قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإثنين أنّه يتعيّن عليه الالتزام بخطة الرئيس دونالد ترامب للسيطرة على غزة، فيما شدّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال زيارة للسعودية على وجوب التوصل لترتيبات بشأن القطاع الفلسطيني “تسهم في الأمن الإقليمي”.
من جهته، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنّه “قرّر إنشاء مديرية في وزارة الدفاع للمغادرة الطوعية لسكّان غزة”، بينما دعا وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش حركة حماس لتسليم سلاحها ومغادرة القطاع.
وقال سموتريتش في تصريح مصوّر إنّه سيطالب مساء الإثنين خلال اجتماع للمجلس الأمني المصغّر “بالتصويت لتبنّي خطة الرئيس ترامب، أي أن تفرج (حماس) فورا عن جميع الرهائن وتغادر غزة إلى بلدان أخرى وتسلّم أسلحتها”، مؤكدا أنّ الدولة العبرية ستفتح “أبواب الجحيم” في حال رفضت الحركة ذلك.
وأتت هذه التطورات في وقت شدّد فيه وزير الخارجية الأميركي خلال اجتماعه في الرياض مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على وجوب التوصل لترتيبات بشأن غزة “تُسهم في الأمن الإقليمي”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في بيان إنّ روبيو الذي وصل إلى العاصمة السعودية آتيا من إسرائيل أكّد “أهمية التوصّل إلى ترتيبات بشأن غزة تسهم في الأمن الإقليمي”.
وأضاف البيان أنّ روبيو وولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي للمملكة، “أكدا مجددا التزامهما بتنفيذ وقف إطلاق النار في غزة وضمان إطلاق حماس سراح جميع الرهائن، بما في ذلك المواطنون الأميركيون”.
من جهتها، أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّ ولي العهد وروبيو بحثا “مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، والمساعي المبذولة تجاهها لتحقيق الأمن والاستقرار”، دون أنّ تقدم مزيدا من التفاصيل.
من ناحيته، أفاد مصدر سعودي وكالة فرانس برس بأنّ الرياض ستستضيف قمة إقليمية في وقت لاحق هذا الأسبوع لمناقشة الرد على خطّة ترامب.
وأُرجئت إلى يوم الجمعة قمة عربية مصغّرة كانت مقررة الخميس في الرياض لمناقشة خطة ترامب، كما توسّعت لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى جانب مصر والأردن، حسبما أفاد دبلوماسيان عربيان فرانس برس.
وكان من المقرر أن يعقد قادة السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن هذه القمّة.
لكنّ مصدرا سعوديا فضل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث للإعلام قال إنّ “مؤتمر القمة العربية المصغر في الرياض تم تأجيله من الخميس إلى الجمعة 21 شباط/فبراير الجاري”.
وأشار المصدر إلى أنّ الاجتماع “سيضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست مع مصر والأردن لبحث البدائل العربية لخطط ترامب في قطاع غزة”.
ووصل روبيو إلى الرياض آتيا من إسرائيل حيث كان بدأ أول زيارة إلى الشرق الأوسط كوزير للخارجية في إدارة ترامب. والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ان يتوجه بعد السعودية إلى الإمارات العربية المتحدة.
وفي إسرائيل، قال روبيو “لا يمكن لحماس أن تبقى قوة عسكرية أو حكومية … يجب القضاء عليها”.
من جانبه، أكد نتنياهو الاحد أن إسرائيل وحليفتها لديهما “استراتيجية مشتركة” حول غزة، متوعدا بفتح “أبواب الجحيم” على حماس إذا لم تُطلق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال “ناقشنا رؤية ترامب الجريئة لمستقبل غزة وسنعمل على ضمان أن تصير حقيقة”.
والإثنين، أكد نتانياهو أنّه يتعيّن عليه أن يلتزم خطة ترامب لما بعد الحرب في قطاع غزة. وقال في بيان “كما تعهدت أنه بعد الحرب في غزة لن تكون هناك لا حماس ولا السلطة الفلسطينية”.
وتقول الولايات المتحدة، أبرز جهة تزوّد إسرائيل بالأسلحة، إنها منفتحة على مقترحات بديلة من الحكومات العربية، لكن روبيو قال إنه في الوقت الحالي، “الخطة الوحيدة هي خطة ترامب”.
لكنّ المملكة العربية السعودية ودولا عربية أخرى رفضتها وأكدت على موقفها المؤيد لقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وصرّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأحد بأن الدولة الفلسطينية ستكون “الضمانة الوحيدة” لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
وتسعى واشنطن إلى التوصل إلى اتفاق تاريخي تعترف بموجبه المملكة العربية السعودية بإسرائيل. غير أنّ الرياض تطالب بإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يعارضه الإسرائيليون منذ فترة طويلة.
وبذلت الولايات المتحدة قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، جهودا دبلوماسية كثيفة لتوقيع اتفاق تطبيع علاقات بين السعودية وإسرائيل، لكن خطة ترامب بشأن غزة عقّدت الأمر.
وبدأ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/يناير بعد حرب مدمّرة استمرّت 15 شهرا في قطاع غزة، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على أراضي الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ومن بين 251 شخصا اسروا خلال الهجوم، ما زال 70 محتجزين في غزة، 35 منهم لقوا حفتهم، وفق الجيش الإسرائيلي.
ومنذ بدء المرحلة الأولى من الهدنة التي يفترض أن تنتهي في الأول من آذار/مارس، تم إطلاق سراح 19 اسيرا إسرائيليا و1134 معتقلا فلسطينيا.
ووفق الاتفاق، يتمّ خلال هذه المرحلة إطلاق سراح 33 اسيرا محتجزين في غزة في مقابل 1900 معتقل فلسطيني في سجون إسرائيل.
وتتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار الهش الذي زاد الخشية من انهياره اقتراح ترامب بالسيطرة على قطاع غزة المدمّر ونقل سكانه الذين يتجاوز عددهم مليونين الى مصر والأردن.
ويفترض أن تشهد المرحلة الثانية من الاتفاق إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء وإنهاء الحرب. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فستُخصص لإعادة إعمار غزة، وهو مشروع ضخم تقدر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 53 مليار دولا.
ولا تزال حماس وإسرائيل ملتزمتين المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار التي تستمر 42 يوما، بعد أن بلغت الأسبوع الماضي حافة الانهيار، قبل تدخل الوسطاء المصريين والقطريين.
وقال مكتب نتانياهو إن مجلس الوزراء الأمني سيعقد اجتماعا الاثنين لمناقشة المرحلة الثانية. وقال إن رئيس الوزراء سيرسل أيضا مفاوضين إلى القاهرة الاثنين لمناقشة مواصلة تنفيذ المرحلة الأولى.
وقال المكتب إن الفريق “سيتلقى توجيهات إضافية للمفاوضات بشأن المرحلة الثانية” بعد الاجتماع.
من جانبه، قال قيادي في حماس ومصدر آخر مطلع على المحادثات إن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الهدنة التي تهدف إلى إنهاء الحرب، يمكن أن تبدأ هذا الأسبوع في الدوحة.
وقال ناصر الأسطل، وهو مدرِّس متقاعد في خان يونس بجنوب غزة، “المعارك قد تستأنف في أي لحظة. نأمل أن يستمر الهدوء وأن تضغط مصر على إسرائيل لمنعها من استئناف الحرب وتشريد الناس”.
في إسرائيل، أحيَت عائلات الرهائن الذين ما زالوا في غزة الإثنين، ذكرى مرور 500 يوم على اختطافهم، وحمل افرادها صور أقاربهم ولافتات كتب عليها “العودة إلى الوطن الآن” في حين سار عشرات منهم نحو مقر إقامة نتانياهو في القدس.
وقالت إيناف تزانغاوكر التي اسر ابنها ماتان ولا يزال من بين المحتجزين في غزة، “عيناي تحترقان من الدموع التي ذرفتها خلال الأيام الـ500 الماضية”.
وناشدت أعضاء البرلمان “أن يفعلوا كل ما في وسعهم لإعادة ابني ماتان والرهائن الآخرين إلى ديارهم أحياء”.
ومن المقرر تنظيم تجمعات اخرى للمناسبة في القدس وتل ابيب خلال اليوم.
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبر منصة اكس الى “الافراج عن جميع الرهائن”.
– “إنهاء المهمة” –
وأشعلت حرب غزة جبهات أخرى في الشرق الأوسط، لا سيما في لبنان حيث فتح حزب الله “حرب إسناد” لقطاع غزة، وردّت إسرائيل بهجوم مدمّر أضعف الحزب لا سيما بعد اغتيال أبرز قادته قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر وتوغل إسرائيل الى مناطق حدودية. ونصّ الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية خلال 60 يوما ولكن تم تمديد المهلة حتى 18 شباط/فبراير.
وقال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الأحد “يجب أن تنسحب إسرائيل في 18 شباط/فبراير بالكامل، ليس لها ذريعة، لا نقاط خمس ولا تفاصيل أخرى تحت أي ذريعة وتحت أي عنوان، هذا هو الاتفاق”.
وتخوّف الرئيس اللبناني جوزاف عون الإثنين “من عدم تحقيق الانسحاب (الإسرائيلي) الكامل غدا”، مضيفا “سيكون الردّ اللبناني من خلال موقف وطنيّ موحّد وجامع”.
في المقابل، اعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته ستبقى في خمس “نقاط استراتيجية” في لبنان بعد انتهاء مهلة انسحاب قواته من الجنوب اللبناني الثلاثاء.
في الأثناء، أفاد مصدر أمني لبناني بأنّ غارة إسرائيلية على مدينة صيدا جنوب البلاد أسفرت عن مقتل محمد شاهين، قائد وحدة عسكرية من حماس. وأعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الغارة، متهما شاهين بالتخطيط لهجمات على الدولة العبرية من لبنان.
وليل الإثنين، أفاد مسؤول أمني لبناني وكالة فرانس برس بأنّ القوات الإسرائيلية بدأت بالانسحاب من قرى حدودية مع تقدّم الجيش اللبناني للانتشار فيها.
وقال المسؤول طالبا عدم كشف هويته إن “القوات الإسرائيلية بدأت بالانسحاب من قرى حدودية بما في ذلك ميس الجبل وبليدا مع تقدّم الجيش اللبناني”.