زعم مسؤولون إسرائيليون في وزارتي القضاء والخارجية والنيابة العامة العسكرية أن جهاز القضاء العسكري الإسرائيلي قادر على التحقيق مع نفسه في جرائم حرب بحق الفلسطينيين، وأن تحقيقا كهذا يلغي الحاجة إلى تحقيق تجريه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد، بأن هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين كرروا هذه المزاعم، خلال لقاءاتهم مع مسؤولين قضائيين وسياسيين في المجتمع الدولي، وصفتهم الصحيفة بأنهم "وسطاء"، في السنة الأخيرة، من أجل إيصال الموقف الإسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وتأتي هذه "الوساطة" على خلفية رفض الحكومة الإسرائيلية التعاون مع تحقيق تجريه المحكمة الجنائية الدولية، حول جرائم حرب إسرائيلية خلال العدوان على غزة عام 2014 والاستيطان. وادعت الحكومة الإسرائيلية من خلال قرار اتخذته أنه لا توجد لدى المحكمة الجنائية الدولية صلاحيات لإجراء هذا التحقيق.
وادعى المسؤولون الإسرائيليون أمام "الوسطاء" أن الجيش الإسرائيلي يحقق في أي حدث تتعالى منها شبهات بتجاوز تعليمات وتجري محاكمة المسؤولين عنها في حال دعت الحاجة إلى ذلك. واستعرض مندوبو الدائرة الدولية في النيابة العامة العسكرية الإسرائيلية تحقيقات، وصفوها أنها "شاملة"، تم إجراؤها في أعقاب وقائع عسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية.
يشار إلى أن الجيش والمحاكم الإسرائيلية لم تحقق ولم تحاكم أي من مسؤوليها في الغالبية الساحقة من جرائم الحرب التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، وبينها العدوان على غزة وعمليات القتل الجماعي خلال مسيرات العودة، وفي حال جرى تحقيق يتم تبرئة الجنود والضباط الإسرائيليين. كذلك فإن إسرائيل تعتبر المستوطنات "قانونية".
وأضافت الصحيفة أن الدائرة الدولية في النيابة العسكرية توفر مرافقة قانونية لضباط في الجيش الإسرائيلي الذين قد تجري تحقيقات ضدهم، في ظل تخوف من فتح دول أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات ضدهم، على خلفية مشاركتهم في عمليات عسكرية يتوقع التحقيق فيها.
وقررت الحكومة الإسرائيلية، في الثامن من نيسان/أبريل الجاري، ردّها على رسالة المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، حول التحقيق في جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل، خلال العدوان على غزة في العام 2014، وكذلك بالاستيطان، بأن لا صلاحية لدى بنسودا بالتحقيق ضد إسرائيل، وأن إسرائيل لن تتعاون معها.
وكانت تقارير إسرائيلية قد توقعت في الأسابيع الأخيرة أن قرارا كهذا أو امتناع إسرائيل عن الرد على رسالة بنسودا، سيدفع المحكمة الدولية إلى فتح تحقيق فوري ضد إسرائيل حول ارتكاب جرائم حرب، الأمر الذي سيستدعي إصدار أوامر اعتقال دولية ضد مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى.
وقدم الجيش الإسرائيلي توصية إلى الحكومة تقضي بعدم التعاون مع محكمة لاهاي بادعاء الامتناع عن منحها شرعية، وأنه في حال وافقت إسرائيل على التحقيق مع نفسها، بدلا من تحقيق تجريه المحكمة الدولية، فإنها ستكون مطالبة بإجراء تحقيقات أخرى مع نفسها في أعقاب عمليات عسكرية في المستقبل.
وكان أمام إسرائيل خياران آخران، بأن تبلغ المحكمة الدولية بأنها ستحقق مع نفسها، لكن المسؤولين الإسرائيليين كانوا مترددين حيال هذا الرد لأنه يعني الاعتراف بصلاحيات المحكمة الدولية وستكون ملتزمة بتسليم المحكمة تقريرا نصف سنويا حول وضع التحقيق.
وكان الخيار الثالث أن تطلب "تأجيل تقني" في تسليم الرد على رسالة بنسودا، بحجة الوضع السياسي والاتصالات لتشكيل حكومة بعد انتخابات الكنيست.