الكاتبة الاسرائيلية عميره هس: وسائل اعلام اسرائيلية تتواطأ مع مشاريع الاستيطان لضم الضفة

الأحد 07 فبراير 2021 03:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
الكاتبة الاسرائيلية عميره هس: وسائل اعلام اسرائيلية تتواطأ مع مشاريع الاستيطان لضم الضفة



ترجمة اطلس

كتبت الصحفية الاسرائيلية عميرة هس:

ما هي الصحف في نيويورك التي ابلغت بأنه في 26 أيار 1838 بدأ حوالي 7 آلاف جندي امريكي في طرد آلاف الاشخاص من أبناء قبيلة الشيروكي من وطنهم، بناء على قانون التهجير الذي وقع عليه الرئيس اندرو جاكسون؟ ما الذي كتبته الصحف في جوهانسبورغ في 10 شباط 1955، بعد يوم على قيام حوالي 2000 من رجال الشرطة المسلحين بطرد عائلات السود من بيوتها في حي صوفيا تاون. كم منهم اكتفوا بذكر أن الطرد تم طبقا لقانون "مناطق المجموعات"؟.

هذا الفحص نتركه للآخرين، ونسأل اسئلة اخرى: كم وأي من وسائل الاعلام الاسرائيلية بالعبرية ابلغت عن أن الادارة المدنية طلبت من سكان تجمع خربة حمصة في شمال غور الاردن أن يغادروا "بارادتهم" المنطقة التي يعيشون فيها منذ عشرات السنين، وبعد ذلك قامت بتدميرها ومصادرة مبانيها؟ الاجابة بسيطة: "محادثة محلية" و"هآرتس". وسائل الاعلام الاسرائيلية، الالكترونية والمكتوبة، تمتاز بالابلاغ عن الفضائح الفلسطينية الداخلية، وعن مسلحين فلسطينيين قبل اعتقالهم وبعد اعتقالهم، وعن ثغرات في جدار الفصل، تسمح للاشخاص بالبحث عن مصدر الرزق. ولكن هنا صمتت، مثلما تصمت بشكل عام ازاء منع البناء والتطوير الوحشي الذي تفرضه اسرائيل على الفلسطينيين، وازاء اعمال التدمير والمصادرة المستمرة التي تنفذها ضدهم.

خلافا للماضي، اليوم هناك واتس أب وانترنت وطائرات مسيرة تساعد في أن تبلغ في الوقت الحقيقي عما يحدث. المراسلون في اسرائيل ليسوا في خطر الملاحقة والاعتقال مثلما هي الحال في روسيا والصين، أو مثلما كانت الحال في جنوب افريقيا العنصرية. ولكن وسائل الاعلام العبرية تصمت لأنها استسلمت بشكل متعمد للكذبة الرسمية، بأن الامر يتعلق بنشاط شرعي لانفاذ القانون. بصمتها هي تُطبع الترانسفير البطيء الذي يقوم به الجيش الاسرائيلي والادارة المدنية وبلدية القدس ووزارة الداخلية ضد الفلسطينيين.

وسائل الاعلام عندنا تخدم الخطة الاصلية الاساسية لحكومات اسرائيل – زج الفلسطينيين الى داخل بنتوستانات من اجل أن يتم ضم معظم الضفة الغربية لاسرائيل، ومن أجل أن يتمتع اليهود بعقارات رخيصة الثمن. الصمت يتراوح بين الجبن والتعاون بوعي مع الجرائم ومع الربح المادي الذي يترتب عليها. مناورة الذخيرة التي اجراها الجيش الاسرائيلي في الاسبوع الماضي في اراضي قرى جنبا ومركاز وبير العيد والتوامين، هي جزء من الخطة الاصلية لـ "فضاء مفتوح"، كما قال مجلس مستوطنات جبل الخليل، وهو يقصد "فضاء نقي من العرب". ايضا هنا المراسلون الاسرائيليون قاموا بملء افواههم بالمياه.

صحيح أنه توجد فروق كبيرة بين التهجير عندنا وبين التهجيرات الاخرى التي ذكرت. الجرائم في الولايات المتحدة نفذت قبل أن تنص المواثيق الدولية على ما هو مفهوم بحد ذاته، وأعلنت بأن التهجير والكولونيالية والابرتهايد هي جرائم. المجلس الوطني الافريقي وحركة تضامن دولية لم تسمح بانزال جرائم بريتوريا عن الاجندة. خلافا لجاكسون ورؤساء الحكومات الافارقة – دانييل ملان وهانس سترايدوم وهندريك فورفارد – حكومات اسرائيل لبنيامين نتنياهو وأسلافه، بمن فيهم شمعون بيرس واسحق رابين، تنفذ منذ العام 1967 التهجير قطرة قطرة (خلافا للتهجير الجماعي في الاعوام – 1948 – 1952). ايضا "هآرتس"، وحتى "محادثة محلية" لا تبلغ عن كل تدمير لبيت فلسطيني.

التهجير الاسرائيلي اليوم غير دموي مثلما كانت حملات تهجير الشعوب الاصلية في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، أو علنية مثلما كانت الحال في جوهانسبرغ، ولكنه فعال. عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في تجمعات غور الاردن وفي مسافر يطا صغير، مقارنة بوتيرة التكاثر الطبيعي العام والامكانيات الزراعية الكامنة الموجودة في هذه المناطق. قلائل الذين يمكنهم العيش دائما في ظل اوامر الهدم واحتمالية ملاحقة اسرائيل لكل حظيرة اغنام تقام، أو صنبور مياه يتم تركيبه أو الواح شمسية لامتصاص اشعة الشمس.

نعود ونصرخ: الاعلان عن مناطق تدريب كبيرة، مصادرة، بناء مستوطنات على اراضي فلسطينيين كانوا في الخارج في 1967 ومنع البناء واعمال الهدم والمصادرة المتكررة والعنف المتزايد للبؤر الاستيطانية اليهودية، التي هي كما يبدو غير شرعية وتحصل على التمويل الرسمي وشبه الرسمي من اجل أن تبقى وتتوسع وتهجر، كل ذلك هو الذي مكن ويمكن من تنفيذ الترانسفير الزاحف. ويمكن من ذلك ايضا الجمهور الاسرائيلي الذي يتراوح بين عدم الاهتمام وبين قبولها بانفعال وبحماس. لا توجد أي وسيلة تخلق معزولة. كل وسيلة مرتبطة بأخرى، ومن لهم علاقة هم متعاونون بشكل علني وسري في جريمة التهجير القسري المستمرة.

نعود ونذكر: التهجيرات الكبيرة بواسطة شاحنات وحراب البنادق وما شابه، نفذت في 1985 وفي منتصف التسعينيات وفي 1999. إن مناعة وقدرة الصمود لتجمعات بدوية وقرى فلسطينية، الى جانب تدخل منظمات حقوق الانسان ومحامين ونشطاء يسار اسرائيليين افسدوا مخطط تهجيرهم تماما. سكان القرى يعيشون على اراضيهم منذ اجيال، وإن كانت عائلات سوسيا غير مسموح لها بالعودة الى القرية الاصلية. قضاة المحكمة العليا، أعود وأكرر، يجب عليهم أن يتخذوا قرار في هذه السنة وأن يحسموا بين مطالبة اللوبي العقاري اليهودي بأن يتم زج آلاف الفلسطينيين من مسافر يطا الى داخل يطا وبين العدالة. أي أنه من حق الفلسطينيين البقاء في اراضيهم وتطوير قراهم والربط بالبنى التحتية.

إن تكرار الكتابة هو نداء للدول التي ما زالت تلتزم بالقانون الدولي: لا تنتظروا المحكمة في لاهاي، استخدموا قوتكم لمنع زج الفلسطينيين الى البنتوستانات، حتى لو قام قضاة اسرائيليون بالمصادقة على ذلك.