هآرتس - بقلم: نوعا لنداو "في اليهودية من المعتاد القول “لا يجب الاعتماد على المعجزة”. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان يعرفان هذا أفضل من الآخرين. منذ أربع سنوات وهما يبادران إلى القيام بالمعجزات التي أتيحت لهما بفضل من يجلس في البيت الأبيض. لذلك، قبل أسبوع على الانتخابات الحاسمة في تاريخ أمريكا، سارعا إلى القيام بعملية خاطفة، وربما تكون الأخيرة، في المستوطنات – تمهيداً لحالة تنتهي فيها ولاية ترامب. لأنه لا يجب الاعتماد على معجزة تبقيه.
يتم طبخ إلغاء الحظر الأمريكي على التعاون العلمي في المناطق منذ أكثر من سنة، وهذا في أعقاب إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو في حينه بأن المستوطنات لم تعد تخرق القانون الدولي في نظر الولايات المتحدة. كان هدف الإعلان التنكر لرأي قانوني معاكس لوزارة الخارجية الأمريكية صدر في العام 1978 قبيل نشر صفقة القرن ومبادرات أخرى لشرعنة أمريكية للمستوطنات.
وكنتيجة فعلية أولية لإعلان بومبيو، تم في حينه طبخ خطة بين إسرائيل والولايات المتحدة إالغاء “التقييد الجغرافي” في ثلاثة اتفاقات في السبعينيات للتعاون العلمي بين الدولتين. هذه الاتفاقات لم تشمل المناطق التي احتلتها إسرائيل في الضفة الغربية وهضبة الجولان. وهذه الاتفاقات التي مولت مع مرور الزمن آلاف الأبحاث المشتركة بين الدولتين بمبلغ يزيد على 1.4 مليار دولار، وإن كان يجب ذكر أن الاتحاد الأوروبي يمول بمبالغ أكثر من ذلك وما زال يستثني المستوطنات.
ليس صدفة أن تم التوقيع على هذا الاتفاق في مقر الحرم الجامعي في “أريئيل” – الرابحة الأكبر المحتملة من تغيير الاتفاقات، وليس صدفة أن يقف خلف هذه المبادرة شخص آخر لا يثق بالمعجزات، الشخص الذي يربط بين جميع النقاط في المحور السياسي لحياتنا اليوم، الداعم الأكبر على مدى السنين لجامعة “أريئيل”، وهو شلدون أدلسون. وحسب جهات مطلعة على التفاصيل، كان أدلسون من بين الدافعين الرئيسيين لإجراء هذا التغيير في الاتفاقات قبل الانتخابات الأمريكية.
تدقيق أكبر في أقوال فريدمان التي قالها في الاحتفال أمس يكشف لنا كل القصة: “قبل بضع سنوات، طلبت رؤية نسخ هذه الاتفاقات. وما قرأته فاجأني وخيب أملي. فقد كانت تحتوي على تقييد جغرافي وسياسي لا يخدم الهدف”، قال السفير الأمريكي. “هذه التقييدات لم تعد تناسب سياستنا الخارجية. تحت إدارة ترامب وعقيدة بومبيو، لم نعد نرى تجمعات في يهودا والسامرة وكأنها لا تتناسب بالضرورة مع القانون الدولي”.
لقد أضيف إلى الموقف القديم لفريدمان، المؤيد المتحمس لمشروع الاستيطان والذي يقول إنه لا يوجد هناك أي شيء سياسي كما يبدو في المستوطنات نفسها، بل في معارضتها فقط، أضيف تفسير آخر يمكن اعتباره نقيضاً تاماً للواقع، بأسلوب لا تقدر عليه سوى إدارة ترامب: “بروح اتفاقات إبراهيم (الاتفاقات مع دول المنطقة بوساطة أمريكية) نؤكد، ضمن أمور أخرى، على التعاون الأكاديمي كأفضل طريقة للسلام بين إسرائيل والدول المجاورة لها أو بين إسرائيل والفلسطينيين”. في عالم السلام الذي اخترعه (يتجاهل فريدمان وجود جامعة “أريئيل”) ليس هناك تعاون بين إسرائيل والفلسطينيين مطلقاً، بل استمرار لنهب الفلسطينيين برعاية أمريكية.
وقدم تفسيراً لحقيقة أن هذه العملية كانت أطول مما اعتقد – وفجأة نضجت قبل أسبوع من الانتخابات التي من شأنها أن تغير الرئيس: “لقد بدأت قبل سنة بإجراءات لتغيير هذا. اعتقدنا أن هذا سيحدث خلال بضعة أسابيع، لكن هذا اقتضى تدخل عدة أذرع في الإدارة، الأمر الذي استغرق وقتاً. أنا مسرور أنه لم يكن هناك أي معارضة مبدئية لذلك. وها نحن الآن في جامعة “أريئيل” التي ستكسب من ذلك بصورة مباشرة. ما زلنا نستثمر الأموال حسب معايير مهنية، لكننا لم نفعل هذا حسب الموقع الجغرافي. نقوم بعملية عدم تسييس لما لا يجب أن يكون سياسياً”. أي أن الولايات المتحدة لم تعارض أي شيء طوال سنة كاملة لأسباب مبدئية، لا سمح الله. هذه كانت إجراءات بيروقراطية. ورغم أنني أعلن الآن بأن “أريئيل” ستكسب من ذلك مباشرة، فمن الواضح أننا لن نحابيها في التمويل.
التوقيع على الاتفاقات التي ستفيد جامعة “أريئيل” هو عملية اختطاف واضحة قبل الانتخابات على طريقة نتنياهو وفريدمان وأدلسون، الذين لا يعتمدون على المعجزات التي ستبقي ترامب في البيت الأبيض. لم تتحول المستوطنات إلى قانونية من وجهة نظر القانون الدولي لأن بومبيو قال بأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين لن يزدهر بفضل تمويل المستوطنات، والشيء السياسي من أساسه لم يمر بأي عملية “عدم تسييس”. الحديث يدور عن ضم فعلي زاحف آخر للمستوطنات برعاية إدارة تخاف من اختفائها قريباً.