معاريف - بقلم: ران أدليست
انتهى موعد اعتذارات يوم الغفران، ولكن لم يفت بعد طلب الاعتذار من الفلسطينيين، بصفتهم بشراً وشعباً. فالحساب الدموي الجدير بالاعتذار من جانبنا (فليجر الفلسطينيون حسابهم الدموي، أما يوم الغفران فمخصص لحساب اليهود الذاتي) هو كالآتي: وفقاً لحساب “بتسيلم”، قتل منذ كانون الثاني 2009 وحتى 31/آب/2020 نحو 3.530 فلسطينياً بنار الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن (بما في ذلك في قطاع غزة وفي حملة الجرف الصامد). ترى سياسة حكومات اليمين أن هناك تهديداً وجودياً من جانب الفلسطينيين، ولهذا علينا أن نقضي عليه قبل أن يكبر (عدد القتلى، ولفخار دولة إسرائيل، يتضمن 694 قاصراً و324 امرأة ولا يتضمن 28 فلسطينياً قتلوا على أيدي مواطنين إسرائيليين).
والآن عودوا إلى الوراء واعرضوا قتلى مملكة داود: 3.532 فلسطينياً، كم منهم قنابل متكتكة ومخربون خرجوا للقيام بالعمليات لاعتبارات سياسية تهدد وجود دولة إسرائيل؟ كم منهم راكموا الغضب العام و/ أو الثكل الشخصي وخرجوا للانتقام؟ لم نتحدث بعد عن الملايين الذين يعيشون في واقع النظام العسكري العنيف، الذي يبعث مقاومة شرعية ويثير إحساساً إنسانياً أساسياً بالهوية وبحرية التعبير والحركة.
للحظة، دعكم من عدد التصفيات، المركزة أكثر أو أقل، في صالح قصص الحياة اليومية الصغيرة التي تبني واقعاً إلى جانب الجثث. فيلم قصير نشر في موقع “بتسيلم” يظهر كيف أن بضعة فتيان من مستوطنة كريات أربع (هكذا قدموا في الموقع)، اقتربوا قبل نحو شهر، في ليل 11 أيلول، من بيت فلسطينية وأطفالها، وبجوار حيهم… رشقوا الحجارة وأداروا حواراً تضمن شتائم وتعابير قاسية أطلقت نحو سكان البيت، بما فيها “خنزير”. ساد البيت صمت في هذا الوقت. وثمة مستوطن آخر يشتم محمد بفظاظة، وآخر يهتف: “اسكت يا حقير”. ومستوطن آخر ينطلق إلى الأمام، يدير ظهره إلى البيت ويكشف مؤخرته: “إذا كان لديك كلمة فقولي”، وهذا يستمر ويتدهور. البيت لا يرد… ويتواصل رشق الحجارة.
ظاهراً، لا صلة بين التنكيل على أساس يومي وبين سياسة الحكومة. وعملياً، يدور الحديث عن أوان مستطرقة هدفها طرد الفلسطينيين في صالح المستوطنين في كل أرجاء الضفة الغربية. في بعد واسع لنشاط جهاز المخابرات والجيش الإسرائيلي، يدور الحديث ظاهراً عن حرب ضد الإرهاب، أما عملياً، فيدور الحديث عن سياسة ضغط من حكومة تستغل قوات الأمن وترفض التوجه إلى المفاوضات على تسوية سلمية أو ترتيب عسكري – كل وضع يستوجب الهدوء… وهذا يسمى احتلالاً، أو اغتسالاً – إذا كنتم تصرون على أن الرب أعطانا البلاد، وسيغفر لنا كل خطايانا في كل يوم غفران سنوياً.
نوصي من يملك معدة حديدية وضميراً مبطناً وسأم “أعياد تشري”، بالدخول إلى موقع “بتسيلم” أو الانضمام إلى مسيرة الاحتجاج الكبرى. هذا ليس احتجاجاً ضد نتنياهو فقط، وإن لم تفهموا، فالاحتجاج ضد الوضع، والاحتلال جزء من الوضع. لن تروا هناك كتلة من “الكيبات المنسوجة”، وبالتأكيد ليس عباءات الدين. فلهؤلاء رب خاص بهم، وسبله الخفية لتحقيق طلبهم.