قال مركز الميزان لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، إن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، تشهد تدهورًا خطيرًا في أعقاب تنفيذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الإجراءات العقابية ضد مليوني فلسطيني بالقطاع.
وأشار المركز، في بيان صحفي له، إلى أنه بعد إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري المخصص لنقل السلع والبضائع قلصت سلطات الاحتلال مساحة الصيد من (15) ميلاً بحريًا إلى (8) أميال، ثم أعلنت فجر يوم الخميس الماضي، حظر دخول الوقود إلى القطاع، وعلى إثر هذه القرارات نفد مخزون الوقود، وتوقفت اليوم محطة الكهرباء عن توليد الطاقة بالكامل، ثم أعلنت إغلاق البحر بالكامل.
ولفت المركز، إلى أنه مع توقف محطة الكهرباء اليوم، خسرت شركة التوزيع حوالي (60-65) ميغا واط، وستضطر إلى توصيل التيار لمدة (3-4) ساعات، مقابل فصل لمدة (16) ساعة يوميًا للسكان، نتيجة العجز في الطاقة الكهربائية.
وتقدر حاجة القطاع بحوالي (622) ميغا واط في وقت الذروة (وفقا لتقرير شركة توزيع كهرباء محافظات غزة لعام 2019)، ونظرًا لأن المتوفر حاليًا لا يتجاوز الـ(120) ميغا واط، فإن نسبة العجز ارتفعت إلى (80%).
وقال "إن أزمة النقص الحاد في الطاقة الكهربائية سيكون لها أثر سلبي بالغ على حياة السكان وسيؤثر على التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسيفاقم من تدهور الخدمات الصحية في قطاع غزة".
ولفت إلى أن الأزمة ستطال المستشفيات والخدمات الأساسية التي تقدمها البلديات، والتي تعاني من أزمات مالية وضعف قدرتها على توفير الوقود اللازم لتشغيل المولدات الاحتياطية لسد العجز في التيار الكهربائي.
وتحرم هذه الإجراءات السكان من الحصول على مياه الشرب، بخاصة وأن الأزمة تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث أعلنت البلديات أن جدول توصيل مياه الشرب سيشهد عدم انتظام وصعوبة في توصيلها إلى المنازل، كما ستتوقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي عن العمل، مما ينذر بكارثة بيئية وصحية، حيث تضطر البلديات إلى ضخ مياه الصرف الصحي إلى شاطيْ البحر من دون معالجة. كما جاء في بيان المركز.
كما سيكون للإغلاق التام تأثيرات عميقة على مجمل القطاعات الخدمية والاقتصادية، لاسيما قطاع الصحة وخدمات المستشفيات، وخدمات المجالس البلدية، التي أصبحت تواجه صعوبات في تقديم الخدمات وستسبب الأزمة في خسائر لأصحاب المنشآت التجارية والصناعية، التي تضاعفت كلفة انتاجها، علاوة على الأثر السلبي على توفر السلع والمواد الأساسية وأسعارها في السوق المحلية في حال استمر الإغلاق. بحسب البيان.
وتأتي هذه القرارات العقابية الجديدة في ظل استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي بفرض حصارها المشدد على القطاع منذ 14 عامًا، والذي خلف معاناة حقيقية لنحو مليوني فلسطيني، وخلق واقعًا مأساويًا يصعب التكيف أو التعايش معه، بخاصة في ظل المؤشرات الاقتصادية المُقلقة الناجمة عن تراجع معدل الصادرات وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وباتت نسبة كبيرة من السكان تواجه صعوبات في تأمين حاجاتها الأساسية من الغذاء ومياه الشرب النظيفة، ومن المتوقع أن تزداد نسبة العاطلين عن العمل في ظل أزمة الكهرباء. وفق البيان.
وأشار المركز إلى أن قطاع غزة يشهد تراجعًا حادًا في مؤشرات الخدمات الصحية، مقارنة مع عام 1996، سواء التراجع في أعداد الأسرّة أو الأطباء و الممرضين والعاملين الصحيين.
وعبر مركز الميزان لحقوق الإنسان، يعبر عن قلقه العميق لتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية وسط صمت المجتمع الدولي، محذرًا من العواقب الوخيمة لهذه التطورات، التي قد تفضي إلى تجدد الصراع المسلح، الذي يدفع المدنيين كلفته الباهظة من حياتهم.
وطالب المركز، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والفاعل للضغط على سلطات الاحتلال لإرغامها على وقف اجراءاتها العقابية، واحترام مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، انطلاقًا من مسئولياته القانونية والأخلاقية.
وشدد على ضرورة العمل من دون إبطاء على إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.
ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي وزيادة حجم المساعدات والمنح، وإيلاء الاعتبار لمتطلبات النمو في القطاعات الاقتصادية، كي يتمكن سكان قطاع غزة من التغلب على الأزمات ووقف التدهور المتسارع في الأوضاع الإنسانية، وتجنيب المدنيين كارثة حقيقية.