كثّف الاحتلال الإسرائيلي جهوده في رصد أيّ تطوُّر في القدرات البحرية لدى المقاومة تمهيداً للانقضاض عليه، محاوِلاً بالتوازي استدراج معلومات عن تلك القدرات عبر «لعبة إعلامية» باتت مكشوفة. إزاء ذلك، تؤكّد المقاومة أن مفاجآتها ستكون في وقتها، وأن «ألاعيب» العدوّ لن تجديه نفعاً
فمنذ أسبوعين، يواصل الاحتلال تركيزه على قدرات المقاومة الفلسطينية البحرية، وذلك في أعقاب رصده أهدافاً عسكرية تابعة للمقاومة داخل بحر غزة، عدّة مرّات خلال الفترة الماضية.
يأتي هذا في وقت كشفت فيه مصادر في المقاومة عن قيام العدو بِنَصْب مجسّات وأجهزة مراقبة جديدة على طول المنطقة البحرية الملاصقة للقطاع، إضافة إلى تكثيف عمليات المراقبة للحدود مع مصر.
وقبل أسبوعين، وفي ظلّ أجواء بحرية شديدة الخطورة، قصفت قوات الاحتلال البحرية زورقاً عَبَر مِن الحدود المصرية - الفلسطينية، من دون الإعلان عَمَّن كان يقوده أو مصيرهم.
إلّا أنّ تحدُّث جيش العدو، الأسبوع الماضي، عن تحييد هدف بحري لحركة "حماس" في بحر غزة قبالة مدينة خانيونس، من دون توضيح ماهيّته، دفع محلّلين إسرائيليين إلى التلميح لكون الهدف المقصود يشي بتطوُّر كبير في القدرات البحرية لدى "حماس".
في المقابل، كشفت مصادر في المقاومة الفلسطينية، لـصحيفة "الأخبار"، أن الهدف الذي تَحدّث عنه الاحتلال، وحاول تضخيمه، هو عبارة عن تجارب كانت تجريها وحدات الكوماندوز البحرية لأدوات خاصة بها في عرْض البحر، معتبرة أن العدو يتعمّد تضخيم قدرات المقاومة لأهداف سياسية.
وأضافت أنه ليس سرّاً أن المقاومة تُطوِّر أدواتها العسكرية لتحقيق إنجازات ميدانية تُمكّنها من المبادرة والدفاع خلال المواجهات مع الاحتلال، لافتة إلى أن لدى المقاومة عدّة برامج لتطوير أدواتها، ومن ضمنها تطوير سلاح البحرية الذي حَقّق إنجازات بارزة خلال حرب عام 2014. كما كشفت المصادر أن المقاومة رصدت، خلال الأشهر الماضية، تركيب جيش الاحتلال للعديد من المجسّات وأجهزة المراقبة على طول الحدود البحرية الشمالية لقطاع غزة، وذلك خوفاً من تسلُّل وحدات المقاومة إلى الأراضي المحتلة وتنفيذ عمليات فدائية، موضحة أن هذه الأعمال تأتي استكمالاً للجدار البحري الذي بناه العدو داخل البحر، ضمن مشروعه الأكبر المتمثّل في الجدار الأرضي حول القطاع.
كَثّف الاحتلال، خلال الأعوام الماضية، جهوده لمراقبة الحدود البحرية بين غزة ومصر
وكَثّف الاحتلال، خلال الأعوام الماضية، جهوده لمراقبة الحدود البحرية بين غزة ومصر، بهدف منع تهريب قدرات عسكرية للمقاومة عبر البحر.
كما عمد إلى استهداف الصيّادين الفلسطينيين وتدمير قواربهم، بالتعاون مع السلطات المصرية، ما أدّى إلى استشهاد عدد من الصيّادين العام الماضي. مع ذلك، تؤكّد المصادر أن لدى المقاومة القدرة على تجاوز جميع العوائق، واستجلاب ما تريده من عتاد ومواد. وعلى الرغم من أن ما يقوم به الاحتلال من عمليات تضييق يمثّل تحدّياً أمامها، تجزم المصادر أن المقاومة ليست عاجزة عن تجاوز كلّ الموانع الإسرائيلية، مستدركة بأن الحديث عن المفاجآت لن يكون إلا في وقته، ووفق معطيات أيّ معركة مقبلة، وبما ينسجم مع الرؤية العسكرية والسياسية للمقاومة.
وتختم المصادر بأن محاولات الاحتلال استدرار المعلومات عن القدرات البحرية للمقاومة، باتّباع أسلوب تضخيم القدرات في الإعلام وانتظار ردّ فعل، لن يجدي نفعاً، ولن يدفع المقاومة إلى الإفصاح عما لديها.
ويأتي حديث المصادر تلك ردّاً على ما تداولته الصحافة العبرية، وتحديداً المحلّل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوني بن مناحيم، الذي قال إن "قوات الكومندوز التابعة للجناح العسكري لحماس تُجهّز العديد من المفاجآت ضدّ إسرائيل، عن طريق التسلُّل البحري"، مضيفاً أن التجهيزات تشمل "ضربة استراتيجية" ضدّ دولة الاحتلال خلال المعركة أو المواجهة المقبلة مع قطاع غزة.
وبحسب بن مناحيم، تعتمد "حماس" على قوات النخبة البحرية كتعويض عن قوات نخبة الأنفاق، بعد أن اكتمل بناء عائق تحت أرضي على الحدود الشرقية للقطاع. وادّعى أن قوات "حماس" البحرية تبحث عن سبل للوصول إلى شواطئ دولة الاحتلال، وتنفيذ عملية هناك، ثمّ الانطلاق لتنفيذ مهمّات أخرى داخل الأراضي المحتلة.
وفي إشارة إلى أن "حماس" تُطوِّر قدرات بحرية مُسيّرة عن بعد، نقلت صحيفة «معاريف» العبرية، عن مسؤولين كبار في جيش الاحتلال، أن الحادث الأخير الذي أغرقت فيه البحرية الإسرائيلية زورقاً قبالة شواطئ خانيونس جنوب قطاع غزة، مثير للاهتمام، وأمر غير عادي، على رغم أنه في هذه المرحلة يبدو أن الطرفين، أي إسرائيل و«حماس»، لهما مصلحة في إبقاء الحدث تحت موجات الضجيج، من دون اندلاعه على هيئة حرب مفتوحة.