هآرتس - بقلم: ب. ميخائيل " استيقاظ محكمة الجنايات الدولية في لاهاي أهم من الانتخابات ونتائجها. في نهاية المطاف، لن يأت أي خلاص من نتائج الانتخابات، مهما كانت. سيستمر الاحتلال و سيتواصل الشر وستستمر العنصرية و”مشروع الاستيطان” وسيتواصل إفساد الدولة بدون إزعاج. وعلى الرغم من ذلك، سيأتي شيء نافع من تحقيق حثيث للمحكمة.
ثمة مجالات تهم محققي المحكمة. الأول يتناول الجرائم التي يرتكبها شخص ضد شخص آخر، أي بين المحتل والواقع تحت الاحتلال. وهذا هو الجزء السهل. هو سيمكن السلطات الإسرائيلية من الجدل إلى ما لا نهاية في مسألة من الذي بدأ ومن الذي أنهى. من قام بإطلاق النار أولاً، ومن قام بقصف من. هل الشاب الذي حمل بالوناً كان يستحق رصاصة في ركبته، والمزيد من المراوغة القانونية. لن تصعب على إسرائيل العودة وطرح المعادلة المجربة: الأغيار اللاساميون ضد أبنائها الأبطال. هذا سهل وقابل للاستيعاب.
المجال الثاني أكثر تعقيداً، وهو الاستيطان. سطو منهجي على الممتلكات على خلفية عرقية. والتشجيع بتمويل اليهود والتخطيط لهم من أجل الاستيطان في المناطق المحتلة. والتنكيل الممأسس بالسكان الواقعين تحت الاحتلال على أمل إخفائهم من أمام ناظرينا. هذه هي الجريمة التي تتهم إسرائيل بارتكابها.
هل عرفتم، أيها القراء الأعزاء، متى ولماذا تم شمل الاستيطان في قائمة جرائم الحرب؟ سأخبركم: ذات يوم كانت هناك دولة نازية. هذه الدولة أرادت توسيع مجال عيشها، فقام الجيش النازي باحتلال بولندا، الدولة الجارة في الشرق. وضُمّ جزء منها إلى ألمانيا وأنشئ في الجزء الآخر إدارة عامة من أجل إدارة الاحتلال، ووقف على رأسها شخص حقير يسمى هانس فرانك. وهناك تم إنشاء مشاريع ابادة ومشروع استيطان. كانت الخطة القضاء على اليهود وتصفية النخبة البولندية وإحضار ملايين المستوطنين الألمان وتحويل البولنديين الباقين إلى عبيد لهم، وتم تشكيل ألوية جيش بمساعدة الـ اس.اس من أجل الاستيطان في الأراضي البولندية، واعتبار أنفسهم طلائعيين ومنقذين للأراضي.
قتل ملايين الأشخاص في بولندا وفي مشروع الاستيطان، أي نحو ثلاثة ملايين يهودي وثلاثة ملايين بولندي. وحل مكانهم مليونا مستوطن ألماني. وبعد هزيمة النازيين، تم تقديم رئيس الإدارة للمحاكمة في نيرنبرغ، وأدين بذلك. ولكن يا للدهشة! لم يكن بالإمكان إدانته أيضاً على دوره في مشروع الاستيطان المقيت. فقد نسي المشرع الدولي أن يضم الاستيطان إلى قائمة جرائم الحرب. وفي العام 1949 تم تصحيح الخطأ. فقد ضُمت لميثاق جنيف الرابع فقرة تحظر بشكل صريح نقل مواطني الدولة المحتلة إلى المناطق التي تم احتلالها. هكذا، وصلنا إلى هذا الحد. “لاهاي” تهتم بالاستيطان.
دولة إسرائيل محرجة، هذا غير مستغرب. لا سبيل للدفاع عن جريمة الاستيطان، لا بمبرر الأمن أو المنطق أو الاقتصاد أو الدفاع عن النفس أو الحق القانوني أو الحاجة، ما من سبيل. فقط الطمع والشر والعنصرية والله مع وعوده. ولكن الله، كما يبدو، لن يأتي إلى المحكمة كي يشهد لمصلحة المتهمين.
ولكن من يعرف، ربما تكون قائمة المتهمين بالمشاركة في الجريمة، التي قد تشمل عدداً كبيراً من سكان إسرائيل، كافية لغرس القليل من الذكاء والتواضع والإنسانية فينا.
ثمة حقيقة واحدة يمكننا التمسك بها لنواصل بكاءنا: سنتهم الألمان مرة أخرى.