المحرر محمد العامر يروي تجربته النضالية بين المطاردة والاصابة والاعتقال

الجمعة 16 أكتوبر 2020 06:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
المحرر محمد العامر يروي تجربته النضالية بين المطاردة والاصابة والاعتقال



رام الله /سما/

في سن 14 عاماً،عاش أصعب اللحظات وشاهد أقسى الصور، الجرافات الاسرائيلية تهدم منزل عائلته عقاباً وانتقاماً،بعد اعتقال شقيقه زياد العامر،قائد ومؤسس مجموعات "الفهد الأسود" الجناح العسكري لحركة "فتح " في انتفاضة الحجارة، فلم يتأخر الطالب محمد إبراهيم العامر عن تأدية واجبه النضالي، فاختار طريق النضال والمقاومة على خطى شقيقه القائد زياد . ورغم صغر سنه ، طارده الاحتلال حتى اعتقل وعمره 15 عاماً مع إبن خاله المناضل زكريا الزبيدي . ومن يومها، لم يتوقف الاحتلال عن استهدافه وعائلته التي قدمت الشهيد والجريح ولم يسلم أحد منها من المطاردة والاعتقال الذي تذوق مرارته عدة مرات .. كان آخرها رغم حصوله على عفو رسمي من الاحتلال الذي زجه خلف القضبان حتى انهى محكوميته ، وقبل أن تكتمل فرحته بالحرية وعودته لعائلته المكونة من 6 افراد ، اعتقل الاحتلال ولديه البكر أيسر وأيهم وزجهما خلف القضبان .

عائلة مناضلة ....

في مخيم جنين ، أبصر الأسير المحرر محمد العامر النور ، قبل 45 عاماً ، عاش معاناة أبناء شعبه وجيله بفعل ممارسات الاحتلال وخاصة شقيقه المناضل زياد الذي كان من أوائل الذين تمردوا على الاحتلال وحمل راية المقاومة كما يقول محمد :" انتمى زياد لحركة فتح ، وعندما ارتكب الاحتلال الجرائم والمجازر خلال انتفاضة الحجر ، أسس مع رفاقه مجموعات الفهد الاسود، فقاوم حتى اعتقل وهدم منزلنا وحوكم بالسجن المؤبد وتحرر في صفقة أوسلو وتزوج وأسس اسرة ." ويضيف :" شارك كل اخواني في مقاومة الاحتلال وتعرضوا للمطاردة والاعتقال في الانتفاضة الاولى ، وعندما اندلعت شرارة انتفاضة الاقصى ، تقدم زياد الصفوف وساهم في تأسيس وقيادة كتائب شهداء الاقصى ومقاومة الاحتلال حتى استشهد في اليوم الاول من معركة نيسان عام 2002 في مخيم جنين، والتي ارتقت خلالها عمتي سميرة الزبيدي وابنها القائد طه الزبيدي ، بينما اعتقل نجليها يحيى وجبريل وبقي زكريا مطارداً ومستهدفاً.. وادرج الاحتلال اسمي ضمن قائمة المطلوبين ."

اعتقالات متتالية .....

وسط هذا الواقع ، نشأ وكبر محمد ، وخلال تعليمه في مدارس وكالة الغوث ، التحق في صفوف حركة "فتح "، واصبح ناشطا في مقاومة الاحتلال في ذروة تصاعد وتيرة انتفاضة الحجر ، ويقول :" ربتنا والدتي المناضلة على قيم النضال والانتماء للوطن والارتباط بالارض ورفض الاحتلال والتمسك بحق العودة، فشاركت مع رفاقي المناضلين في المسيرات والمواجهات حتى اصبحت مطلوباً ." ويضيف :" اعتقلت المرة الاولى عام 1990 ، وأنا بعمر 15 عاماً ، تعرضت للتحقيق وحوكمت لمدة عام قضيتها في قسم الاشبال ، وبعد تحرري عدت للمدرسة لاكمال دراستي الثانوية ، لكن بعد عام ، اعقلني الاحتلال مرة ثانية وامضيت خلف القضبان عامين ونصف العام ".

انتفاضة الاقصى ....

تزوج محمد ورزق بالابناء واكمل حياته حتى اندلعت انتفاضة الاقصى ، فأصبح وشقيقه زياد واصهاره رائد وخضر وفادي ضبايا وابناء خاله زكريا ويحيى وطه الزبيدي مطلوبين للاحتلال . ويقول:" لم يكن امامنا خيار سوى مقاومة الاحتلال وخوض المعركة ، فشاركت في الدفاع عن شعبنا والمخيم بقيادة شقيقي القائد زياد حتى أصبحت مطلوباً مثله، واصبحت محروماً من رؤية عائلتي واطفالي. " ويضيف :" استشهاد زياد في اليوم الاول من معركة المخيم شكل صدمة لنا ، لكنه حفزنا على مواصلة المشوار ، فاستمر الاحتلال باستهدافي حتى تعرضت للاصابة برصاص الوحدات الخاصة في قدمي اليمني عام 2005 ،عندما اقتحمت بيت عزاء الشهيد فداء قنديل اثناء تواجد مجموعة من المطاردين وقادة المقاومة بهدف اغتيال إبن خالي قائد كتائب الاقصى انذاك زكريا الزبيدي. " ويكمل :"اطلقت الوحدات الخاصة النار بغزارة ، فاستشهد الابطال اسامة الطوباسي وعمار الحنون ومحمود السعدي وأحمد نغنغية ، وأصيب 17 شاباً بجراح ما بين متوسطة وطفيفة ، وقضيت عدة شهور في العلاج من اثر الاصابة ونجا زكريا من الموت ."

العفو والغدر .....

خلال الانتفاضة ، استشهد كل من شقيقي زوجته فادي ولؤي ضبايا وهما من قادة ومقاتلي كتائب شهداء الاقصى ، كما نجا محمد وزكريا الزبيدي من عدة محاولات اغتيال، وفي ظل الحديث عن التهدئة وترتيب الاوضاع والعودة للمفاوضات ، وافق الاحتلال على العفو عن المطلوبين من الكتائب ، شريطة التزام "المقاطعة" وعدم حمل السلام والمشاركة في أي فعاليات . ويقول محمد :" التزمنا بشروط الاتفاق حتى حصلنا على عفو كامل مع السماح بالعودة لمنازلنا وممارسة حياتنا ، فعشنا بشكل طبيعي حتى تعرضنا للغدر من قبل الاحتلال الاسرائيلي ." ويضيف :"في مطلع عام 2013 ، حاصرنا الاحتلال دون مبرر ، واعتقلني مع اصدقائي شادي ابو صويص ومحمد نغنغية ورائد ضبايا وعلى الفور ألغى العفو عنا رغم التزامنا بالاتفاق ونقلونا للتحقيق ".

خلف القضبان ....

فشلت كل جهود السلطة الوطنية بالافراج عن محمد ورفاقه والالتزام بقرار العفو ، ويقول: " تم اثارة قضيتنا على اعلى المستويات ، لكن الاحتلال اصر على اعتقالنا والتحقيق معنا ، فاحتجزت 50 يوماً في أقبية التعذيب في سجن الجلمة وتعرضت للتحقيق على تهم تتعلق بالقضايا التي حصلنا على عفو عنها." ويضيف :" على مدار 20 شهراً عانيت بين المحاكم حتى حوكمت بالسجن الفعلي لمدة 3 سنوات وغرامة مالية بقيمة 2000 شيكل ، وتنقلت مابين سجني مجدو وجلبوع حتى افرج عني ." وهكذا ، انضم لانسبائه من قادة كتائب الاقصى رائد ومحمد وخضر ضبايا الذين سبقوه للاعتقال في سجون الاحتلال بعد رحلة مطاردة طويلة عبر الانتفاضة .

حياة صعبة ....

يصف الأسير المحرر محمد العامر الحياة الاعتقالية خلف القضبان ، بانها صعبة جدا على صعيد السياسة والمعاملة والممارسات والعقوبات التعسفية خاصة المنع الأمني الذي يطال غالبية الأسرى " . ويضيف :"في بداية اعتقالي ، منعوني من الزيارات 6 شهور ، وهذه مرحلة مؤلمة واصعب من السجن والتحقيق خاصة عندما تجلس وحيداً في الغرفة وتشاهد باقي الاسرى يزورون حيث يتحكم السجان بحياتنا ." ويكمل :" بعد معاناة تمكنت من رؤية اسرتي ، لكني اعيش اليوم نفس الوجع لان الاحتلال يحرمني من زيارة ابني الأسير ."

وجبات الطعام .....

يوضح المحرر محمد ، أن الأسرى يعيشون على حسابهم في السجون بسبب سوء وجبات الطعام نوعاً وكماً ، ويقول :" يتعمدون تقديم الطعام السيء حتى نشتري من الكانتينا على حسابنا الخاص باسعار عالية ومرهقة للاسير وعائلته ، ونقوم بطهي الطعام على البلاطة داخل الغرف وهناك تعاون بين الاسرى لنعيش حياة طبيعية بالحد الادنى. " ويضيف :" حتى الملابس منعتنا الادارة من ادخالها ولا يوجد امامنا خيار سوى الشراء من الكانتينا باسعار باهظة جدا ، كذلك ، ادوات التنظيف لا توفرها الادارة ونعاني من انتشار الحشرات والبق وغيره ."

الاهمال الطبي ....

ويؤكد المحرر العامر ، على اهمية الدعم المستمر للاسرى المرضى الذين يتعرضون للموت البطيء من خلال الاهمال ورفض علاجهم ، مشيراً الى المخاطر الكبيرة التي تواجه المصابين بامراض مزمنة ومضاعفات دائمة ، ويقول :" العلاج يقتصر على حبوب الاكامول لكل انواع المرض ، ولا يوحد رعاية طبية والمريض ينتظر فترة طويلة للخروج للعيادة التي لا توفر الادوية والطبيب المختص." ويضيف: " بالم اقول: كل أسير معرض للموت او انتكاسات خطيرة بسبب سياسة الاهمال الطبي المبرمجة. "

السجان الحاقد ....

"بالامل والارادة والعزيمة ، يواصل الأسرى حياتهم في غرفهم الاعتقالية ".. يقول المحرر محمد " فرغم القصص المؤلمة لكل واحد منا ، الا اننا نسعى لاستعادة الفرح ومواصلة الحياة بطقوسنا وتقاليدنا ولقضاء وقت جميل نغادر فيه دائرة الوجع وذكريات الالم ، لكن الاحتلال ينغص علينا اوقاتنا المرحة والفرحة بالمداهمات والقمع والتنكيل والعقوبات ." ويضيف : " يريد أن يتحكم السجان الحاقد حتى بضحكاتنا لانه لايريد ان يرى الفرحة على وجوهنا كونها تعبر له عن قوتنا وصلابتنا وحبنا للحياة والفرح وفشل محاولاته لحبس ارواحنا وانفاسنا ، لكننا نصبر ونتحدى ونستمر لان حياتنا وضحكاتنا رغم الامنا ستبقى بارقة امل لكل سجين خلف تلك القضبان" .