يأتي اجتماع القاهرة لوضع اللمسات الأخيرة على الخطوات الإجرائية التي ستشهدها العملية الانتخابية المزمع عقدها في الشهور القليلة القادمة حسب التواريخ الذى حددها المرسوم الرئاسي؛ والتي تشكل مخرج سياسى لانهاء الانقسام بعد فشل كل المحاولات خلال أربعة عشر عام لانهائه؛ ولقاء القاهرة بمثابة اللقاء الأخير ما بين فتح وحماس وبمشاركة الفصائل الفلسطينية الأخرى قبل اجراء الانتخابات لتسوية القضايا العالقة والتي مهما كانت لن تعرقل قرار الذهاب للانتخابات التشريعية في شهر مايو القادم ويليها الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطنى .
ولعل ما يدفعنا لتبنى هذه الرؤية الحالة الفلسطينية الراهنة والمتمثلة بشكل أساس في ما وصلت إليه غزة بعد سنوات عجاف من الانقسام؛ واقتناع العقلاء في حركة حماس بأنه آن الآوان لانهاء هذه الحقبة السوداء وتوحيد شطرى الوطن تحت مظلة شرعية واحدة من خلال بوابة الانتخابات؛ والتي ستمنح الشعب الفلسطيني الفرصة لاختيار ممثليه في المرحلة القادمة؛ إضافة إلى انتهاز حركة حماس الفرصة السياسية لطرح حضورها في المشهد الاقليمى والدولى كحركة سياسية مرنة وديمقراطية وليس حركة إرهابية كما تصنفها الكثير من دول العالم؛ ولتصبح جزء من مكونات النظام السياسى الرسمي الذى يقبله العالم؛ وهذا ما قدمته من خلال التعديلات على ميثاقها بقبولها بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، ومنذ ذلك الحين وهى تحاول الانطلاق في عدة اتجاهات مع مراقبتها الحثيثة للمتغيرات الدولية والإقليمية المحيطة.
وكذلك العالم كله يتطلع ويطالب بضرورة تجديد الشرعيات الفلسطينية ليستمر في دعم ومساندة الموقف الرسمي الفلسطيني خاصة بعد مجمل المتغيرات الدولية والإقليمية وعلى رأسها تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ والذى بدوره يدعم حل الدولتين وقد يسعى لانهاء الصراع الفلسطيني وبالطبع لن يكون الموقف الفلسطيني بذات القوة لو كانوا متحدين عنه وهم منقسمين ومشرذمين وبمواقف سياسية مختلفة.
وعليه الانتخابات الفلسطينية الخيار الأخير أمامنا للمحافظة على ما تبقى من دعم عربى ودولى لقضيتنا؛ وبالتالي الذهاب للانتخابات أمراً اجباريا والمنفذ الوحيد لاقناع العالم بالالتفاف حول حقنا بالاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية. وحتى نستمر متحدين قبل وبعد إجراء الانتخابات والذى سيذهب إليها الجميع برغبته أو مرغم عليها يجب إتخاذ الخطوات التالية :
ضرورة توفير الأجواء المناسبة لاجراء الانتخابات في شطرى الوطن وذلك من خلال احترام الحريات العامة؛ والمحافظة على الأخلاق الإنسانية في الدعايات الانتخابية والابتعاد عن التشهير والتخوين لجلب الأصوات وفرض القانون على الجميع؛ ومنع أي إجراءات قد تعرقل العملية الانتخابية من اعتقال أو ترهيب أو قمع؛ ومعالجة أي طارئ بحكمة وموضوعية للوصول إلى الحفل الديمقراطى بكل نزاهة وشفافية.
ضرورة توفير ضمانات فلسطينية ذاتية لانجاح العملية الانتخابية والقبول بنتائجها فمهما كانت الضمانات الخارجية دون توفر إرادة فلسطينية وطنية حقيقية لن نتمكن من إنجاح العملية الانتخابية ؛ والتي تتلخص في التوافق على استراتيجية وطنية تنظم العلاقة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، وتوحد من خلالها الموقف الفلسطيني حول المفاوضات وكافة أشكال المقاومة وهو ما يحفظ توحيد البندقية تحت مظلة واحدة متوافق عليها، وكذلك ضرورة البدء في صياغة مسودة دستور فلسطيني لتنظيم عمل المؤسسات الفلسطينية بكل أشكالها وبما يكفل إقامة نظام سياسى نموذجى ينهض بحالتنا الوطنية.
وفى الختام .. الانتخابات فرصتنا الأخيرة للحفاظ على ما تبقى من كرامة لشعبنا العظيم، وخطوة باتجاه إعادة ترتيب حضور الفصائل الفلسطينية الفاعلة في الساحة الوطنية، وكذلك لمنح التيارات الشبابية بالمشاركة في الحياة الديمقراطية من خلال الانتخاب أو تشكيل قوائم شبابية للترشيح للانتخابات وأخذ دورها في المشاركة في الحياة السياسية وإدارة المؤسسات العامة. و
ورسالة أخيرة.. اختيار المرشحين بدقة وعناية وحسب الكفاءة والقدرات المهنية والشخصية ومدى قبول الشارع الفلسطيني لها هي العامل الوحيد على تشجيع الناخبين للذهاب لصناديق الاقتراع وهى التي ستحدد نسب نجاح قائمة عن أخرى.
أستاذة علوم سياسية وعلاقات دولية