامة في المحاكمة ليئات بن آري نفسها، فإن “نتنياهو لم يطلب من أصحاب وسائل إعلام المال أو الامتيازات المادية الأخرى، بل التغطية العاطفة”، فإنه ومن ناحية موضعية كان ينبغي إنهاء المحاكمة منذ يومها الأول وإعطائه تبرئة كاملة على الفور. لقد كان للسياسيين ولوسائل الإعلام علاقات أخذ وعطاء، ومثلما قال وزير العدل الأسبق حاييم رامون، فإن مساعي كل السياسيين في كل العالم لتغطية صحفية عاطفة، هي أمر طبيعي وليس مخالفة جنائية.
