شكّك القيادي البارز بحركة "حماس" ووزير الأسرى الأسبق وصفي قبها، في جدّية السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عبّاس بترجمة المرسوم الرئاسي الصادر بشأن تعزيز الحريات العامّة، منتقدًا ترحيب فصائل وشخصيات ومؤسسات به، قبل ترجمته على الأرض.
وقال قبها في مقابلة مع صحيفة "الاستقلال"، "المرسوم لا يعدو كونه حبرًا على ورق، وهو تأكيد لما جاء في القانون الأساسي الفلسطيني، المعدّل عام 2005، والذي كفل الحريّات بأشكالها كافّة"، داعيًا الرئيس عبّاس إلى "محاسبة الأجهزة الأمنيّة التي انتهكت وتنتهك هذا القانون".
وأضاف "نحن لسنا بحاجة إلى مراسيم في هذا الصدد، بقدر ما نحن بحاجة إلى ترجمة ما نصّ عليه القانون إلى أفعال، تبعث الثقة للشارع الفلسطيني، خصوصًا بالضفّة المحتلّة بأن هنالك جديّة في إنجاح مسار الانتخابات العامّة"، مؤكدًا أن واقع الحريّات هناك حتى اللحظة لا يَشي بذلك".
وتساءل: "أين هي الحريات التي كفلها المرسوم الرئاسي، بينما لا يزال أكثر من 100 موقع فلسطيني، غالبيتها إعلامية، محجوبة؟ (..) الأصل الإيعاز بتنفيذ ما ورد بالمرسوم فورًا دون تلكؤ".
وأضاف "لماذا لم نشهد إطلاقًا فوريًا لسراح عشرات المعتقلين السياسيين بالضفة المحتلة؟"، لافتًا إلى أن "ما لا يقل عن 13 شخصية من مدينة جنين (شمال)، ما بين أكاديمي، وأستاذ مدرسة، وقاضٍ، يحاكمون منذ العام 2007 حتى تاريخه"، إضافة إلى الملاحقة الماليّة، ومنع تنظيمات فلسطينية من إيصال الأموال لعوائل شهداء وأسرى، بل وتعقّب متلقّيها".
عدا عن ذلك، الملاحقة بذريعة "ذمّ وتشهير وقدح لمقامات عُليا"، فضلًا عن تجاهل قانون "الطامّة الكُبرى"، بحسب وصف قبها، المعروف بـ "قانون الجرائم الإلكترونية"، وإذا ما يشمل مرسوم الرئيس عبّاس بشأن تعزيز الحريات العامّة هذا القانون، الذي يمسّ بشكل مباشر جوهرها.
وقال "ما هو مقصود من المرسوم غير واضح؛ لذلك أُعبّر هنا عن استغرابي من "تطبيل" فصائل وشخصيات ومؤسسات لهذا المرسوم". وفق تعبيره.
وتساءل "هل يكفل هذا المرسوم عدم ملاحقة واعتقال أجهزة أمن السلطة من يعتزم أن يجوب بسيارته شوارع الضفة المحتلة برايات حركة "حماس"، أو أن يرفع هذه الرايات ويخطّ شعارات الحركة فوق سطح وعلى واجهة منزله؟".
وهنا، شدّد القيادي البارز في "حماس" على ضرورة أن يخضع مرسوم الرئيس عبّاس، للمتابعة الحثيثة من المؤسسات الحقوقيّة والقوى والفصائل، وفي مقدمتها قيادة حركة "حماس"، "على أمل ترجمة المرسوم عمليًّا على الأرض".
وأضاف "بات من الضروريّ جدًا أن يخرج هؤلاء عن صمتهم، ويطرحوا التساؤلات بشأن مصير المواقع الإلكترونية المحجوبة"، معبرًّا عن أسفه لاضطراره "استخدام شريحة اتّصال إسرائيلية ليتصفّح من خلالها مواقع إعلامية لحركة حماس؛ لتخطّي الحجب".
الاحتلال والعملية الانتخابية
الاحتلال والعملية الانتخابية، قال إنه يتدخّل فيها، عبر تغييب شخصيات وطنية ونوّاب بالمجلس التشريعي بالضفة المحتلة، بالاعتقال والملاحقة وتهديد بعضهم حال ترشّحهم للانتخابات المقرّرة.
وأضاف "هذا ليس غريبًا على الاحتلال، إلّا أن الغريب ما يجري داخليًا من سلوك مشابه؛ في محاولة للتأثير على الانتخابات ونتائجها".
وحول مسار العملية الانتخابية؛ عبّر القيادي البارز بـ "حماس" ووزير الأسرى الأسبق، عن تشكّكه بإمكانية إنهاء المرحلة الأولى من هذه العملية.
وقال "أنا أشكّ بالوصول للانتخابات، ليس لعدم توفّر البيئة الديمقراطية فقط، إنما نتيجة للواقع الذي تعيشه حركة "فتح"، فواقع الحركة يعاني من التشظّي؛ إثر التحالفات والتيّارات المختلفة".
وعبّر عن خشيته من أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى "حالة أوسع للفلتان الأمني والاقتتال المسلّح بالضفة المحتلّة"، مشدّدًا على أنه كان يتوجّب التوصل إلى مصالحة حقيقية أولًا، ثم التوجّه نحو إجراء العملية الانتخابية.
مخاوف ومحاذير
وانتقد القيادي قبها قيادة حركته، لموافقتها على إجراء الانتخابات قبل تحقيق المصالحة الوطنيّة، محذراً مما ستؤول إليه الأوضاع بعد إجراء الانتخابات في ظل هكذا أجواء، قائلاً: "الله يجنّب شعبنا نتائج هذه الانتخابات".
وتساءل: "لماذا قَبلت قيادة الحركة تأجيل القضايا المهمّة التي تُعد استحقاقًا، كإعادة رواتب أُسر شهداء وأسرى، وأسرى محرّرين، ونوّاب بالمجلس التشريعي وغير ذلك؟".
"طالبناهم (قيادة حماس) بردّ الاعتبار للإرادة الفلسطينية، بأن ينعقد المجلس التشريعي ولو لمرة واحدة؛ لكن للأسف لم يُسمع صوتنا".
"من سيردّ الاعتبار للإرادة الفلسطينية ممثلة برئيس المجلس التشريعي عزيز دويك؟" (...) ليس هكذا يكون التفاوض .. كَفى"، واصفًا مخرجات الحوار الوطني الشامل المنعقد بالقاهرة مؤخرًا بـ "الباهتة والمسلوقة".
والسبت الماضي، أصدر الرئيس محمود عباس مرسومًا رئاسيًّا، بشأن تعزيز الحريات العامّة، مؤكدًا فيه توفير مناخات لذلك، على أن يكون المرسوم ملزمًا للأطراف كافّة.
ويأتي المرسوم الرئاسيّ تحقيقًا لما اتفقت عليه القوى والفصائل الفلسطينية في حوارها الأخير، بالعاصمة المصرية القاهرة، التي من المقرّر أن تشهد خلال مارس (آذار) القادم، جولة جديدة من الحوار، ستتركّز على بحث ملف إعادة بناء وتطوير منظّمة التحرير، وإجراء انتخابات المجلس الوطني للمنظّمة، والاتّفاق على برنامج واستراتيجيّة وطنيّة موحّدة.
ومنتصف يناير (كانون الثاني) المنصرم، أصدر الرئيس عبّاس، مرسومًا رئاسيًّا، حدّد فيه مواعيد إجراء الانتخابات العامّة، خلال العام الجاري.
وجاء في المرسوم، أن الانتخابات التشريعيّة (البرلمانية) ستعقد بـ 22 مايو(أيّار) المقبل، ورئاسة السلطة بـ 31 يوليو (تمّوز)، والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) بـ 31 أغسطس (آب).