نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا قالت فيه إن رسالة سرية إلى رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر كتبها الوزير في الخارجية ويليام وولدغريف في آب/ أغسطس 1990 حذر فيها من شن حملة تشهير بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين بعد غزوه الكويت.
وجاء تحذير الوزير بناء على العلاقة مع نظام صدام وبيعه صفقات أسلحة. وتظهر الرسالة ووثائق أخرى أن تاتشر قارنت صدام في لقاء خاص بهتلر، ووصفته بـ”الأناني والديكتاتور المستبد” الذي تسبب بمعاناة وبؤس على شعبه طوال السنين. إلا أن وولدغريف حذرها من شن حملة تشهير ضد صدام عندما غزا جارته الكويت، وأشار إلى أن هذا التكتيك سيفتح العيون على شركات السلاح البريطانية التي باعت ذخائر للعراق.
وجاء في رسالته إن “الحرب الدعائية” ضد صدام “سهلة” ولكن هناك “بعض المشاكل” في حملة العلاقات العامة التي تخطط لها رئيسة الوزراء ضد الديكتاتور. وكتب الوزير: “كلما تحدثت الحكومة عن جرائم صدام كلما طرح السؤال: لماذا ظللتم تتعاملون معه لوقت طويل”. وعبّر وولدغريف عن مخاوفه من الحملة المضادة لصدام وأثرها على البريطانيين الذين ألقت القوات العراقية القبض عليهم. وقال: “رأيي الشخصي أنه لا حاجة للحكومة لتغذية لهيب المشاعر المضادة لصدام لأنها مشتعلة على أي حال”. وقال: “لا أعتقد أن الدعاية في هذا البلد هي قضية، ولكن الانتصار في المعركة مع الدول العربية، وهذا موضوع معقد. وهم لا يشكون بقسوته ولهذا السبب يحترمه الراديكاليون”.
وقدم وولدغريف أمثلة عن قسوة صدام خلال العقود الثلاثة من حكمه، والتي بدأت الصحافة الغربية بنشرها بعد غزو الكويت في 1990. وتضم استخدام التعذيب ضد الأطفال والحصيلة الرهيبة للقتلى في الحرب التي استمرت 8 أعوام مع إيران، والتي استخدم فيها العراق السلاح الكيماوي بنتائج مدمرة.
وقال وولدغريف الذي وجّه له تحقيق صفقات السلاح انتقادا بسبب قراره عام 1988 لتخفيف القيود على صفقات السلاح للعراق وإيران: “الحكومة العراقية وعلى رأسها صدام تضم رجالا شرسين لا يترددون باستخدام العنف لقمع أي معارضة يشتبه بها”. و”عرّضت الحكومة مواطنيها لعمليات إعادة توطين وترحيل قسري واعتقالات تعسفية وتعذيب واختفاء وقتل فوري كأمر طبيعي”.
وأدى الاحتلال العراقي الذي استمر سبعة أشهر للكويت بسبب خلاف على حقول النفط إلى تراجع قواته عندما قادت الولايات المتحدة تحالف “عاصفة الصحراء” في 1991.
وفي مذكرة من “داونينغ ستريت” كتبتها السكرتيرة الخاصة كارولين سلوكوك في 19 آب/ أغسطس 1990 قالت فيها إن رئيسة الوزراء ناقشت مع وزير الخارجية دوغلاس هيرد الوضع في الخليج أثناء لقاء خاص في الليلة السابقة. وقالت سلوكوك إن “كلا من رئيسة الوزراء ووزير الخارجية اتفقا على أن المواطنين الأجانب سيتم احتجازهم في المنشآت الحيوية” و”صدام مثل هتلر، يشن حربا نفسية قد تؤدي إلى فعل معاد”. وأضافت: “لقد أكدت رئيسة الوزراء على أهمية دراسة بريطانيا أساليب الحرب النفسية بعناية والرد عليها بالطرق المناسبة”.
وفي مراسلات منفصلة نهاية ذلك العام، قال خليفتها جون ميجر، إن على بريطانيا ألا تخشى من “المواجهة مع صدام”. وفي رسالة كتبها ميجر في اليوم الثاني للكريسماس (بوكسينغ داي) 1990 وبعد شهر من توليه منصب رئيس الوزراء إنه “لا يشك” أن أفعال صدام “لا تغتفر” والضرر لعدم إخراجه من الكويت سيكون “ضخما” بما في ذلك “خطر من صدام في مرحلة قادمة وخسارة لمكانة الولايات المتحدة”.