فيما يستمر فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستحدد الرئيس المقبل للولايات المتحدة، يترقب الفلسطينيون باهتمام بالغ، النتائج النهائية في ظل التأثيرات المباشرة لها على القضية الفلسطينية ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل ما أعلنه المرشحان دونالد ترامب وجو بايدن من مواقف سياسية تخص هذه المسألة.
يطرح هذا التقرير عدة تساؤلات، حول تأثير الانتخابات الأمريكية على القضية الفلسطينية، وما انعكاس نتائجها على استئناف المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي. وهل ستحدث الإدارة الأمريكية الجديدة في حال فوز بايدن اختراق حقيقي لصالح القضية الفلسطينية من وقف للاستيطان وتبني حل الدولتين.
قال رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح منير الجاغوب في حديث لـ"وكالة سما الاخبارية" إن القيادة الفلسطينية ودول العالم كافة تتابع مجريات الانتخابات الأمريكية باهتمام كبير نظرا لمكانتها كدولة عظمى وتأثيرها على القضية الفلسطينية، لافتا الى أن لكل دولة حسابات ومصالح تربطها بمصير الإدارة الأمريكية المقبلة.
وفي رده على سؤال حول عودة السلطة للمفاوضات في حال فوز بايدن، قال الجاغوب إن السلطة أعلنت عن مؤتمر دولي للسلام حسب القوانين والأنظمة الدولية عبر رسائل وجهها الرئيس محمود عباس للامين العام للأمم المتحدة غوتيريش منوها إلى أن جهود تبذل في هذا السياق.
وأوضح أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تقدم شئ لصالح القضية الفلسطينية، ولا اعتقد ان إدارة بايدن قادرة على أحداث اختراق يصب في صالح القضية الفلسطينية.
وأشار الجاغوب في حديث لـ "سما الاخبارية" الى أن إدارة بايدن ممكن أن تعمل على إرجاع المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية وإعادة فتح مكتب التمثيل الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير في واشنطن، معتبرا أن خطاب بايدن حول حل الدولتين مطمئن بسبب عدم توافقه مع خطة ترامب للسلام المعروفة إعلاميا باسم صفقة القرن.
في سياق ذى صلة، تواصلت وكالة سما الإخبارية مع احد مستشاري الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي نتحفظ على ذكر اسمه حيث رفض التعليق على مجريات الانتخابات الأمريكية، قائلا في تصريح حصري إن القيادة الفلسطينية تتروى في الحديث عن موقفها من نتائج الانتخابات الفلسطينية.
القيادي والمفكر والمؤرخ الفلسطيني، ورئيس تيار الاستقلال الفلسطيني، اللواء الدكتور محمد أبو سمره قال إن الشارع الفلسطيني يتابع، كما الشارع العربي والإسلامي، والعالم أجمع الإنتخابات الأميركية بمنتهى الإهتمام، نظراً لتأثير النتيجة على الوضع الفلسطيني، وعلى ملف الصراع العربي/ الإسرائيلي، وملف العلاقات الفلسطينية الأميركية على المستوى الرسمي.
ويضيف المؤرخ الفلسطيني في حديث لـ"وكالة سما الاخبارية، أن هناك الكثير من الملفات الساخنة على الصعيد الفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي تنتظر حسمها وتحديد الخط السياسي تجاهها وتجاه الكثير من الملفات والقضايا الهامة من خلال الرئيس الأميركي الفائز، وعلى ضوء نتيجة الإنتخابات ستتحدد مواقف القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية، والمواقف العربية والإقليمية، وفي مقدمتها صفقة القرن، وضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت في الضفة الغربية المحتلة، وعمليات التطبيع العربية ــ الصهيونية، ومسار العلاقات الرسمية بين السلطة الوطنية الفلسطينية ، وسلطات الاحتلال، واحتمالات إحياء مسار المفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية، وربما على مسارات عربية وإقليمية أخرى.
وأوضح الكاتب الفلسطيني، ان عودة السلطة الفلسطينية إلى المفاوضات رهينة بجملة من الأمور، فيما لو فاز بايدن بانتخابات الرئاسة للولايات المتحدة الأميركية، وقد طرح الرئيس محمود عباس، رؤية شاملة لعملية السلام والتسوية العادلة، وذلك عبر دعوة الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لعرض رؤية الرئيس عباس للوصول إلى حلٍ عادل للقضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية، وتنطلق من قاعدة المبادرة العربية للسلام ، والتي تدعو إلى اقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967وعاصمتها القدس.
ويكمل ابو سمرة حديثه لـ"وكالة سما الاخبارية، لا أعتقد أنَّ خيار العودة إلى مفاوضات ثنائية مع الدولة العبرية برعاية أميركية أمراً بات مطروحاً على الطاولة، والمطروح بشكلٍ واضح، هو عقد مؤتمر دولي يقود إلى إطلاق مفاوضات برعاية متعددة من الأمم المتحدة والرباعية الدولية والولايات المتحدة وروسيا والصين والإتحاد الأوروبي، فقد أثبتت بالتجربة العملية على مدى سنوات عديدة أنَّ المفاوضات الثنائية هي اضاعة للوقت والجهد.
وتابع: بينما تستثمر سلطات الاحتلال الوقت لفرض الكثير من المستجدات والوقائع على الأرض، وفرض أمراً واقعاً يكون من الصعب الإستمرار في ظلاله بعملية السلام أو المفاوضات، وخصوصاً عمليات مصادرة وتهويد الأراضي االفلسطينية، وتغوُّل الإستيطان، ومحاصرة القدس المحتلة بحزام من المستوطنات، بالتزامن مع تكثيف عمليات التهويد بداخلها وفي محيطها، مع استمرار السعي المحموم لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى المبارك، وتصاعد عمليات اقتحام قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك تحت حماية جنود وأجهزة مخابرات وأمن الاحتلال الصهوني.
وأشار ابو سمرة الى أن السلطة الوطنية الفلسطينية بحاجة إلى ضمانات دولية وأميركية لوقف الإستيطان وعمليات التهويد وضم الأراضي، ووقف صفقة القرن ، وكذلك وقف كافة المخططات والخطط الصهيونية التي سابقت الزمن خلال السنوات الأربع الماضية خلال ولاية الرئيس ترامب لقطع الطريق أمام اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ولعدم منح الفلسطينيين حقوقهم المسلوبة عدم السماح بعودة اللاجئين والمبعدين والمراوغة في ملف اطلاق سراح السرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وغيرها من القضايا والملفات التي حاولت سلطات الاحتلال عبرها وبجعم ادارة ترامب لاستنزاف القدرات والطاقات الفلسطينية، ومحاصرة القيادة الفلسطينية، وتصفية الأونروا ، تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية.
وحول احتمالات عودة التنسيق الأمني والمدني بين السلطة الوطنية الفلسطينية عقب فوز بايدن، قال الكاتب الفلسطيني لـ"وكالة سما الاخبارية ربما يحدث هذا الأمر بشكلٍ تدريجي فيما لو حصلت السلطة الوطنية الفلسطينية على ضمانة إجارة الرئيس بادين المطلوبة لاستعادة كافة الحقوق الوطنية الفلسطينية والموافقة على مقترح الرئيس الفلسطينيى محمود عباس لعقد مؤتمر دولي يعرض خلاله رؤيته الشاملة لعملية السلام ، والحل العادل للقضية الفلسطينية.
وحول ما ان كان بايدن سيوقف صفقة القرن، قال المؤرخ الفلسطيني في حديثه لـ"سما الاخبارية" نعم أعتقد ذلك، من المؤكد أن بايدن سوف يوقف تنفيذ صفقة القرن، ولن يسمح بضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت والكتل الإستيطانية من أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني، وبتقديري أنَّ بايدن سيلغي كافة قرارات ترامب بقطع ووقف المساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية، وسوف يعمل على إعادتها كما كانت من قبل في عهد الرئيس أوباما.
ويضيف ابو سمرة، أنه من المتوقع ان يسمح بايدن باعادة افتتاح مكتب تمثيل منطة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وسنكون امام متغير نوعي في السياسياة الخارجية للولايات المتحدة، والإدارة الأميركية الجديدة، ولكن الأمر يستدعي عدم الإفراط بالتفاؤل، لأنَّ الموقف الجذري للولايات المتحدة والدعم النوعي للكيان الصهيوني لن يتغير.
وتابع: ولكن لابد لنا من العمل على خلق موقف عربي وإسلامي وإقليمي، مؤثر وقوي وصلب يساهم في دعم الموقف والحق الفلسطيني، وأن نعمل على وقف الهرولة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وأن نسعى سريعاً لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وانهاء الانقسام الفلسطيني اللعين، واعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني ، والظهور بمظهر الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعزيز الموقف الفلسطيني الرسمي والعملي في كافة المحافل الدولية والإقليمية من خلال تكريس وانجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية والوقوف بصلابة خلف الرئاسة والقيادة الفلسطينية التاريخية والشرعية .
بدوره، قال المحلل السياسي هاني حبيب، إن الجمهور الفلسطيني يتابع مجريات الانتخابات الفلسطينية بسبب إدراكه لما تلعبه الإدارات الأمريكية من دور رئيسي في عملية الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح حبيب لـ"وكالة سما الاخبارية ان ادارة ترامب خلال السنوات الماضية أثبتت مدى أهمية الدور الامريكي وانعكاساته السلبية على القضية الوطنية الفلسطينية، مضيفا: من هنا اعتقد أن الشعب الفلسطيني بات حريص على متابعة الانتخابات.
المحلل السياسي حبيب قال: إن ساكن البيت الابيض بصرف النظر عن عن كان جمهوري أو ديمقراطي لا يؤثر على تل ابيب فالعلاقات الاستراتيجية التي تطورت بين اسرائيل وواشنطن الى علاقات شراكة لا تقلق اسرائيل بمن سيسكن البيت الابيض، بقدر ما هي مصالح اسرائيلية امريكية تتعلق بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وأشار الى أن ادارة ترامب أكدت خلال السنوات الماضية أنه بإمكان هذه العلاقات أن تقفز لكي تصبح أكثر خطورة على الوضع الفلسطيني سواء بصفقة القرن ةتداعياتها او تشجيع الدول العربية للتطبيع مع اسرائيل.
المحلل الفلسطيني حبيب أوضح لـ"وكالة سما الاخبارية ان حملة بايدن اشارت الى أن المرشح الديمقراطي بايدن لن يعيد السفارة الامريكية من القدس المحتلة الى تل ابيب لافتة الى أنها ستعيد فتح مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن اضافة الى ارجاع المساعدات الامريكية للسلطة الفلسطينية والغاء او تجميد القرار المتعلق بوقف دعم الاونروا
وأضاف حبيب: بعد إقدام إدارة بايدن على تنفيذ تعهداته ربما ستجد السلطة الفلسطينية مناخا لاستعادة الحديث عن مفاوضات جديدة مع اسرائيل.
وتابع: السلطة الفلسطينية باتت تتحث عن مؤتمر دولي للسلام تشارك فيه الولايات المتحدة الى جانب الرباعية و الاطراف الدولية، معتبرا أن وصول بايدن للبيت الابيض ربما ينعش امال القيادة الفلسطينية في استعادة العملية التفاوضية مع اسرائيل بدور امريكي متميز عن نهج ادارة ترامب المنحاز لاسرائيل .
ويشير الى أن ادارة بايدن لن تحدث اختراقا كبيرا تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الرهان على اختراق جوهري كبير هو رهان خاسر، ويجب علينا الانتباه من السقوط في تلك الاوهام.
الدكتور مصطفى البرغوثي أمين عام حركة المبادرة الوطنية حذر من أن ذهاب ترامب في حال نجاح جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لن يعني اختفاء صفقة القرن ومخاطرها على القضية الفلسطينية.
وقال البرغوثي ان صاحب صفقة القرن هو نتنياهو والحركة الصهيونية العنصرية وإدارة ترامب كانت مجرد غلاف لها.
وأكد أن نتنياهو بدأ من الآن محاولة ادخال افكار واهداف صفقة القرن كمشروع لتصفية القضية الفلسطينية وفرض التطبيع إلى الإدارة الديمقراطية أن نجحت في الانتخابات بما في ذلك الترويج لضم المستعمرات الاستيطانية تحت عنوان تبادل الأراضي.
وذكر البرغوثي بأن بايدن أكد عزمه ابقاء السفارة الامريكية في القدس، ولم نسمع بعد موقفا أمريكيا حازما ضد الاستعمار الاستيطاني الذي يمثل ضما تدريجيا للأراضي المحتلة.
وقال البرغوثي ان المراهنة لا يجب أن تكون على من سيكون في الادارة الامريكية او على العودة الى نهج المفاوضات السابق بل على ما نستطيع نحن كفلسطينيين أن نفعله على أرض الواقع لتغيير ميزان القوى وتحقيق الوحدة الوطنية واستعادة ثقة الشعب بانتخابات حرة و ديمقراطية.