أكد مشاركون على أن تأجيل الانتخابات سيدخل الحالة الفلسطينية في دوامة من الخلافات وتعميق الانقسامات، مشددين على ضرورة إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة دون الارتهان لموافقة الاحتلال، ودون الرضوخ لغطرسته.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، اليوم الثلاثاء، الموافق 27/4/2021م، بعنوان "الانتخابات الفلسطينية.. تحديات ومتطلبات"، وذلك بمشاركة نشطاء حقوق إنسان، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، وسياسيين وكتاب.
وافتتح اللقاء المحامي صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية (حشد) اللقاء، مرحباً بالحضور، ومؤكداً على أهمية هذا اللقاء الذي تزامن مع حدثين مهمين وهما الهبة الشعبية في القدس المحتلة، وتخوفات مختلفة من عدم إجراء الانتخابات في ظل الأخبار عن نية الرئيس محمود عباس تأجيلها.
كما شددوا على إنَّ إجراء الانتخابات الفلسطينية ضرورة ليمارس الشعب حقه بالانتخاب كباقي الشعوب، كما أن استكمال المسار الانتخابي ضرورة دستورية ووطنية، ويجب أن تحتل الصدارة في سلم أولويات القيادة الفلسطينية، داعين المجتمع الدولي ومنظماته المختلفة للعمل الجاد للضغظ على الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاته بحق الفلسطينين بما يساهم في تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة بشكل حر وديمقراطي.
ووجه الشكر للجنة الانتخابات المركزية على جهودها المبذولة في سبيل التحضير للانتخابات بمهنية واستقلالية وشفافية عالية، في مختلف المراحل الانتخابية السابقة، حتى وصلنا إلى مرحلة الدعاية الانتخابية رغم ما شابه المرحلة السابقة من ملاحظات سجلتها مؤسسات المجتمع المدني ، محذرا من تأجيل الانتخابات لما لذلك من انعكاسات سلبية على الفلسطينيين مطالبا بجعل الانتخابات فرصة لتعظيم الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي في القدس بما يعزز من إرادة الشعب الفلسطيني من ناحية ويعيد بناء مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني على أسس الشراكة والديمقراطية والفصل بين السلطات وسيادة القانون ، بالانتخابات ليست منحة من أحد فهي حق دستوري للمواطنين ،وبدلا من بحث العراقيل لإجرائها لابد من إيجاد حلول وتوفير متطلبات إجراء الانتخابات .
بدوره قال د. جميل الخالدي المدير الإقليمي للجنة الانتخابات المركزية: "منذ البداية باركت لجنة الانتخابات وأبدت سعادتها لكل الاتفاقات بين القوى والفصائل الفلسطينية، وأي اتفاق يدخلنا في حالة المصالحة، ويزيل الانقسام وحالة البؤس الذي وصلت له القضية الفلسطينية على مدار 15 عام".
وأكد أن لجنة الانتخابات على جاهزية لاستكمال باقي المراحل، كما أنها وقعت اتفاقيات مع المؤسسات الشريكة، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، منوهاً إلى أن مرحلة الدعاية الانتخابية تعتبر أهم مراحل التحضير للانتخابات، وأن اللجنة تعمل بكل جهد على تنفيذ الجدول الزمني الخاص بالتحضير للانتخابات على أكمل وجه، بالرغم من التخوف من احتمالية تأجيلها.
وشدد على ضرورة إعادة الاعتبار للانتخابات، على أساس أنها الوسيلة الأمثل للتداول السلمي، وأن يتم احترام نتائجها والالتزام بها، مع المحافظة على دوريتها، وهذا يلزمنا بأن نحتكم إلى صناديق الاقتراع، خاصة في ظل تجربة استمرت 15 عام من الانقسام ودفعنا ثمناً كبيراً على جميع المستويات.
وتحدث الخالدي، عن مراحل العملية الانتخابية التي جاءت بعد المرسوم الرئاسي وقرار إجراء الانتخابات بالتتالي، وبناء عليه قامت اللجنة بوضع جدول زمني لإنجاز هذه الانتخابات بمراحلها المختلفة، والتي بدأت بتسجيل الناخبين، ونشر والاعتراض على السجل الانتخابي، ترشح ودعاية انتخابية، اقتراع وفرز، ومن ثم نشر النتائج الأولية ومن ثم النتائج النهائية، مشيراً إلى أن مرحلة الترشح التي كانت أكثر جدلاً في موضوع شروط الترشح، والاستقالات فاللجنة بالتعاون مع كافة الفصائل أكدوا على ضرورة دعم لجنة الانتخابات، وتوحيد المرجعية الأمنية القضائية والعدلية وهو ما ساعد على تجاوز الكثير من الجدل.
وختم حديثه بالتأكيد على أننا أمام اختبار حقيقي، فيجب علينا قبل أن نطالب العالم بالاعتراف بهذه الانتخابات مهم جداً أن نتأكد بأننا نجريها بكل ارادتنا وبموجب القانون، على أنها حق لكل مواطن، لذا فالمطلوب منا جميعا احترام الانتخابات ونتائجها.
بدوره قال ماجد العاروري مدير الهيئة الأهلية لإستقلال القضاء وسيادة القانون: "هناك فرصة حقيقية لإجراء الانتخابات، فلا يوجد من ناحية قانونية ما يستدعي إلغائها، كما أن الشعب الفلسطيني قد أبدى رغبته بالمشاركة وبشكل واسع، حيث تشير نسبة التسجيل وعدد القوائم أن القوى ترغب في التغيير السياسي".
وتابع: "كان يجب أن لا يكون قرار الرئيس فيما يخص الانتخابات قرار منشئ للانتخابات، بل قرار كاشف ومنصوص عليه في القانون الأساسي، وقانون الانتخابات وأعطى صلاحية الدعوة لإجرائها، وهذه الدعوة كان يجب أن تكون قبل 12 عاماً".
وأضاف العاروري:" لو قررت اللجنة التنفيذية وبموافقة كل القوى كان بالإمكان أي مواطن أو قائمة انتهك حقة الدستوري أن يتوجه إلى المحكمة وأن يطعن في هذا القرار، وحينها سيكسب القرار، ففي محكمة الانتخابات كان هناك مجموعة من القرارات لم ينجح أي أحد في فرضها وطبق القانون".
وبين أن كل الأدوات القانونية والسياسية تؤكد أننا قادرون على إتمام العملية الانتخابية، وبالتالي إلغاء الانتخابات هو قرار خطير، ولا يوجد في الساحة الفلسطينية من لديه القدرة أن يتخذ هذا القرار بمفرده، ولا يوجد أحد قادر على دفع ثمن هذا القرار، لأنه سيقودنا إلى طريق مجهول.
وأشار العاروري، أنه يمكن للقدس أن تشارك في الانتخابات، ففي عام 2006 صوت 38ألف شخص بالقدس من حملة هوية القدس والضفة، لذا فإن الجهد الذي تصرفه بعض الفصائل الفلسطينية لربط القدس بالانتخابات الأولى أن يتم صرفه لتعزيز المشاركة السياسية، لنقول لإسرائيل أن 40% من أهالي القدس وحملة الهوية المقدسية قد شاركوا بالانتخابات.
وتحدث العاروري عن المعيقات التي تواجه العملية الانتخابية، مؤكداً أنه بالرغم من ذلك إلا أننا أقرب إلى الانتخابات، فلا خيار ولا مسار أمامنا سوى الانتخابات، فهي أفضل الطرق الحضارية حتى لا تكرر تجارب دول أخرى وبكون الثمن غالياً، وهذا يجب أن يكون ضمن المسؤولية الوطنية.
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو:" إن هذا القرار غير الوطني والمتمثل بالتأجيل سيساهم في المزيد من الانهيار والتأزيم الحالة الفلسطينية، ولا يستند إلى القانون، فالقانون الأساسي الفلسطيني كفل للشعب الفلسطيني حقه في الانتخابات ولا يمكن منعه تحت أي ذريعة، لذا من الضروري استكمال العملية الانتخابية".
وبين أن قرار الانتخابات بدأ بالاتفاق بين حركتي فتح وحماس، وعندما فشلت الصفقة بين الطرفين خاصة بعد عدم قدرة الرئيس عباس في احتواء موضوع مروان البرغوثي، وفشل اتفاقية إسطنبول، ونزول حماس بقائمة واحدة، وفتح بعدة قوائم، بدأت النصائح للسلطة الفلسطينية بعد استكمال العملية الانتخابية، إضافة إلى مخاطبة الإدارة الأمريكية وأعلنت عبر خارجيتها أنها تتفهم تأجيل الانتخابات خوفاً من تعقيد الحالة الفلسطينية وسيطرت حماس على الانتخابات، كما تم مخاطبة الاتحاد الأوروبي لإقناعهم بالتأجيل.
وأشار عبدو، إلى أن هبة القدس صوبت البوصلة للقوى والسياسيين وللقيادة الفلسطينية، وأكدت على أن المعركة المركزية مع الاحتلال، حيث يمكن لو ذهبنا موحدين أن ننجز كما حدث بالقدس، كما أنها بينت أن إسرائيل غير قادرة على فرض سيطرتها، مؤكداً أن تأجيل الانتخابات سيؤخذنا نحو المجهول، وسيؤدي إلى التخاصم والخلافات الداخلية والتراشق الإعلامي.
وأكد أن المسألة متعلقة بالرئيس ومن حوله، ولا يمكن أن يكون الشعب الفلسطيني رهينة لهذه القرارات العشوائية، فنسبة المسجلين وعدد القوائم يؤكد أن الشعب الفلسطيني لديه شغف ورغبة شديدة في التغيير السلمي والعملية الديمقراطية، لكن الواضح أن الانتخابات لم تكن في يوم من الأيام لتغير الواقع، وإنما لتثبيت ما هو قائم سواء في غزة أو الضفة، وتثبيت الرئيس الفلسطيني في مكانه، فعندما أصبحت احتمالات ألا تفرز هذه النتيجة بدأت الإعلان عن إمكانية تأجيلها بذريعة القدس.
وتخلل الورشة مداخلات للمشاركين فيها الذي فاق عددهم 70 مشارك ومشاركة من مختلف التجمعات الفلسطينية أكدت على مكانة مدينة القدس التاريخية والدينية الوطنية وطالب بعدم التذرع برفض الاحتلال الإسرائيلي إجراؤها في القدس وإنما العمل على فرضها في ساحات المدينة ومدارسها والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة ومقرات الأمم المتحدة وحتى في مقرات السفارات التي توافق باعتبار ذلك تفويض من الفلسطينيين لحماية حقوق الفلسطينيين.
وحذر المشاركين من مخاطر تأجيل الانتخابات، باعتبار ذلك يعني تكريس النظام السابق واستمرار حالة التفرد وانتهاكات حقوق الإنسان، وغياب دور مؤسسات النظام السياسي وتكريس سلطة الفرد، مطالبين الكل الوطني بالارتقاء لمستوى المسؤلية وتوفير كل متطلبات إجراء الانتخابات، بما في ذلك منع التحريض والتشهير وثقافة الكرة والانقسام، وطالب المشاركين بالاحتجاج والتحرك السلمي الشعبي من أجل منع تأجيل الانتخابات.
واوصوا كافة القوي السياسية والقوائم أن لا تكون طرفا في عملية التأجيل، وطالب المشاركين المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي بالضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته في مدينة القدس المحتلة، وباقي الأراضي الفلسطينية.