هآرتس - بقلم: جاكي خوري "دون أي صلة بنتائج الانتخابات الرسمية، سيضطر “راعم” أو القائمة المشتركة بمكوناتها الثلاثة إلى إجراء انتقاد ذاتي والتفكير جيداً بسلوكهم في السنة الأخيرة. إن حل القائمة دون صلة بتشخيص “المتهم” بذلك، اعتبر في أوساط الكثيرين من المصوتين العرب خطوة استفزازية وحتى أنانية. ومثلما كان في نيسان 2019، قرر عشرات آلاف العرب أمس التزام البيوت في يوم الانتخابات.
للوهلة الأولى، فسر المعسكران التنافس بصورة منفصلة في هذه المرة بأنه انقسام أيديولوجي وليس صراع على تشكيل القائمة. لم يستبعد “راعم” تأييد لحكومة برئاسة نتنياهو، ولكن بشروط معينة، سجاد أحمر بالنسبة للأحزاب التي بقيت في القائمة المشتركة. ولكن يبدو أن التفسيرات لم تغير الكثير لدى الناخبين العرب الذين قرروا عدم التصويت.
يؤمن هؤلاء أنه يجب على القائمة المشتركة، خصوصاً في ظل شبكة العلاقات المعقدة بين المواطنين العرب وإسرائيل، التغلب على العنف المتزايد، وقضية التخطيط والبناء، والتمييز وقانون القومية، وهذه قائمة جزئية. وهي أمور كما يبدو أكثر أهمية من العلاقة بالقضية الفلسطينية والنقاش حول حقوق المثليين والقيم الدينية.
توقع “راعم” أن التأكيد على رؤى محافظة سيعزز مكانته في المجتمع العربي الذي يعتبر مجتماًع محافظاً. واعتقد أيضاً أن التنافس بدون “بلد” العلمانية (ربما المتطرفة في نظر الكثيرين) سيشكل ميزة إضافية. وكانت هناك حجة أخرى: استراتيجية الرغبة في التأثير من الداخل. نعم، إلى جانب الليكود.
حسب العينات على الأقل، يبدو أن الحزب لم يقدر بشكل صحيح مستوى الغضب من حل القائمة الذي تفوق على كل ما تبقى. وكانت هناك عوامل أخرى. مثلاً، خيبة أمل الجمهور العربي من النظام السياسي كله، خاصة بعد سنة كورونا. الجمهور لا ينسى أن القائمة أوصت ببني غانتس في الجولة السابقة لكي تسمع مرة أخرى أنها لا تريد الاعتماد على أصوات العرب. ومن غفر للمشتركة في أيلول 2019 وفي آذار 2020 قال في هذه المرة “إلى هنا”.
من الناحية الأكثر شخصية، إذا تبين بعد الانتهاء من فرز الأصوات بأن”راعم” لم يجتز نسبة الحسم فستكون ضربة قوية لمنصور عباس، عضو الكنيست المجهول الذي تبنى صيغة حديثة في المجتمع العربي، التي لا يعتبر نفسه من خلالها في جيب أحد، وهو منفتح على المفاوضات حتى مع اليمين، بشروط معينة. وبعد بضعة أيام قد يجد نفسه خارج اللعبة السياسية، وربما أيضاً بدون فرصة للتنافس في قائمة في المستقبل.
لكن في الجانب الذي احتفل أيضاً نسبياً أمس في شفا عمرو، يجب تخفيف السعادة. 8 – 9 مقاعد للمشتركة، حسب العينات، هي إنجاز نسبي، لا سيما عندما كان للقائمة في الكنيست السابقة 15 مقعداً. وإذا دخلت في “راعم” إلى الكنيست فإن “حداش” و”بلد” سيضطران إلى التساؤل: ألم يكن من الصحيح اتباع مقاربة حيادية أكثر وعدم الوقوف بشكل أوتوماتيكي ضد نتنياهو؟ ففي حينه سيكون بالإمكان القول إن “راعم” وحده حصل على نصف قوة المشتركة كلها. هذا السيناريو ظهر أن له فرصاً قليلة أمس، لكن انتقاداً ذاتياً عميقاً في أوساط الجهات السياسية في المجتمع العربي يبيدو أمراً لا مناص منه.