نشر مركز الميزان لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، تقريرًا يسلط الضوء على أشكال التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها عشرات الأطفال الفلسطينيين الذين حاولوا اجتياز السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل في الفترة الممتدة من عام 2015 إلى 2019.
وبحسب عمليات الرصد والتوثيق التي نشرها المركز في تقريره تحت عنوان "تعذيب وإساءة معاملة الأطفال الفارين من الكارثة الإنسانية في قطاع غزة"، فإن سلطات الاحتلال استخدمت القوة المفرطة والمميتة ضد الأشخاص الذين يحاولون اجتياز السياج الفاصل رغم قدرتها اللامحدودة على التحقق من كونهم لا يشكلون خطرًا من أي نوع.
وبين أن قوات الاحتلال قتلت (8) أطفال من مجتازي السياج وأصابت (6) آخرين، واعتقلت (96) آخرين.
وتمكن باحثو المركز خلال إعداد هذا التقرير من مقابلة 91 من هؤلاء الأطفال للحديث عن تجاربهم، حيث أكد الأطفال تعرضهم لشكل من أشكال التعذيب، أو سوء المعاملة، أو الإساءة بما فيها التمييز والإهمال من قبل السلطات الإسرائيلية، وبدرجة أقل من السلطات الفلسطينية خلال تجربتهم، بداءً من اعتقالهم في المنطقة العازلة (المنطقة مقيدة الوصول)، مرورًا باحتجازهم واستجوابهم من قبل سلطات الاحتلال، وانتهاءً بتوقيفهم لدى السلطات الفلسطينية عند عودتهم إلى قطاع غزة.
وأفاد الأطفال أن القوات الإسرائيلية اعتدت عليهم بالضرب بالأيدي وأعقاب البنادق، هذا بالإضافة إلى تعرضهم للشتم والإهانة وإجبارهم على الجلوس في وضعيات مؤلمة أثناء عملية الاعتقال والنقل، كما أفادوا باستخدام السلطات الإسرائيلية لأساليب إكراه متنوعة أثناء فترة الاحتجاز والتحقيق تضمنت الحرمان المطول من النوم والاعتداء بالضرب والإذلال والإهانة.
وأفاد بعض الأطفال بحرمانهم من الطعام والشراب، ومنعهم من الدخول إلى المرحاض أثناء فترة احتجازهم لدى السلطات الإسرائيلية.
يذكر أن طفلين أفادا بأن المحققين عرضوا عليهما العمل كمخبرين للاحتلال.
وأظهرت نتائج المسح أن (70) طفلاً تعرضوا للتوقيف لدى السلطات الفلسطينية بعد أن أطلقت السلطات الإسرائيلية سراحهم، حيث أكد (22) طفلاً أنهم تعرضوا للضرب والإهانة أثناء احتجازهم لدى السلطات الفلسطينية بغزة.
واستعرض التقرير الأسباب التي دفعت الأطفال لاجتياز السياج الفاصل وتعريض أنفسهم للخطر، فقد أفصح (59) طفلاً أن الدوافع الأساسية كانت أوضاع أسرهم الاقتصادية المتردية، بينما أشار (11) طفلاً بأن العنف الأسري الذي يتعرضون له من الأسرة هو الدافع خلف مخاطرتهم في اجتياز السياج، فيما أشار (4) منهم بأن الأوضاع الاقتصادية والعنف الأسري كلاهما شكلا دافعًا، فيما تباينت دوافع باقي الأطفال بين غياب المأوى الملائم، وحالة الاكتئاب، وأسباب خاصة لم يفصحوا عنها.
كما وكشفت النتائج أن ما نسبته (71%) من أسر الأطفال مجتازي السياج هي من العائلات الكبيرة التي يتجاوز عدد أفرادها سبعة أشخاص، وأن (78%) من العائلات لا يتجاوز دخلها الشهري (1000) شيكل، كما أن (65) طفلاً من الذين اُعتقلوا لدى اجتيازهم للسياج الفاصل كانوا من فئة (المتسربين) الذين تركوا مقاعد الدراسة ولم يواصلوا تعليمهم.
وتشير نتائج التقرير إلى استخدام أساليب التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة ضد الأطفال على نطاق واسع وبطريقة منظمة ومؤسساتية.
وناشد مركز الميزان لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي بالتدخل الفاعل لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.
وقال "يجب على المجتمع الدولي ضمان إجراء تحقيقات سريعة وشاملة ونزيهة وفقًا للمعايير الدولية، وتقديم مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال إلى العدالة".
ودعا المركز، المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل تطبيق تشريعات فعالة تجرم التعذيب بشكل كامل بما يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب في إسرائيل وفلسطين.
وقال "يتعين على المجتمع الدولي أن يدين علنًا ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تشكل انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي".
وحث المركز، المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان احترام القانون الدولي، وتوفير الحماية الفعالة للأطفال، ووقف استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للقوة المفرطة، وممارسة التعذيب وسوء المعاملة.
وأوصى مركز الميزان لحقوق الإنسان، السلطات بغزة التوقف عن ممارسة جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة إزاء الأطفال، والتوقف عن تجريم الأطفال "المتسللين" عند عودتهم إلى غزة، والتعامل معهم كضحايا، بمن فيهم من تم تجنيدهم بالإكراه كمخبرين للأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ودعا إلى تقديم المساعدة وإعادة تأهيل الأطفال وتوفير خدمات الحماية الاجتماعية لأسرهم، وتقديم الدعم اللازم للقضاء على العنف الأسري والتصدي له.
وقال "يتعين على وزارة التربية والتعليم والمؤسسات الخدماتية في قطاع غزة أن تضع برامج تعليمية وثقافية لحماية حق الأطفال المتسربين من المدارس في التعليم ويجب أن تعالج أسباب التسرب".
وأضاف "على السلطات أن تتخذ جميع الإجراءات الممكنة، حتى في سياق الاحتلال والحصار، لتطبيق معايير معيشية لائقة، بما في ذلك توفير الرعاية الصحية والغذاء والخدمات التعليمية للسكان، حتى لا يضطر الأطفال إلى اللجوء إلى خيارات تهدد سلامتهم، مثل اجتياز السياج الفاصل".