يسرائيل هيوم: لماذا يطالب الطيبي المخابرات الإسرائيلية بحل مشاكل الوسط العربي؟

الجمعة 04 ديسمبر 2020 09:55 م / بتوقيت القدس +2GMT
يسرائيل هيوم:  لماذا يطالب الطيبي المخابرات الإسرائيلية بحل مشاكل الوسط العربي؟



القدس المحتلة /سما/

إسرائيل اليوم - بقلم: عكيفا بيغمن  "سلسلة أحداث عدائية خطيرة في الجليل دفعت النائب أحمد الطيبي للتغريد هذا الأسبوع: “دولة يتباهى رئيس وزرائها بأنه وصل إلى عالم نووي، في وسط طهران، لا تنجح في اعتقال زوج فار قتل زوجته وفاء عباهرة في بلدة عرابة داخل إسرائيل؟” النبرة دعابية ولاذعة، ولكن الطيبي جدي جداً. عملياً، يكرر زعماء الجمهور العربي هذا الادعاء المرة تلو الأخرى: الحل للجريمة في المجتمع العربي ليس لدى رجال الشرطة أو القيادة العربية، بل ينبغي أن ينتقل إلى محافل الاستخبارات والمخابرات.

هكذا كتب النائب السابق طلب الصانع، في مقال نشره في “معاريف”: “من وصل إلى المبحوح في دبي، يمكنه أن يصل إلى القاتل في الناصرة أو في رهط”. وكيف سيصل؟ من خلال الشاباك (المخابرات): “عندما يكون الضحية يهودياً، فإن الشرطة… تجند كل الوسائل، بما في ذلك الشاباك”. لماذا الأزمة خطيرة بهذا القدر؟ لماذا تجد الشرطة صعوبة في أن تفعل في الوسط العربي ما تنجح في فعله في أماكن أخرى؟ من أين ينبع هذا النداء اليائس لتفعيل أجهزة الاستخبارات لغرض فرض القانون الجنائي؟

يعرف زعماء الجمهور العربي الحقيقة: مستوى تعاون المواطنين العرب مع الشرطة متدن جداً. في استطلاع أجرته منظمة مبادرات صندوق إبراهيم في العام 2019، سُئل المواطنون العرب عن مدى تعاونهم مع الشرطة. النتائج مذهلة. ففي الرد على سؤال “ما هو الاحتمال في أن تشكو للشرطة كشاهد؟” – أي بأي قدر يكون المواطنون مستعدين لأن يأتوا ليشهدوا على ارتكاب جرائم – فقط 36.5 في المئة أجابوا أنهم سيكونون مستعدين للمجيء إلى الشرطة إذا ما كانوا شهوداً على إطلاق نار، و 36.2 في المئة مستعدون للشهادة على جريمة عنف. وبالنسبة لشكاوى الضحايا أنفسهم، فإن المعطيات متدنية جداً؛ 33 في المئة من السكان العرب أجابوا بأنهم لن يشتكوا في الشرطة، حتى لو كانوا هم أو أي من أبناء عائلتهم سيتضررون باعتداء عنيف، أو تخريب، أو طعن أو إطلاق نار. 40 في المئة لن يشتكوا إذا وقعوا ضحية لمخالفات الممتلكات (سرقة، كسر وخلع، إفساد)، و 48 في المئة لن يتقدموا بشكوى حتى لو وقعوا ضحية لاغتصاب أو لتحرش جنسي. هذه معطيات دراماتيكية معناها واحد: لأسباب مختلفة، لا يتعاون الجمهور العربي مع الشرطة كي يحمي أمنه. وبغياب الشكاوى، والشهود والأدلة، كيف يمكن للشرطة أن تعمل؟

إن الاندفاع نحو الحل السحري للمخابرات واضح. فبصفة الشاباك – المخابرات جسماً أمنياً، فإنها لا يخضعان لقواعد القانون الجنائي التي تثقل على عمل الشرطة. ولا حاجة لعملائها للعمل وفقاً لقواعد الأدلة، وتحت تصرفهم أدوات إدارية، وهم يتبعون معايير سلوك “تسهيلية” أكثر من حيث حقوق المحقق معهم والمعتقلين. ولكن هنا بالضبط يدفن الكلب: المواطنون في الدولة الديمقراطية يتمتعون بحقوق تقيد صلاحيات الشرطة وسلطات القانون. هذا هو الحجر الأساس لليبرالية الغربية.

إن ما يطلبه الطيبي ورفاقه، في واقع الأمر، هو اليأس من المشروع الحديث المتعلق بالمجتمع العربي. بدلًا من أن يوجهوا الشكاوى إلى أنفسهم، فيشجعوا التعاون مع سلطات القانون، ويعزلوا منظمات الجريمة، ويحدثوا تغييراً ثقافياً بالنسبة للشرطة، ويخلقوا طرقاً للجسر فوق الفجوة الثقافية ويربطوا الوسط العربي بالعالم الحديث، فإنهم يفضلون السير إلى الوراء. ابعثوا لنا بالمخابرات، يقولون، فعّلوا الموساد. اخرجونا من اللعبة. الديمقراطية الغربية ليست من أجلنا.

الجمهور العربي يستحق أكثر من هذا.