كشف مركز حقوق الانسان " بتسيلم" ، مساء اليوم، النقاب عن ان إسرائيل وخلال سعيها ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية دمرت بين الأعوام 2015 - 2020 نحو١٤ الف دونم على حدود قطاع غزة المحاصر وتضرّر جرّاء ذلك 1,402 مزارعاً .
ولفت المركز في تقرير له، الى انه :"بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول 2000 شرعت إسرائيل في تقليص الوجود الفلسطينيّ داخل مناطق من قطاع غزّة متاخمة للشريط الحدوديّ الذي يفصل بين القطاع وإسرائيل بضمنها مساحات شاسعة من الأراضي الزراعيّة. وضمن ذلك منعت إسرائيل الفلسطينيّين من فلاحة هذه الأراضي وفرضت قيوداً واسعة تمنع الدّخول إليها. وعلى مرّ السنين كان الجيش يجري تعديلات على هذه القيود تبعاً للمنطقة فحيناً كان الحظر يشمل أقرب 500 متر من الشريط الحدوديّ وأحياناً كان عُمق المساحة المحظورة يصل إلى ألف متر وحتى 1,500 متر منه. إلّا أنّ الجيش طوال هذه السنين اتّبع في هذا الشأن معايير مبهمة وتعمّد عدم تبليغ السكّان معلومات دقيقة.
وقالت المنظمة الحقوقية، ان إنفاذ الحظر كان يتمّ بطرق مختلفة من ضمنها إطلاق النّيران - الفتّاكة أحياناً - نحو المزارعين أثناء انهماكهم في فلاحة حقولهم ورشّ المبيدات فوق الأراضي المتاخمة للحدود. واكد "بتسيلم" ان إسرائيل دأبت بين الأعوام 2015 - 2020 على إتلاف المحاصيل الزراعيّة في تلك الأراضي وخاصّة بواسطة رشّ المبيدات. وعن ذلك تفيد معطيات وزارة الزراعة الفلسطينيّة بأنّ إسرائيل دمّرت خلال الأعوام 2015 – 2020 نحو 14,000 دونم من الحقول الزّراعيّة وتضرّر جرّاء ذلك 1,402 مزارعاً. علاوة على ذلك تقوم إسرائيل بشكل دائم داخل قطاع غزّة بأعمال تجريف لتمهيد الأرض حتى مسافة 100 متر عن الشريط الحدوديّ.
ووفقاً للتقرير :"في العام 2015 عقب العملية العسكرية "الجُرف الصّامد" شقّت "حماس" شارعا يوازي الشريط الحدوديّ ويبعد عنه نحو 300 متر ثمّ نصبت نقاطاً ثابتة على امتداد الشارع ومنذ ذلك الحين يُسمح للمزارعين بالوصول إلى أراضيهم التي تبعد عن الشريط حتى مئة متر.
اتلاف مزروعات ...
ووثق تقرير "بتسيلم" قيام جرافات عسكرية إسرائيلية بإتلاف مزروعات في الأراضي التابعة للمزارع يوسف شاهين في عبسان الجديدة وسط قطاع غزة. وقال:" لقد قامت إسرائيل بعمليّات فاق حجم التدمير فيها ما تقوم به عادة من تدمير "روتينيّ". في ذلك الصباح دخلت أربع جرّافات وحفّار عبر بوّابة في الشريط الحدوديّ تقع شرقيّ بلدة خُزاعة ودمّرت أراضٍ زراعيّة تبعد نحو 150 متراً غربيّ الشريط. من الجانب الإسرائيليّ للشريط كانت جيبات عسكريّة ودبابات تراقب سير العمل. وحسب وزارة الزراعة الفلسطينية ففي ذلك الصّباح أتلف الجيش بالمُجمل 25 دونمًا من حقول البقدونس وعين الجرادة والكوسا والبامية والباذنجان ،كما ألحق أضراراً بشبكة الأنابيب الممدودة لريّ 20 دونمًا أخرى من الأراضي الزراعية. وبذلك قضى الجيش على مصدر رزق 13 أسرة تعدّ معاً نحو 90 شخصاً نصفهم من الأطفال.
تخريب يخالف القانون الدولي ....
وأضاف "بتسيلم" : "هذا التخريب الذي تقوم به إسرائيل يخالف أحكام القانون الدوليّ الذي يحظر التعرّض لممتلكات خاصّة سوى في ظروف استثنائيّة جدّاً - خلافاً لظروف هذه الحالة. علاوة على ذلك تكشف هذه الممارسات بطلان ادّعاء إسرائيل أنّ قطاع غزّة "كيان سياسيّ مُعادٍ" ومنفرد، وهو ادّعاء تستند إليه إسرائيل في تنصّلها من أيّة مسؤوليّة عن حياة ورفاه سكّان القطاع وفي تجاهلها للواقع المروّع الذي يسود هناك نتيجة لسياساتها. غير أنّ التخريب الذي نستعرضه في هذه الحالة ليس استثنائيّاً أو فريداً وإنّما هو مثال آخر يؤكّد أنّ إسرائيل لا تزال هي المسيطرة في القطاع: إنّها تسمح لنفسها أن تدخل القطاع متى شاءت وأن تهدم ما ترتئي هدمه وأن تقرّر من مِن سكّان القطاع يمكنه أن يفلح أيّة قطعة أرض.
وشدد "بتسيلم" بالقول على انه لا يمكن لإسرائيل مواصلة الاختباء وراء هذه الادّعاءات الكاذبة طالما أنّها تُمعن في هذه السّياسة تجاه قطاع غزّة - بما في ذلك سياسة الحصار الذي تفرضه منذ أكثر من 14 عاماً.
افادات مزارعين ....
ونشر "بتسيلم" إفادات أدلى بها عدد من المزارعين الذين دمّرت إسرائيل محاصيلهم وقضت على مصدر رزقهم الوحيد. ففي إفادة المُزارع إسماعيل أبو طعيمة (39 عاماً) من سكّان عبسان الجديدة، وهو أب لسبعة أبناء، أدلى بها أمام الباحث الميداني خالد العزايزة في 13.10.20 قال : قبل ستّ سنوات استأجرت قطعة أرض مساحتها عشرة دونمات شرقيّ عبسان الجديدة مع أخي فؤاد وهو أب لخمسة أبناء وأخي حسام وله أربعة أبناء. العمل في فلاحة هذه الأرض هو مصدر رزقنا الوحيد. تقع الأرض على بُعد مئة متر من الشريط الحدوديّ قرب بوّابة الفراحين.
ويضيف : في ذات صباح ونحو السّاعة 8:45 شاهدت أربع جرّافات إسرائيليّة وتراكتور كبير تتقدّم من الجنوب داخل الأراضي الفلسطينيّة من ناحية خُزاعة وكانت تُجري أعمال تجريف على امتداد الحدود. خلف الحدود في الجانب الإسرائيليّ كانت تقف جيبات عسكريّة وترقب عمل الآليّات. لم يطلقوا النيران. وصلت الجرّافات إلى أرضي وأخذت تعمل وتخرّب داخل حقل البقدونس وكذلك أتلفت شبكة أنابيب الريّ. دمّروا ما مجموعه 4 دونمات وشبكة أنابيب ريّ تمتدّ على 6 دونمات وهذا كلّه ارتكبوه خلال نصف ساعة تقريباً.
من جانبه ، افاد يوسف شاهين (44 عاماً) من سكّان عبسان الجديدة / الصّغيرة، وهو متزوج وأب لخمسة أبناء، أمام باحث "بتسيلم" العزايزة :"أنا أعمل مزارعاً منذ أكثر من عشرين سنة. لديّ قطعة أرض مساحتها عشرين دونمًا شرقيّ عبسان الجديدة على بُعد نحو مئة متر من الشريط الحدوديّ. في بداية شهر آب غرست أشتال الباذنجان في الأرض كلّها، في يوم الجمعة الموافق 13.10.20 باشرت العمل في أرضي عندي السّاعة 7:00 صباحاً وكان معي قرابة 12 عاملاً يساعدونني في قطاف الباذنجان. كانت هذه القطفة الثانية لهذا الموسم.وقرب السّاعة 09:45 شاهدت ثلاث جرافات في جهة الجنوب تتحرّك داخل الأراضي الفلسطينيّة من ناحية بلدة خُزاعة، وكانت تجرف في طريقها الحقول على امتداد الحدود وكانت تُرافقها جيبات عسكريّة من الجهة الأخرى داخل الحدود الإسرائيليّة، إضافة إلى دبّابتين تقفان فوق سواتر ترابيّة. اعتقدت أنّها عمليّة تجريف اعتياديّة كالتي يُجرونها على امتداد الحدود وحتى بُعد مئة متر منها ولم يتبادر إلى ذهني أنّ الجرّافات سوف تصل إلينا.