رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، جاكي حوغي، أنّ المملكة السعوديّة ليست في عجلة من أمرها للانضمام إلى قطار التطبيع، وتذويب العلاقات مع إسرائيل، وهي تعرف السبب، لأنه بالنسبة للدولة العربية القوية في الخليج التي وضعت أساس “المبادرة السعودية”، من الصعب الدخول في تحالف مع اليهود، على الأقل حاليًا، كما أكّد في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة.
وتابع حوغي، الذي يعمل مُحلّلاً للشؤون العربيّة في إذاعة الجيش الإسرائيليّ أنّ موكب الدول العربيّة التي تعمل على إذابة العلاقات مع إسرائيل يطرح سؤالاً: لماذا لا تبدو السعودية في عجلة من أمرها للتطبيع، مع أنّها رأس الحربة في مثلث يضُمّ الإمارات والبحرين، وتمّ الاتفاق على إقامتهما لعلاقات مع إسرائيل بالتشاور الوثيق مع السعودية، وموافقتها، ورحبّت العائلة المالكة بصمت بهذا التقارب، لكنها ليست مستعجلة بالانضمام للعربة، على حدّ تعبيره.
ولفت المستشرق الإسرائيليّ إلى أنّ السلام بين حكومة نتنياهو وأهّم نظام عربيّ في الخليج سيخلط الأوراق بميزان القوى في الشرق الأوسط، لأنّه سيُشكِّل ختم موافقةٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ على حقّ إسرائيل في الوجود، مُضيفًا في الوقت عينه أنّ السلام بين دولة الاحتلال وإسرائيل سيُوجِّه ضربةً قاضيةً إلى حلم الدولة الفلسطينية داخل حدود 1967، لذلك، ولأسباب أخرى، جزم المستشرق، ستكون مفاجأةً كبيرةً إذا قال السعوديون نعم، لأنّها في هذه الحالة تحتاج المملكة لإدارة ظهرها لمبادرتها، أيْ مبادرة السلام العربيّة، التي قدّمتها السعوديّة في العام 2002 وأقرّها مؤتمر القمّة العربيّة، الذي عُقِد في بيروت، وتمّ إعادة إقرارها في مؤتمر القمّة بالرياض عام 2007.
مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، شدّدّ المُستشرِق الإسرائيليّ على أنّه في الوقت الذي كسرت الإمارات والبحرين قاعدة “الأرض مقابل السلام”، حين ذهبتا نحو “السلام مقابل السلام”، فإنّ السعودية حتى تتمكّن من السير بهذا المسار، عليها أنْ تكسر أغلال المبادرة التي أصدرتها بنفسها، ومثل هذه الخطوة ستنظر في الشارع العربيّ كانعطاف مؤسف، وتخلّي عن الأقصى والفلسطينيين، رغم افتخار العاهل السعودي بلقب “خادم الحرمين”، فكيف سيتخلى عن القدس، ذات المرتبة الثالثة بقداستها، طبقًا لأقواله.
وساق قائلاً إنّ إسرائيل تتجاهل هذه المعاني، لأنّه داخل المملكة ذاتها، وعلى نحوٍ خاصٍّ بين رجال الدين، توجد جيوب من العداء التاريخيّ والدينيّ تجّاه اليهود، ولا تزال الصناديق الخيرية في السعودية ورجال الأعمال الأثرياء يقومون بتمويل حركة حماس، وستكون مفاجأةً كبيرةً إذا نجح وليّ العهد محمد بن سلمان بإقناع والده المُسّن، الملك سلمان، بالموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على حدّ قوله.
وأشار إلى أنّ الرياض ليست بحاجة لإذابة الجليد في العلاقات مع تل أبيب على المدى القريب، ولا تحتاج لتعبيراتها الدافئة، وجماهير الإسرائيليين الذين سيغرقون مدنها، لأنّها في أيّ خطوة تطبيع ستُطالِب إسرائيل بتنازل ملموس يمكن تقديمه لجماهير العرب والمسلمين، وتبرير هذا التغيير الجذري في مواقفها.
وكشف المُستشرِق النقاب عن أنّه شارك قبل حوالي أسبوعيْن مع زملائه الإسرائيليين لحضور اجتماعٍ فريدٍ مع صحفيين عرب وخليجيين، ووصف اللقاء: “ساعتان من الخطاب تهدف لإثراء كلّ طرفٍ بتوقعات ونصائح الطرف الآخر، وفي اليوم التالي شاهدت جموع القراء العرب يعلقون على اللقاء، ونحن نستمع ونراقب، مع أنني لا أتذكر مثل هذا اللقاء مع صحفيين مصريين وأردنيين، وإن حدث، ففي الظلام بعيدا عن الأضواء، أكّد حوخي.
واختتم مقاله بصحيفة (معاريف) العبريّة قائلاً إنّ الأصدقاء العرب والخليجيين الجدد كشفوا لمضيفيهم الإسرائيليين عن تعرّضهم للهجوم في بلادهم لدعمهم للسلام مع إسرائيل، ودعوات ضدّ مَنْ يطبع معها، وبعضهم طلب تجميع قائمة سوداء لاتخاذ إجراءات ضدهم، بل إنّ بعض الكتاب العرب توقع أنْ يصبح الصحفيون العرب المشاركون في هذا اللقاء التطبيعيّ عملاء لجهاز الموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة)، وسيُكتب اسمه في كتاب الخيانة كشخصٍ باع ضميره وروحه مقابل ثمنٍ باخسٍ، على حدّ وصفه.
يُشار إلى أنّ أكثر من عشرة من كبار المتخصصين في مجال الاتصال، والصحافيين والأكاديميين من الوطن العربيّ، بما يشمل أشخاصًا من دول غير مطبِّعة مع إسرائيل، شاركوا في اللقاء، الذي أتى على ذكره المُستشرِق حوغي، كان عُقِد قبل أسبوعين منتدى غير مسبوق لمناقشة دور وسائل الإعلام في إحلال ما أطلق عليه الموقع السلام في الشرق الأوسط مع صحفيين إسرائيليين والعديد من كبار المسؤولين الحكوميين.
ولم يقتصر المشاركون العرب على الدول المُطبّعة مع إسرائيل، فبالإضافة للإمارات والبحرين، انضمَّ إعلاميون من السعودية والسودان والجزائر، وخلال اللقاء قال وزير التعاون الإقليميّ الإسرائيليّ أوفير أكونيس إنّ هذه محادثة تاريخية، مثلما كان توقيع اتفاقية السلام مع الإمارات والبحرين تاريخيًا، طبقًا لأقواله.