فلسطين: سياسة كي الوعي الوطني..د. أسامه الفرا

الإثنين 23 نوفمبر 2020 09:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 فلسطين: سياسة كي الوعي الوطني..د. أسامه الفرا



إلى متى يمكن لنا أن نواصل الخداع ونكيل المديح لانجازات يدحضها الواقع؟، ومتى نتوقف عن تحميل الغير إخفاقاتنا؟، ألا يجدر بنا أن نواجه الحقيقة بشجاعة؟، الحقيقة التي يعرفها الجميع ونحاول أن نخفي سوءتها؟، ألم يقرع القريب والبعيد جدران الخزان منذ سنوات بأن الانقسام يودي بالمشروع الوطني إلى الهاوية دون أن نجد آذاناً صاغية؟، ألم يطل علينا أبطال الانقسام بالبشريات بين فترة وأخرى ولم نجن منها سوى الخيبات المتتالية؟، ألم تسخر الفصائل كل طاقاتها لشيطنة الآخر حتى بتنا نشعر بأن حرية الوطن تأتي بعد أن ينجح أي منا في القضاء على الآخر؟، هل حقاً العاجزون عن تحقيق وحدة شعب يرزح تحت الإحتلال بإستطاعتهم تحرير وطن؟.
أيها القادة كل بإسمه ولقبه، سأتلو على مسامعكم شيئاً من إنجازاتكم الجليلة للوطن والمواطن، وأعتذر منكم كون المقام لا يتسع لسردها جميعاً، لقد تمكنتم بإدارتكم الحكيمة أن تحولوا شعبكم من شعب ثائر يتدفق كموج البحر بصدوره العارية في مواجهة الإحتلال إلى شعب جائع يلهث خلف الكوبونة ولكم أن تطلعوا على حجم الفقر ونسبة البطالة إن سمح وقتكم بذلك، كانت ثورة الشباب تدفعهم لمراقبة العدو علهم يجدوا نقطة ضعف ينفذون منها إليه قبل أن تحولوا الشباب إلى فرق من المناديب والزنانات ترصد لكم كل شاردة وواردة حفاظاً على مكتسباتكم، لقد أبدعتم في تدجين شعبكم من خلال سيف الراتب المسلط على رقابهم وخلق كل منكم كتيبة له من المطبلين والسحيجة، كنا نتسابق في الماضي على إحتضان الشهيد ومداواة الجريح ومؤازرة الأسير واليوم نفر من ذويهم خجلاً من قطع راتب أو وقف مخصص لأحد منهم، لقد نجحتم في كي الوعي الوطني وذهبتم بعيداً في تفضيل الفصيل على الوطن لأنكم تجدون في الفصيل حصناً لكم يداري سوءتكم.
سيبقى أيها السادة مطار غزة الدولي شاهداً لكم لا عليكم بعد التوسعة الكبيرة التي أدخلتموها عليه، وألسنة التجار تبتهل بالدعاء لكم بعد تدشينكم منطقة التجارة الحرة وأصحاب المصانع يرجعون الفضل لأهله في العودة إلى جدول الثمان الساعات للكهرباء، والقطاع الخاص يثني على التسهيلات التي جعلت جيوبهم خاوية، أما التطور الذي لحق بالقطاع الصحي فلا يمكن لنا تتبعه بعد أن وصلنا بالمشافي إلى كل قرية وريف ولم يعد العلاج بالخارج هاجساً للمرضى يموتون في غيابه ألف مرة ومرة، والتعليم لدينا نفاخر به بين الأمم بعد أن حشرتم في الفصل الدراسي من الطلاب ما لا قبل للمدرس على معرفة تلاميذه، وبعد أن بات لدينا في كل زقاق جامعة وبفضل سياستكم الرشيدة القائمة على التوازن بين التعليم الجامعي وإحتياجات السوق لم يعد من خريجيها من هو عاطل عن العمل.
لا يمكن لنا أيها السادة إنكار فضلكم في إعادة تعريف المفاهيم ونلتمس منكم العذر بفهمنا الخاطيء لها بفعل قصر النظر الذي نعاني منه، فلم نكن نعرف أن النصر أوسع بكثير مما نعرفه، كأن تدمر المساكن فوق رؤوس قاطنيها ويتم إعادة الوطن إلى عقود مضت ونسجل ذلك في مذكراتنا بأنه نصر عظيم، ولم نكن نعرف أن التنسيق الأمني هو الآخر من فصول الإنتصار وأن العودة بالعلاقة مع الإحتلال تهدف لتوسيع دائرة الإشتباك السياسي معه، كم كنا بلهاء حين إعتقدنا أن القانون يعلو ولا يعلى عليه حتى إكتشفنا أنه مطية لكم وأن حرية رأي المنافق هي التي يكفلها وما سواها تهلكة لأن فيها مساس بالقامات العليا، حقاً لكم علينا أن ننبش قبر الطيب صالح ونأتي به كي يعتذر لكم عن روايته “موسم الهجرة إلى الشمال” فمن سمح له أن يقلب الحقائق ولماذا لم ينتظر حتى يرى شبابنا يعودون من أصقاع الأرض إلى الوطن في “موسم الهجرة إلى الجنوب”.
كاتب فلسطيني