هآرتس - بقلم: عميرة هاس "في الوقت الذي تزداد فيه احتمالات أن تكون حماس هي القائمة الأكبر في المجلس التشريعي الفلسطيني، خصوصاً بسبب انقسام حركة فتح، فإن إسرائيل تحذّر أعضاء حماس في الضفة الغربية كي لا يتنافسوا في الانتخابات الفلسطينية المتوقع إجراؤها في 22 أيار المقبل.
مؤخراً، يهدد الشاباك نشطاء سياسيين معروفين بتأييدهم لحماس في الضفة، بأن سيتم اعتقالهم لبضع سنوات إذا ما شاركوا في الانتخابات. في عدد من الحالات، اتصل ضباط الشاباك مع نشطاء وحذروهم بأن التنافس في الانتخابات سيكون مقروناً بانفصال طويل عن العائلة. وفي حالات أخرى، جاءوا إلى منازلهم ليلاً، بمرافقة قوات من الجيش، لنقل هذه الرسالة. وقام عدد من مسؤولي المناطق باستدعاء النشطاء والمؤيدين إلى مراكز التحقيق التابعة للشاباك. أحد الأشخاص الذين تم تهديدهم، وكان تحدث عن ذلك للصحيفة، ذكر أسماء عشرة أشخاص آخرين تم تحذيرهم بطريقة من الطرق التي ذكرت أعلاه. رفض الشاباك الرد على سؤال “هآرتس” حول هذا الأمر.
إسرائيل بكونها القوة التي تسيطر في الضفة، بما في ذلك الجيوب التي تقع تحت الحكم الذاتي الفلسطيني، تتدخل في الانتخابات الفلسطينية بحكم أنها تستطيع اعتقال من سيتنافس في الانتخابات، وتستطيع أن تعتقل، مثلما حدث بعد انتخابات 2006، من سيتم انتخاب، وكذلك كل من سيتم تعيينه وزيراً أو في منصب رفيع. وإذا لم تعجبها نتائج الانتخابات، ستحتجز إسرائيل -مثلما فعلت في السابق- أموال الضرائب والجمارك التي يجب عليها أن تحولها للسلطة الفلسطينية. وهذا سيقلص مرة أخرى رواتب القطاع العام في الضفة وتقليص التجارة والصناعة وزيادة نسبة البطالة. وباستطاعة السلطات الإسرائيلية أن تشدد الحصار على قطاع غزة وفصل المحافظات الفلسطينية بعضها عن بعض.
القوائم الفلسطينية لن تذكر هذه الحقائق في الحملة الانتخابية كسبب لعدم تصويت من لا توافق عليه إسرائيل. وسيعدّ وذكر هذه الحقائق تعاوناً واضحاً وخيانة، لكنها مكشوفة للناخبين. حتى الآن، لا يمكن معرفة كيف سيقررون في صناديق الاقتراع، هل سيفضلون الاستقرار المتمثل بسلطة “فتح” رغم أنهم يعتبرونها فاسدة، أم سيصوتون فعلياً لخصمتها (“إسرائيل ليست هي التي ستحدد ممثلينا”). لذلك، لا يمكن الحديث عن انتخابات فلسطينية حرة تحت الاحتلال. كما لا توجد احتمالية لقيام حماس “باحتلال الضفة بصورة عاصفة”، لأن إسرائيل صاحبة السيطرة لن تسمح بذلك.
يرفضون التنافس
تقوم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية باعتقال عشرات الفلسطينيين أسبوعياً، ولا ينحصر الأمر بالمتهمين بتنفيذ عمليات مسلحة، بل وبنشطاء اجتماعيين وسياسيين يعبرون عن مواقف مختلفة عن مواقف السلطة، ويتم اعتقال متظاهرين ونشطاء ضد البؤر الاستيطانية، وطلاب، ومن يعلقون في “فيسبوك”، وأشخاص يأمل الشاباك أن يستخرج منهم معلومات عن آخرين. الاعتقالات في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات، في أوساط مؤيدي حماس ومنهم الكثير من الطلاب، يفسرها الجمهور الفلسطيني وحماس على أنها محاولة لإبعاد أشخاص ذوي حضور جماهيري ويسمع صوتهم أثناء الحملة الانتخابية.
أعلن أحد معتقلي حماس الأخيرين، وهو فازع صوافطة من مدينة طوباس، عن نيته للترشح في الانتخابات. وفي الأسبوع الماضي، وضع في الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر. هذا إضافة إلى عدد من النشطاء في هذه الحركة، من بينهم أعضاء سابقون في المجلس التشريعي، الذين هم رهن الاعتقال الإداري منذ بضع سنوات أو يتم إطلاق سراحهم لبضعة أشهر ويتم اعتقالهم مرة أخرى، مثل: محمد أبو طير، وأحمد عطون، وخالد أبو عرفة من القدس (الذين سحبت منهم مواطنتهم المقدسية وطردوا إلى رام الله)، وجمال الطويل وحسن يوسف من رام الله.
منذ قررت حماس التنافس في الانتخابات هذه السنة كان من الواضح أن عليها أن تأخذ في الحسبان بأن إسرائيل ستمنع أعضاءها في الضفة من الترشح وإجراء الدعاية الانتخابية أمام القوائم الأخرى، وأنهم سيكونون معرضين للاعتقال. لهذا السبب، من تم انتخابهم في “قائمة التغيير والإصلاح” لحماس، التي تنافست في 2006، قرروا عدم الترشح مرة أخرى. هذا ما قاله أحدهم للصحيفة. بعد فوز حماس في تلك السنة، اعتقلت إسرائيل معظمهم لبضع سنوات عقاباً على عضويتهم في القائمة. وهو نفسه تم اعتقاله لبضع سنوات، ووضع رهن الاعتقال الإداري بدون محاكمة. وحسب قوله، إن المشاركة في نقاشات علنية حول المصالحة بين حماس وفتح تنتهي بالاعتقال. لذلك فإن من يتحدث في هذا الأمر من حركته هم سكان القطاع أو من يعيشون في الخارج. مثلاً، في الصيف وضع في الاعتقال الإداري شخص رفيع من حماس، هو حسن يوسف، من رام الله، بعد أن عبر علناً عن تأييده لخطوات المصالحة.
لم تقرر حركة حماس بعد طبيعة مشاركتها في الانتخابات، سواء كقائمة بحد ذاتها أم قائمة لمستقلين متماهين معها، أم بالتحالف مع تنظيمات أخرى. بناء على ذلك، فهي بعيدة عن مرحلة اختيار مرشحين. وينشغل أعضاؤها في هذه الأثناء في انتخابات داخلية لاختيار قيادة الحركة، التي تجري كل أربع سنوات، والتي في نهايتها يتم انتخاب “برلمان” الحركة، الذي هو مجلس الشورى، وفيه يختارون الأعضاء، من بينهم 15 عضواً يمثلون المكتب السياسي.
حل أنيق
رفض مجلس الشورى الحالي اقتراحاً لتأجيل الانتخابات الداخلية بسبب الانتخابات الفلسطينية العامة المرتقبة، لكن تقرر أن يتم تقصير العملية من ستة أشهر إلى شهرين. الانتخابات تجري في أربع مناطق، وهي: غزة والسجون، والتجمعات الفلسطينية في الخارج، والضفة الغربية. الانتخابات التي في غزة والسجون انتهت. ومن غير الواضح كيف وهل ستجري الانتخابات في الضفة (التي يتم إجراؤها سراً). وبسبب سيطرة إسرائيل المباشرة في الضفة، فإن أي نشاط سياسي ولقاء لمؤيدي حماس سينتهي بالاعتقال، خصوصاً عندما يدور الحديث عن انتخابات علنية للبرلمان. لذلك، من غير الواضح كيف وهل سينتخبون نشطاء من سكان الضفة كمرشحين في قائمة تكون متماهية مع حماس.
ولأن الحركتين، حماس وفتح، قررتا تشكيل “حكومات تحت الاحتلال”، فإنهما بحاجة إلى الانتخابات لتجديد شرعيتهما العامة. وكحركات سلطة، يجب عليهما تنفيذ وعودهما للناخبين بدفع الرواتب وجباية الضرائب وإدارة وزارات وتوفير خدمات اجتماعية وصحية وشق الطرق والبناء. وهما تعرفان أنه حتى إذا حصلت واحدة منهما على أغلبية الأصوات، فهي لا تستطيع تشكيل حكومة واحدة تحكم في القطاع والضفة. كما قلنا، لن تسمح إسرائيل لحماس بالعمل كحكومة، سواء في الضفة أو في غزة، في حالة فوزها بأغلبية الأصوات. ومن المشكوك فيه إذا كانت حركة فتح ستتنازل لحماس عن مراكز القوة وعن مصالحها المادية في الضفة. وفي غزة، من الصعب رؤية حماس تتنازل عن مراكز قوتها ومصالحها المادية، ومنها جيشها الذي أقامته.
حماس وفتح تُقسمان أنهما تنويان إنهاء الانقسام السياسي والتخلي عن وضع الحكم المزدوج الذي ساد في السنوات الـ 14 الأخيرة. هناك حل واحد يظهر، وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية، دون أي علاقة بنتائج الانتخابات. هذا ما قاله عضو المكتب السياسي في حماس حسام بدران، حسب نبأ نشر يوم أمس في موقع الأخبار “معا”. وإذا تحقق هذا الأمر، يبقى أمامنا رؤية ما إذا كانت إسرائيل ستسمح لهذا الحل الأنيق بالعيش.